ذكر تجار الحديد، أن قرار وقف البناء أثر بشكل كبير على المبيعات، متوقعين مزيدًا من التراجع حال استمرار القرار، مؤكدين أن ارتفاع أسعار البليت تسبب أيضًا فى خسارة ضخمة، مقترحين ضرورة تعديل اشتراطات البناء الجديدة بشكل يناسب طبيعة السوق المصرى مع فتح استيراد الحديد حتى ولو جزئيًا لإحداث حالة من التوازن.
وقال محمد الجارحى، صاحب «قباء» للحديد، إن الأسباب الرئيسية فى ارتفاع سعر الحديد الذى وصل فى بعض المناطق إلى 15 ألف جنيه للطن، يأتى على رأسها ارتفاع الأسعار العالمية ما بين ارتفاع سعر الخردة والبليت وتكلفة استخراج وتصنيع مكونات الحديد التى نتج عنها ارتفاع أسعار الحديد الحالية، إضافة إلى مرور مبيعات الحديد بفترة تستطيع أن تطلق عليها «ركود»، امتدت لسنة بسبب وباء كورونا وأخيرًا قرار وقف البناء.
وأضاف «الجارحى»، فى تصريحات خاصة لـ«العقارية»، أن المصانع تحاول تعويض فترة الركود السابقة بارتفاع الأسعار، متوقعًا أن يشهد الحديد ارتفاعًا جديدًا خلال الفترة المقبلة، وأن يصل سعر تسليم المصنع إلى 15 ألف جنيه للطن مضاف عليه تكلفة النقل ليصل إلى المستهلك بما يقرب من 15300 جنيه.
وأضاف أن فترة الـ 4 شهور الماضية واكبها زيادة لافتة للنظر فى سعر الحديد، مقابل مخزون متوفر لدى البائعين ليكون نهج البيع المتبع هو «التسقيع»، بمعنى تحقيق أكبر قدر من المكسب بمخزون لدى التاجر سعره منخفض.
وأوضح أنه من الصعب على التاجر أن يبيع المخزون المتوفر لديه بالسعر المنخفض الذى اشترى به الحديد، لأن ذلك سيعرضه لخسارة كبيرة فى رأسماله لتحمله لتكلفة فارق السعر عند محاولته شراء مخزون جديد من المصانع.
وذكر «الجارحى»، أن الحديد من الطبيعى أن ينخفض كل عام بداية من شهر نوفمبر حتى شهر يناير، نظرًا لانخفاض حركة البيع فى هذا التوقيت، أما باقى العام فكانت الأسعار تشهد زيادة وانخفاض وركود لفترات متفاوتة، لكن العام الحالى هو العام الوحيد الذى ارتفعت فيه أسعار الحديد فى توقيت انخفاضها المعتاد، نظرًا لارتفاع سعر خام الحديد الوارد من الصين والبرازيل.
وأكد أن ارتفاع أسعار الحديد لن يؤثر على أسعار الوحدات السكنية، نظرًا لكثرة الوحدات المعروضة بالسوق به، مع انخفاض معدل الإقبال.
وذكر أن اشتراطات البناء الجديدة تعتبر عائقًا أما عودة سوق الحديد إلى طبيعته لأنها فرضت قيودًا على نوعية وطبيعة البناء، وبالتالى من سيقبل على هذه الخطوة لاستثمار أمواله فى البناء سيفكر أكثر من مرة قبل خوضها، خصوصًا أن التكلفة ستكون مرتفعة مقابل العائد المتوقع من البناء بعد فرض نماذج بناء معينة سواء سكنى فقط أو تجارى فقط وبأدوار محددة.
وتوقع أن اشتراطات المبانى الجديدة ستدفع الناس إلى التوجه إلى المدن الجديدة، خصوصًا مع الارتفاع المتوقع فى أسعار الوحدات داخل المحافظات.
فيما قال هاشم الدجوى،- الماسية للحديد-، إن الطلب على الحديد انخفض بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ما أثر على مبيعات التجار ودفع البعض إلى استغلال المخزون ذى السعر المنخفض لديهم وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة برفع السعر على المستهلك.
وأضاف «الدجوى»، فى تصريحات خاصة لـ«العقارية»، أن ارتفاع السعر حاليًا سببه انتهاج المصانع لسياسة التخزين، نتيجة لانخفاض حجم مبيعاتها خلال الفترة الماضية، وهو ما أثر سلبًا على الموزعين المرتبطين بسعر بيع المصنع الذى يحدده المُصنع وبعدها يضيف عليه هامش ربح له، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع على ما هو عليه حاليًا قد يصل بسعر طن الحديد إلى أرقام لم نكن نتخيلها من قبل.
وتابع أن السوق حاليًا فى حاجة ماسة إلى ضرورة فتح الاستيراد، مشيرًا إلى أن ذلك سيعمل على إحداث حالة من التوازن فى السوق بين المنتج المحلى والمستورد، ما سينتج عنه إحداث حالة من خفض الأسعار المرتفعة حاليًا، متوقعًا أنه مع عودة البناء مرة أخرى ستنشط المبيعات بشكل أفضل من الواضع الحالى، لكن ذلك يتوقف على طبيعة الاشتراطات البنائية التى ستطرح لمن يريد البناء.
