«الكباش».. أجدادنا مروا من هنا.. الأقصر تتحول إلى أكبر متحف عالمى مفتوح


الاحد 05 ديسمبر 2021 | 02:00 صباحاً

◄ العالم شاهد الحفل الأسطورى عبر 150 محطة تليفزيونية

◄ طريق الكباش يحمى تاريخ مصر التراثى من الاندثار

شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الخميس الماضى، الحدث الأثرى الأهم، والمتمثل فى الحفل العالمى لافتتاح طريق الكباش، لتتجه أنظار العالم من جديد لمصر التاريخية عقب حفل موكب المومياوات المميز.

ويعد افتتاح هذا الطريق أمام الجمهور للمرة الأولى هو ثمرة سنوات من العمل الشاق الذى شارك فيه عدد ضخم من الأثريين والمرممين وعمال الحفائر، وبدأ العمل فى تطوير طريق الكباش فى 2007 وتوقف فى 2011، ثم استؤنف العمل فى 2017 حتى العام الجارى.

وتكمن أهمية طريق الكباش لقطاع السياحة فى أنه أحد المشاريع الضخمة التى ستحمى تاريخ مصر التراثى من الاندثار، ويعد نقلة أثرية وكذلك حضارية ضخمة ستثرى من قطاع السياحة فى مصر خلال الفترات القادمة.

ويهدف مشروع طريق الكباش إلى تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف عالمى مفتوح عبر ربط معبدى الأقصر والكرنك. 

ويربط طريق الكباش الذى يزيد عمره على 3500 عام بين أهم المعالم الأثرية فى الأقصر ونحتت تماثيله من الحجر الرملى ويمتد الطريق من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر بطول 2700 متر. 

ويعرف طريق الكباش بأنه طريق مواكب الآلهة ويعود لعصر الأسرة الثامنة عشر من الدولة المصرية القديمة فى عهد الملكة حتشبسوت للاحتفال بموسم الفيضان، فيما عرف بعيد الأوبت قبل أن يندثر الطريق تحت الأرض بمرور القرون وتعاقب الأزمنة.

مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة الفرعونية المقدسة كانت تستمر فترة تتراوح بين 11 إلى 27 يومًا وتتضمن مراسم شعبية ومراسم رسمية تتمثل فى موكب مهيب ينطلق من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر بمشاركة الإله آمون والإله خونسو والإله موت.

وتوثق جدران معبد الأقصر مظاهر هذا الاحتفال بالتفصيل من حاملى المراكب المقدسة والعازفين والأضاحى التى كانت تذبح فى هذه المناسبة.

ويتكون طريق الكباش من رصيف حجرى فى المنتصف بطول الطريق ويصطف على جانبيه قرابة 1300 تمثال تتخذ أشكال كبش كامل ورأس كبش على جسم أسد ورأس إنسان على جسم أسد، ويرمز الكبش للإله آمون إله معبد الكرنك، أما التماثيل التى تتخذ شكل إنسان بجسم أسد فترمز للإله أبى الهول.

وأول اكتشاف جزئى للطريق كان فى عام 1949 أمام معبد الأقصر واستمرت الحفائر حتى تم اكتشاف جزء آخر من الطريق فى ستينيات القرن الماضى أمام معبد الكرنك.

يربط معابد الكرنك شمالًا بمعبد الأقصر جنوبًا، ليصل إجمالى أطوال الطريق إلى 2700 متر "2 كيلو و700 متر"، بعدد ما يقرب من 1200 تمثال، ويتراوح وزن الواحد منهم ما بين 5 و7 أطنان، وطوله يصل إلى 3 أمتار و70 سم، وعرضه متر وربع، والتماثيل جميعها عبارة عن جسم أسد برأس كبش وتحتضن تمثال رمسيس الثانى «رمز الحماية»، والكبش نفسه يعبر عن المعبود آمون، والذى تم الانتهاء من أعمال ترميمها بأيدٍ مصرية خالصة بإدارة تفتيش الكرنك والإدارة الهندسة وإدارة الترميم إلى جانب عدد من العمال المتخصصة فى رفع الأحجار، وتم إعادة الألوان الأصلية لتماثيل الكباش ورؤية الخراطيش المنقوشة عليهم بشكل واضح.

وينقسم الطريق إلى 3 أجزاء رئيسية، الأول يبدأ من الصرح العاشر لمعبد الكرنك ويتجه جنوبًا لمسافة 300 متر حتى بوابة معبد موت، وهذا الطريق تم إنشاؤه فى عصر الملك توت عنخ آمون، وهو يعتبر أقدم أجزاء الطريق الظاهرة حتى الآن، وهذا الجزء من الطريق تتراص على جانبيه تماثيل بشكل أبو الهول بجسم أسد ورأس كبش، وهى تماثيل ضخمة، جالسة على قواعد ذات نقوش، يتراوح وزن التمثال ما بين 5 و7 أطنان، وطوله يصل إلى 3 أمتار و70 سم، وعرضه متر وربع، والتماثيل جميعها عبارة عن جسم أسد برأس كبش وتحتضن تمثال رمسيس الثانى "رمز الحماية"، والكبش نفسه يعبر عن المعبود آمون.

