أثار متحور جديد لفيروس «كورونا» أُطلق عليه اسم «إبسيلون» القلق في الولايات المتحدة؛ وذلك لقدرته على إضعاف فاعلية الأجسام المضادة التي تفرزها اللقاحات الحالية أو عدوى فيروس «كورونا» السابقة، في وقت سجلت روسيا أكثر من 25 ألف إصابة، و663 وفاة بفيروس «كورونا»، وشددت إندونيسيا القيود، وتحاول تسريع حملة التطعيم الجماعي؛ لاحتواء الزيادة الكبيرة في مؤشري الإصابة والوفيات؛ بسبب الجائحة، وفي البرازيل تظاهر عشرات الآلاف ضد الرئيس اليميني الذي تتعامل إدارته مع الوباء باستخفاف، ولبطء حملات التلقيح.
أقلق هذا المتحور بعض المراقبين؛ لتفوقه من حيث الخطورة على متحور «دلتا» واسع الانتشار، بحسب ما أفادت إحدى المجلات الطبية المرموقة؛ إذ يمتلك القدرة على الهرب تماماً من الأجسام المضادة «وحيدة النسيلة»؛ (monoclonal antibodies) المستخدمة في العيادات، إضافة إلى تقليل فاعلية الأجسام المضادة من بلازما الأشخاص الذين تم تلقيحهم.
وضع عدد من العلماء تصوراً لفهم آلية عدوى هذا المتحور، مقارنة بفيروس «كورونا» الأصلي، والآثار المترتبة عليه، بحسب ما أظهرت ورقة بحثية نشرتها مجلة «Science» على موقعها الإلكتروني، أمس الأحد، وقاد هذا المشروع أو البحث مختبر ديفيد فيسلر في قسم الكيمياء الحيوية في جامعة واشنطن في سياتل، ولوسيا بيوتشيلي ودابفيد كورتي من شركة «فير للتكنولوجيا الحيوية». وأظهرت أحدث بيانات تلك الدراسة أو البحث أن متحور «إبسيلون» يعتمد على استراتيجية غير مباشرة وغير مألوفة؛ للهروب والمراوغة.
وحدد التحليل ظهور المتحور في مايو 2020 في ولاية كاليفورنيا. وبحلول صيف العام ذاته، كانت قد تباعدت سلالات المتحور B.1.427 وB.1.429، وزادت عدد حالاته بسرعة، وانتشر في الولايات المتحدة، إضافة إلى 34 دولة أخرى على الأقل.
كذلك اختبر الباحثون المرونة ضد متحور «إبسيلون» من بلازما الأشخاص الذين تعرضوا للفيروس أو الذين تلقوا اللقاح؛ لمعرفة المزيد حول خصائصه. وكشفت النتائج أنه تم تقليل فاعلية تحييد البلازما ضد المتحور المثير للقلق بمقدار 2 إلى 3.5 أضعاف.
إلى جانب ذلك، أوضحت الورقة البحثية أن المتحور الجديد يصيب الخلايا المستهدفة؛ من خلال البروتين السكري glycoprotein. ووجد الباحثون أن طفرات «إبسيلون» كانت مسؤولة عن إعادة ترتيب المناطق الحرجة من البروتين glycoprotein.
وأظهرت الدراسات المجهرية تغيرات هيكلية في هذه المناطق، ما يساعد في تفسير سبب صعوبة ارتباط الأجسام المضادة بالبروتين السكري المرتفع. كما أثرت إحدى الطفرات الثلاث في متحور «إبسيلون» في مجال ربط المستقبلات على البروتين السكري المرتفع.
وقللت هذه الطفرة من نشاط 14 من أصل 34 من الأجسام المضادة، بما في ذلك الأجسام المضادة في المرحلة السريرية.
فيما أثرت الطفرتان الأخريان من الطفرات الثلاث في المتحور على المجال الطرفي N (N-terminal) في البروتين السكري. ونتج عن ذلك خسارة كلية بنسبة 10 من أصل 10 للأجسام المضادة التي تم اختبارها خاصة بمجال N-terminal في البروتين السكري المرتفع.
يشار إلى أن التحورات نشأت في جميع أنحاء العالم؛ حيث شوهد المتحور «بي 117» أو «ألفا» لأول مرة في إنجلترا. وتم رصد سلالة «بي 1.135» أو «بيتا» لأول مرة في جنوب إفريقيا. وشوهد متغير «دلتا»، المعروف أيضاً باسم «بي 1.617.2»، لأول مرة في الهند. وقد أطلقت الولايات المتحدة العديد من السلالات الخاصة بها، بما في ذلك سلالة «بي 1.427» أو «إبسيلون»؛ حيث شوهدت لأول مرة في كاليفورنيا.
وتحمي اللقاحات الحالية جيداً ضد جميع السلالات حتى الآن؛ لكن هذا قد يتغير في أي لحظة. لهذا السبب، يريد الأطباء ومسؤولو الصحة العامة تلقيح المزيد من الناس.