أصبحت مصر، من أكثر دول العالم تقدمًا في إنتاج الأرز، حيث حققت طفرة هائلة في هذا المجال، واستنبطت سلالات جديدة قادرة على تحمل ملوحة الأرض ونقص المياه، وتعطي إنتاجية أكبر باستخدام كميات أقل من الأسمدة.
العالم المصري حمدي الموافي
ويقول الدكتور حمدي الموافي، رئيس المشروع القومي لتطوير إنتاج الأرز الهجين والأرز السوبر، تحت ظروف ندرة المياه والتغيرات المناخية، إن مصر كانت تسعى لزراعة أنواع من الأرز ذات فترة نمو قصيرة بهدف تقليل استهلاك المياه، و"نجحنا في ابتكار أصناف من الأرز تقلل استهلاك المياه بنسبة 30%".
وأوضح الدكتور الموافي، وهو وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية سابقا: "أسسنا برنامج الأرز الهجين، وهو محصول يضمن زيادة طبيعية في الإنتاج تتراوح ما بين 25 إلى 30 بالمئة مقارنة بالأصناف التقليدية، حيث ينتج الفدان من 5 إلى 6 أطنان أرز".
وتابع الموافي، "كنا نريد الحصول على إنتاجية عالية مع نقل الصفات التي تساعد النبات على تحمل الملوحة ونقص المياه والتغيرات المناخية، فطورنا الهجين المصري بالتعاون مع مركز بحوث الأرز الدولي، وأدخلنا الأرز العملاق لمصر، وعملنا على تهجين السلالة المصرية بأصناف صينية تهجينا طبيعيا من دون تعديل وراثي، بغرض نقل الجين المسؤول عن الأرز العملاق".
وأكد حمدي الموافي، أن "الأرز العملاق أو السوبر الذي استنبطته مصر، تحمل السنبلة الواحدة منه ما يصل إلى 400 حبة أرز، مقابل 150 حبة في الأرز التقليدي، كما أن الساق سميكة وعملاقة وقوية والجذر متين يتحمل الظروف، ويروى كل 8 أو 10 أيام مقابل كل 4 أيام للأرز التقليدي، فضلا عن إمكانية زراعته في الأراضي التي تعاني الملوحة. نقلنا كل هذه الصفات للأصناف المصرية مع الحفاظ على جودة الحبوب، مما يجعلنا نتحرك نحو زيادة الإنتاجية وإفادة الاقتصاد".
ومن جهة أخرى، لفت الموافي، إلى أن "مصر نجحت في إنتاج 9 أصناف جديدة، منها 3 سوبر وسلالة سخا سوبر 300، وهو أحد المبتكرات التي تقدمنا بها لمعرض جنيف الدولي. جرعة السماد التي يحتاجها هذا الأرز أقل من العادي واستهلاكه للماء أيضا أقل، والأهم أن جودة الحبوب عالية بالمقارنة مع الأصناف الأخرى، كما يتميز أنه جيد في الطهي".
وتابع الموافي، "هذا الصنف له ميزة اقتصادية كبيرة، فالمزارعون الأذكياء يزرعون الأرض بمحاصيل أخرى قبل الأرز مثل الكنتالوب أو البطيخ، أو حتى محاصيل خضراء كالفاصوليا وغيرها، مما يجعلهم يحصلون على مكاسب من محصولين صيفيين في موسم واحد، وفي عام 2021 كانت المساحة المزروعة من هذا الصنف 200 ألف فدان من جملة أصناف الأرز المزروعة، وعندنا أصناف أخرى من السوبر ذات محصول عال، كما استطعنا إنتاج أول هجين مصري قصير القامة مناسب للسوق المصرية، مما يشكل حزام أمان في ظل تقدم مصر في مجال زراعة الأرز. لدينا العشرات من السلالات المتفاوتة، وحزام شمال الدلتا يزرع بالأرز لأنه لا يتحمل أي محاصيل أخرى".
ومؤخرًا حصل الموافي، كرئيس المشروع القومي لتطوير الأرز بوزارة الزراعة المصرية، على الميدالية الذهبية في معرض جنيف الدولي للاختراعات لعام 2022، عن ابتكار تطبيقي باستنباط صنف أزر "سخا سوبر 300" العملاق، الذي يتحمل ملوحة التربة وندرة المياه ويوفر في السماد، كما أن قشه يحتوي على نسبة بروتين ويمكن استخدامه في إنتاج الأعلاف، ويقول إن "هذا الأرز يمكن زراعته في حزام الدلتا، وهي محافظات كفر الشيخ والبحيرة والغربية الدقهلية ودمياط والشرقية، التي تعاني ملوحة الأرض".
كما أشار الموافي، إلى أن "مصر تنتج أرز بسمتي 201، وهي أول سلالة مصرية من البسمتي وتعطي إنتاجية عالية، فإنتاجية الأرز البسمتي الباكستاني تصل في أعلى مستوى لها إلى 3 أطنان للفدان، لكن بسمتي 201 المصري تصل إنتاجيته إلى 4 أطنان للفدان، كما أننا توصلنا إلى هجين بسمتي 11 الذي ينتج من 5 إلى 6 أطنان للفدان، مما يغطي السوق المصرية ويمكن استخدامه في التصدير".
وختم الموافي بقوله؛ "ستقل فاتورة استيراد الأرز البسمتي التي كانت تصل إلى 150 مليون دولار، ويمكن استغلال هذه الموارد في استيراد القمح. الاستثمار والتوسع في إنتاج الأرز البسمتي بمجرد توفر الأموال اللازمة قد يحقق للمنطقة العربية استقرارا غذائيا في ظل التحديات العالمية".