أما الثانى، فهو تماثيل الكباش الموجودة أمام معبد خنسو أحد معابد الكرنك أيضًا، وهى تأخذ شكل الكبش الكامل، وتعود لعصر أمنحتب الثالث الذى بدأ تشييد معبد الأقصر، وموقعها الحالى لم يكن مكانها الأصلى بينما كانت موضعها فى أحد المعابد الجنائزية فى البر الغربى فى طيبة، وتم إحضارها فى هذا المكان فى عهد الملك حريحور أحد ملوك الأسرة 21.

أما الثالث، هو طريق الكباش الممتد من معبد نوت أولا باتجاه الغرب أو باتجاه النيل لمسافة حوالى 200 متر ثم ينحرف جنوبًا فى اتجاه واحد بطول 2000 متر حتى يصل إلى معبد الأقصر، وهذا ما بناه الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية آخر أسرات عصر الفراعنة، والتماثيل الموجودة فيه أصغر حجمًا من الجزءين السابقين، ويأخذ شكل جسم أسد ورأس آدمى يحمل ملامح الملك نختنبو الأول.

ويرمز الكبش فى الثقافة المصرية القديمة إلى الخصوبة، وكان أبناء طيبة يحتلفون بعد انتهاء موسم الحصاد بعيد إله مدينتهم "آمون"، حيث يخرج الكهنة بتمثال الإله من معبد الكرنك فى زيارة خاصة لنسائه فى معبد الأقصر، حيث يقضى هناك أحد عشر يومًا.

وكان يتعين على الكهنة القيام بتلك الطقوس مرتين سنويًا - الأولى فى عيد الحصاد، والثانية فى عيد جلوس الملك، وبذلك يعدّ هذا الطريق، الذى يطلق عليه اسم "طريق المواكب الملكية"، أقدم طريق احتفالى دينى فى التاريخ.

الحدث الأسطورى نقلته نحو 150 محطة تليفزيونية للعالم، حيث شاهد أكثر من مليار مشاهد حول العالم انطلاق الموكب وإعلان الاقصر أكبر متحف مفتوح على وجه الأرض، وبدأ حفل افتتاح طريق الكباش مع غروب شمس الخميس الموافق ٢5 نوفمبر، وكانت البداية بإنارة بانورامية تدريجية لمعبد الأقصر وطريق الكباش.

بالتزامن مع ذلك، بدأت إنارة البر الغربى ومعبد حتشبسوت وتمثالى ممنون، لتنطلق أضواء الليزر وتعانق السماء، ومن النيل، تحركت 3 ذهبيات عائمة صُممت على الطراز الفرعونى، وترمز لثالوث المعبودات الفرعونية: آمون وموت وخنسو، ثم انطلقت مراكب شراعية ملونة بألوان هوية الأقصر البصرية، إضافة إلى انطلاق عدد من المناطيد فى سماء الأقصر احتفالًا بالحدث الأثرى المهم.

ومن داخل معبد الأقصر، بدأت الاحتفالية الرسمية بخروج 3 محفات ترمز للثالوث المقدس، يحملها شباب بملابس فرعونية ويتقدمهم حاملو البيارق، ليخرجوا من قدس الأقداس عبر الصرح الأول للمعبد، وصولًا لتماثيل أبوالهول، إذ بداية طريق الكباش.

مع بداية الموكب عزفت الأوركسترا الفيلهارمونى الموسيقى الفرعونية بقيادة المايسترو نادر عباسى، ثم أنشودة آمون التى يعاد إحياؤها بنفس الكلمات الفرعونية، وشارك الفنان محمد حماقى بأغنية ترحيبية لزوار الأقصر، بالتزامن مع فقرة راقصة من سوق سافوى.

كما تم تجهيز عدد من عربات الخيول "الحناطير" التى تتميز بها مدينة الأقصر بإضاءة جوانبها، لتشارك بإعادة تجسيد أغنية فرقة رضا الشهيرة "الأقصر بلدنا بلد سواح".

خلال الحفل، جرى تنفيذ محاكاة عبر موكب يضم 400 شاب وفتاة يرتدون زى الاحتفالات عند المصريين القدماء ويسيرون على موسيقى تصويرية مستوحاة من الأناشيد الفرعونية.

الحفل شهد إقامة معرض للصور النادرة من القرن الـ 19 فى أماكن محددة على طريق المواكب، تروى تاريخ معابد الكرنك والأقصر وطريق المواكب الذى يربط بين المعابد وأهم الاكتشافات الأثرية وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التى كانت تقام فى العصور القديمة.

وصاحب هذه الاحتفالات مظاهر البهجة من الموسيقى والرقص والغناء والاحتفالات العسكرية وذبح الأضاحى وتقديم العطور والهدايا.

واختيار جميع الأشعار المستخدمة فى الحدث من أناشيد وترانيم متواجدة ومدونة بالفعل على جدران المعابد والخاصة باحتفال العيد الأشهر فى مصر القديمة « عيد الاوبت».

وتهدف الحكومة إلى تحويل هذا المشروع إلى إحدى أهم مناطق الجذب السياحى، إضافة إلى أنها تسعى إلى ترسيخ مكانتها كأكبر متحف مفتوح فى العالم.