الحرب في أوكرانيا والارتفاع الرهيب في أسعار السلع يهددان الاقتصاد العالمي


السبت 12 مارس 2022 | 02:00 صباحاً

يواجه الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من أزمة وباء كورونا، تهديد الحرب في أوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار المواد الأولية، مبددًا الآمال التي برزت مطلع العام الجاري 2022.

ويرى ياكوب كيركيجارد العضو في مجموعة German Marshall Fund للأبحاث في بروكسل أن “الحرب اندلعت في وقت كانت أوروبا والولايات المتحدة تستفيدان من تعافٍ ممتاز”.

وأقرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بأن الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ منذ أسبوعين فقط، “يزيد بشكل كبير” المخاطر.وخفض المركزي الأوروبي بـ0,5 نقطة مئوية توقعاته للنمو عام 2022 في منطقة اليورو، ليصبح 3,7%.

ويعتزم صندوق النقد الدولي أيضًا خفض توقعاته على صعيد العالم.

كذلك خفّضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني توقعاتها بـ0,7 نقطة إلى 3,4% بسبب الانهيار المرتقب للناتج المحلي الإجمالي الروسي وارتفاع أسعار الطاقة.

ويقدّر الخبير الاقتصادي لدى معهد Bruegel جان-بيزاني فيري أن الحرب ستكلف الاتحاد الأوروبي 175 مليار يورو بسبب تأثير فاتورة الطاقة واستقبال اللاجئين والدعم المالي.

ومع ذلك لا داعي للخشية من ركود كبير. لكن كيركيجارد يتحدث عن خطر حدوث ركود تضخّمي، وهو ظاهرة تحدث عندما يترافق النمو الضعيف مع معدّل تضخم مرتفع.

إلا أن تفشي الوباء مجددًا في الصين يثير القلق. ويقول كيركيغارد إن “هذا الغموض كبير بقدر حجم الحرب على الأقلّ”.

هذا التضخم مستمرّ منذ عام. فقد كان في البداية مرتبطًا باضطرابات سلاسل الإمداد بسبب أزمة الوباء ويعكس اليوم الارتفاع الحاد لأسعار المواد الأولية التي تشكل عبئًا على تكلفة الإنتاج بالنسبة للشركات وعلى القدرة الشرائية بالنسبة للأُسر.

ويقول مدير مركز الطاقة في معهد “جاك دولور” الأوروبي توماس بيلوران-كارلان، “نواجه صدمة النفط، تُضاف إليها صدمة الغاز وصدمة الكهرباء. لم نرَ مثل هذا التزامن من قبل، هذا يتعلّق بالطاقة فقط”.

وقدّر رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول هذا الاسبوع أمام الكونجرس الأميركي بأن كل ارتفاع بقيمة 10 دولارات لسعر برميل النفط يتسبب بتراجع النمو في الولايات المتحدة بنحو 0,1 نقطة وبزيادة معدّل التضخم بـ 0,2 نقطة، وقد بلغ الأخير 7,9% في فبراير.

إضافة إلى النفط والغاز، ترتفع أسعار العديد من العناصر الاقتصادية الأخرى على غرار الألومنيوم والنيكل القمح والذرة.

وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه الخميس من التضخم الناجم عن العقوبات التي فُرضت على بلاده.

وتتأثر معظم القطاعات من صناعة البلاستيك البترولي إلى صناعة البطاريات الكهربائية التي تحتاج إلى النيكل مرورًا بصناعة الطائرات التي تعتمد على الألومنيوم.

وتوقف العمل في مواقع لصناعة الحديد والصلب في إسبانيا خصوصًا، بسبب عدم التمكن من دفع فاتورة الكهرباء.

وفي العالم كلّه، أصبح التنقل والطعام والتدفئة أكثر كلفةً.

وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة أوروبية في فيرساي، من أن أوروبا وإفريقيا “ستتأثران بشكل عميق جدًا على مستوى الغذاء” في الأشهر الـ12 إلى الـ18 المقبلة، خصوصًا بسبب الاضطرابات الكثيرة المتوقعة أثناء موسم الحصاد في أوكرانيا ولاسيما حصاد القمح.

من جانبها، طالبت دول مجموعة السبع الجمعة المجتمع الدولي بتجنب اتخاذ أي تدبير يحد من عمليات تصدير المواد الغذائية.

أدى تعبير “مهما كلّف الثمن” الذي اشتهر به الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، إلى التوصل لموازنة تاريخية في أوروبا عام 2020 مصحوبة بدين مشترك.

تبنّت الولايات المتحدة خططًا مالية هائلة عديدة وأقرّت اليابان خطة ثالثة في نوفمبر.

لكن في مواجهة تدهور الأوضاع المالية العامة، ينبغي أن تكون المساعدات هذه المرة موجهة أكثر لمساعدة ضحايا التضخم.

من جهة الشركات، يرى الخبير الاقتصادي في شركة MarketSecurities للاستثمارات كريستوف بارو أن المستثمرين لا يتوقعون إخفاقات كبيرة بل مجرد “توتر طفيف”.

في المقابل، يمكن أن تشهد الدول الناشئة الأكثر هشاشةً في مقابل التضخم، تدهورًا في أوضاعها وحتى في استقرارها السياسي في بعض الأحيان.