وواصل أن موزعى الحديد يعتمدون فى مبيعاتهم على ما تستهلكه القرى، لكن حجم المبيعات تستطيع أن تقول إنه منخفض ويصل إلى 20 % فقط فى حين أنه فى هذا التوقيت سنويًا كان يصل إلى 70 %، معتبرًا أن السوق الأكبر لاستهلاك الحديد فهى المدن المتوقف البناء فيها حاليًا.
فيما قال عماد يونس، -العالمية للحديد-، إن سعر الحديد فى الوقت الحالى يبلغ 14600 تسليم أرض المصنع، يضاف إليها مصاريف الانتقال والمشال ليتراوح سعر الطن فى نهاية الحلقة الاستهلاكية وهو الزبون ما بين 14800 و 14850، معتبرًا أن هذا السعر لا يحقق للتاجر الموزع عائدًا جيدًا؛ لأنه مجبر على البيع به نظرًا لتوقف حالة البناء بشكل شبه تام.
وأضاف «يونس»، فى تصريحات خاصة لـ«العقارية»، أن معدل استهلاك الحديد فى السوق توقف تقريبًا خلال شهرى إبريل ومايو، مشيرًا إلى أن معدل بيع التجار حاليًا أقل من 25 %، وسعر لا يوازى معدل الاستهلاك الذى كانت تحققه الشركات خلال نفس الوقت من العام والذى كان يصل إلى 75 % وأكثر فى بعض الأحيان.
وتوقع أن تظل حركة بيع الحديد فى السوق كما هى عليه طوال شهر يونيو الجارى، حتى تعود عمليات البناء من جديد مع بداية شهر يوليو وهى التى ستعمل على تحقيق طفرة ليست ضخمة فى عمليات البيع والشراء، خصوصًا أنها لها اشتراطات معينة بأدوار معينة وهو ما سيحجم ويغل يد المستهلك وبالتالى ينعكس بشكل سلبى على التجار.
وذكر «يونس» أنه لا مبرر لزيادة سعر طن الحديد فى الوقت الحالى من قبل المصانع، خصوصًا فى ظل شبه التوقف فى عملية البناء الحالية، موضحًا أن سعر طن الحديد فى الدول الخليجية يعادل 8 آلاف جنيه مصرى، والمصانع هناك تستخدم نفس البليت المستوردة من البرازيل أو الصين، وبالتالى فالزيادة الحالية لامبرر لها سوى أن المصانع ترغب فى تحقيق ربح يعوض الخسائر الماضية.
وأوضح أن الحال إذا استمر كما هو فمن الممكن أن يصل سعر الطن إلى 16 ألف جنيه سعر المصنع ليصل إلى المستهلك بحوالى 17 أو 18 ألف جنيه وهو سعر مبالغ فيه ورقم سيشهده السوق المصرى لأول مرة فى تاريخه، مقترحًا أن يتم فتح الاستيراد من الخارج جزئيًا كى يعمل على إحداث حالة من التوازن بالسوق، خصوصًا فى ظل عدم وجود توقعات محددة بعودة السوق إلى طبيعته من جديد خلال الفترة المقبلة.
فيما قال محمد هيبه،- هيبكو ستيل-، إن سعر الدولار والخامات،- (البليت)-، هما الأساس الذى يتم بناء عليه تحديد سعر الحديد فى السوق، مشيرًا إلى أن سعر البليت كان سببًا فى ارتفاع الحديد من 10 آلاف جنيه للطن حتى وصل خلال الشهر الحالى لـ 14 ألف جنيه للطن.
وأضاف «هيبة»، فى تصريحات خاصة لـ«العقارية»، أن قرار وقف البناء أثر على ما تنتجه المصانع والكميات المسحوبة منها وبالتالى فمدخلات صناعة الحديد أثرت من جهة والمنتج النهائى تأثر بعدم الاستهلاك.
وتابع أن عودة حركة البناء الجزئى لم ينتج عنها نشاط السوق بالشكل المطلوب، خصوصًا أنها عادت جزئيًا وليس كليًا، موضحًا أن معدل استهلاك السوق فى نفس التوقيت من العام الماضى وصل لـ 85 % فى ظل مصانع تنتج وعملاء يستهلكون المنتج أما الاستهلاك فى الوقت الحالى فيصل إلى 20 % فقط.
وذكر أن المشروعات القومية التى تنفذها مصر فى الوقت الحالى، عملاقة لا جدال عليها، لكن إنتاجنا من الحديد ضخم وفى ظل عدم تصدير الحديد إلا لبعض الدول العربية فأنت بحاجة إلى مستهلك لإنتاج الحديد والمواطن العادى هو من كان يقوم بهذا الدور قبل وقف البناء.
وأضاف «هيبة» أن سوق الحديد يمرض ولا يموت، لأنه قطاع لايستهان به ومرتبط به أكثر من 5 قطاعات مهمة يأتى على رأسها صناعة الطوب والأسمنت، متوقعًا أن يعود السوق لطبيعته لابد أن يكون سعر الطن من 9 إلى 10 آلاف جنيه، إضافة إلى ضرورة تعديل شروط البناء التى تعتبر مجحفة بعض الشىء فى ظل الالتزام بارتفاعات معين وضوابط مشددة.
وأشار إلى أن الوضع حاليًا يتطلب وجود رقابة شديدة على سوق الحديد، مع ضرورة فتح الاستيراد بشكل جزئى حتى يعمل على إحداث حالة من التوازن بين المنتج المحلى والمستورد.