خسائر المزارعين بالمليارات .. "الجفاف" يرفع أسعار المواد الغذائية في أمريكا


الجفاف يهدد الأمن الغذائي في أمريكا والعالم

السبت 23 ابريل 2022 | 02:51 صباحاً
جفاف الأراضي الزراعية
جفاف الأراضي الزراعية
محمود عبدالله

يُعيد الجفاف القياسي، خلط الأوراق بالنسبة للزراعة الأمريكية، وسيزرع مزارع الجيل الثالث في وادي سان واكين، غاري بين، فقط نصف مساحته البالغة 1200 هكتار هذا العام، فليس لديه ما يكفي من المياه للنصف الآخر.

وقال غاري بين، الذي يزرع محاصيل الطماطم، اللوز، القطن، والثوم، مع أبنائه وحفيده على الأرض التي استقر فيها جده في كاليفورنيا في ثلاثينيات القرن العشرين، "نحن نعمل على البقاء أكثر من أي شيء آخر وعلى اجتياز هذا العام، إنه أمر محبط للغاية، وأتمنى أن يبتعد أحفادي عن الزراعة، وهذا شيء محزن".

وتعاني "كاليفورنيا" من أكثر سنواتها جفافًا على الإطلاق، في غرب تكساس، لم ير أحد على قيد الحياة حاليًا هذا القدر القليل من الأمطار، والبحيرة الشاسعة تحت الأرض التي تغذي السهول العظمى، والتي تساعد على إنتاج سدس الحبوب في العالم، آخذة في الانكماش.

جفاف تاريخي

ويُعتبر هذا الجفاف جفاف "تاريخي"، ليس فقط سنة أو سنتين أو ثلاثة من الطقس الجاف، ولكن ظمأ شديد للأمطار، لدرجة أن البعض يقول أنه يجب العودة إلى العام حوالي 1500 ميلاديًا للعثور على مثل هذا الجفاف الذي يمتد من ساحل المحيط الهادئ إلى الشرق، حتى ولاية ميسيسيبي، وويسكونسن، وإلينوي.

ولا يمكن أن يأتي الجفاف في وقت أسوأ، وأسعار المواد الغذائية عالية ومستمرة بالارتفاع، وارتفعت أسعار القمح، بسبب النقص الناجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا.

وبلغ فول الصويا، أعلى أسعاره منذ 10 سنوات، ولم يكن الأفوكادو قط باهظ الثمن منذ التسعينيات، كما أن الجفاف في أمريكا من شأنه أن يدفع هذه السلع وغيرها إلى الارتفاع.

وقال المدير التنفيذي لائتلاف كاليفورنيا، لمياه المزارع المؤيد للزراعة، مايك وايد "سيرى المستهلكون أسعارًا أعلى وخيارات أقل، أو بدائل مستوردة".

وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، فقد أقنع الجفاف المزارعين، من مزارعي الطماطم إلى منتجي الألبان، بالتوقف عن العمل.

وقال وايد "نقطة القرار الأولى هي ما إذا كان لديهم ماء أم لا، لن يحصل العديد من المزارعين على مساعدة هذا العام. إنهم يتخذون القرارات وفقًا لما إذا كان بإمكانهم العثور على المياه لضخها".

وتشير تقديرات منظمة وايد، إلى أن المزارعين يتجهون نحو إخراج المزيد من الأراضي الزراعية في كاليفورنيا من الإنتاج هذا العام، وأن الجفاف سوف يتسبب في أكثر من 3 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية.

وغالبًا ما تتحمل المكسرات المتعطشة للماء، مثل اللوز والفستق، وطأة الأزمة، لكن وايد قال إن صناعة الفواكه والخضروات الطازجة في كاليفورنيا ستتلقى ضربة أكبر لأن المكسرات هي محاصيل ذات قيمة أعلى.

جفاف أكثر شمولاً وشدة بأمريكا

ويُظهر مرصد الجفاف الأميركي أن الجفاف الحالي المتعدد السنوات في غرب أميركا هو "الأكثر شمولاً وشدة" في تاريخ قاعدة البيانات الذي يمتد على 22 عامًا.

يرى أخصائي الأرصاد الجوية وخبير الجفاف، في خدمة الطقس الوطنية والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، ريتش تينكر، "أن لا أخبار جيدة اليوم، وأن الجفاف من المحتمل أن يبقى على حاله لبضعة أشهر أخرى على الأقل، وسيفرض تأثيرات اقتصادية".

وأصبح الوصول إلى المياه معيارًا، يحدد ما إذا كان المزارعون مؤهلين للحصول على قروض، وفقًا لمدير الائتمان المؤسسي وخبير السلع في AgAmerica، أحد أكبر المقرضين الزراعيين غير المصرفيين في الولايات المتحدة، كورت كوفينغتون.

قال كوفينغتون "الزراعة هي أكثر مجال يعول على إدارة المخاطر، ونحن نحاول الابتعاد عن المعاملات حيث نعتقد أن المزارع ليس لديه خطة مياه مستدامة".

وأضاف أن المنتجات التي ستتأثر أكثر من غيرها تشمل الدراق، والخوخ، والنكتارين، المزروعة في مناطق الجفاف الشديد في كاليفورنيا، بالإضافة إلى اللوز والفستق.

ووجدت دراسة من جامعة كاليفورنيا، أن الجفاف في العام الماضي كلف صناعة الزراعة في كاليفورنيا أكثر من 1.1 مليار دولار و14 ألف وظيفة.

وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، الأستاذ المشارك في الهندسة البيئية في الجامعة، جوسو مدلين أزوارا، أن المناخ المتطرف هو "الوضع الطبيعي الجديد، ويتعين على الزراعة إما أن تعطل الأراضي أو تبدل المحاصيل".

وتفتقر بعض مجتمعات كاليفورنيا، وخاصة ذات الدخل المنخفض، وأحياء ذوي البشرة السمراء، إلى المياه النظيفة.

وقد احتاج نحو 12 ألفًا من سكان الوادي الأوسط في الولاية إلى المياه خلال الجفاف في الفترة المتراوحة من 2012 إلى 2016، كما أن الآلاف نفذ من عندهم الماء العام الماضي.