تستقطب ملايين المشاهدين.. «المنصات الإلكترونية» تهز عرش الفضائيات


الاثنين 24 مايو 2021 | 02:00 صباحاً
هايدى خليل

«المنصات الإلكترونية».. كان قبل سنوات المصطلح غريبًا على مسامع الغالبية، قبل أن تصبح أمرًا واقعيًا فى ظل التوسع التكنولوجى، خاصة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، الذى فرض استخدام «الإنترنت» بديلًا، لتحقيق معادلة التباعد الاجتماعى.

وتأثرت القنوات الفضائية وسحبت المنصات الإلكترونية البساط من تحتها خاصة لمتابعة الأعمال الدرامية، مع تنامى الاعتماد على شبكة الإنترنت، وإطلاق أكثر من منصة رقمية توفر ما تقدمه القنوات الفضائية بشكل أيسر، ومتاح طوال الوقت.

يمكن اعتبار أن جائحة كورونا قد غيرت وجهة العالم، بعدما استطاعت وبقوة أن تدفع القائمين على صناعة المحتوى الرقمى السعى؛ لإيجاد أنماط جديدة تتماشى مع حالة الحجر المنزلى، وعليه ظهرت منصات جديدة مثل «SHAHID, NETFLIX, WATCH IT, AMAZON PRIME, DISNEY PLUS»، ومع تزايد عدد المشتركين على المنصات الرقمية، اشتدت المنافسة بين القنوات والمنصات الإلكترونية، وهو ما ظهر جليًا فى موسم رمضان المنقضي، والذى أثبت نجاح هذه المنصات، نظرًا لما تتميز به من خدمات أبرزها إتاحة فرصة مشاهدة البرامج المفضلة فى الوقت الذى يتناسب مع الجمهور.

 المنافسة ليست بين التليفزيون والمنصات الإلكترونية فقط، بل وانتقلت بين المنصات وبعضها، والتى تسعى كل منها لجذب مزيد من الجمهور حول العالم، وهو ما يفرض عليها عرض محتويات تتناسب مع كافة الشرائح والشعوب، وتتماشى وتوجهاتهم، وعلى سبيل المثال فقد وصل مشتركو NETFLIX إلى 204 ملايين فى الربع الأخير من عام 2020، بينهم 74 مليونًا فى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا 67 مليونًا فى أوروبا، أما فى الشرق الأوسط وأفريقيا فوصل عدد المشتركين لـ38 مليونًا، و25 مليون مشترك فى أمريكا اللاتينية، وبلغت إرادات المنصة 25 مليار دولار فى العام الماضى، مقابل 20 مليار دولار فى عام 2019.

المعطيات الرقمية المتاحة حول المنصة الرقمية « NETFLIX»، جعلت المنافسة تشتعل بين المنصات، وبدأت جميعها فى البحث عن عروض تميزها عن غيرها لجذب أكبر شريحة من الجماهير، ومنها الحصول على حقوق حصرية لإذاعة بعض الأعمال الدرامية الرمضانية، وحصلت على متابعة كبيرة للهروب من الفواصل الإعلانية على شاشة التليفزيون.

واعتبر مختصون أن المنصات الإلكترونية أثرت إيجابيًا على العمل الدرامى، ولكن أثرت سلبيًا على سوق الإعلانات، فرغم مجانية القنوات الفضائية إلا أن المشاهد يفضل أكثر المنصات الإلكترونية، كما أكدوا على أن المشاهد العربى يحتاج إلى أفكار جديدة لم يعد يجدها فى القنوات الفضائية التى لم تطور نفسها، على العكس من المنصات الرقمية التى دخلت إلى السوق بأفكار غير تقليدية بعد دراسات أجرتها لما يميل إليه العقل العربى.

وفى الوقت الذى سادت حالة من التشاؤم لدى بعض المختصين، دفعته باتجاه توقع تلاشى العديد من المحطات التليفزيونية خلال فترة وجيزة، أكد آخرون أن دور المنصات مكمل لقنوات البث التقليدية، داعين الفضائيات إلى تطوير أفكار إنتاجها الدرامى بعيدًا عن أسلوب المسلسلات الطويلة، مع البحث عن مصادر دخل أخرى بخلاف الإعلانات التقليدية، التى رأوها أحد أسباب تفضيل المشاهد للمنصات الرقمية، وفى المقابل رأوا أن الأمر لا ينسحب بذات الآلية، على دور العرض التى أثبتت التجربة العملية خلال أزمة كورونا، وما سبقها من أزمات تاريخية، بأنها قد تمرض، أو تتقلص أرباحها، لكنها لا تموت، أو يتم الاستغناء عن دورها، حيث تتميز بارتباطها بطقوس ترفيهية واجتماعية، مصاحبة للاستمتاع بخدماتها، فضلًا عن أن هذه المنصات حسب بعض الآراء باتت تستقطب أفلامًا ذات ميزانيات محدودة، أو متوسطة، فيما يرفض أصحاب الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة عرضها رقميًا بشكل حصرى، باعتبار أنها لن تحقق لهم الأرباح المستهدفة، قياسًا بدور العرض السينمائية.

وقال بلال ديانى الرئيس التنفيذى للعمليات بشركة ايجيل للإنتاج بالميديل ايست، إن العائدات انقسمت بين الفضائى المفتوح والمنصات الإلكترونية، خاصة أن جائحة كورونا دعمت الاتجاه للمنصات لمشاهدة البرامج والمسلسلات عند الطلب، أو فى التوقيتات المناسبة بشكل متواصل دون انقطاع وهروبًا من الإعلانات وذلك لتحكم الوكالات الإعلانية فى الوقت الدرامى مما يؤدى الى عدم تتابع وتسلسل الأحداث بالنسبة للمتابع لكثرة الإعلانات وطول المدة .

وأضاف أن المنصات فتحت أيضًا مجالًا لقاعدة أكبر من المشاهدين والمتابعين وإتاحة مشاهدة أكثر من عمل درامى فى نفس الوقت، وهو ما يمكن اعتباره إنقاذًا للكثير من الأعمال الرمضانية التى كانت تعرض فى أوقات غير مناسبة. 

وأوضح «بلال» أن العائق الوحيد أمام الإنتاج الدرامى، أو ارتفاع التكلفة، هو حدوث إصابة داخل العمل، مشيرًا إلى أن بعض الأعمال التى أنتجت وتم عرضها على المنصات دعمت الشركات المنتجة وأنقذتها من التوقف النهائى.

وأكد على أن المسلسلات ذات الحلقات من 6 إلى 15 حلقة، هى الأفضل من تلك ذات الـ30 حلقة، والتى تحتاج إلى قصص واسكريبت يغطى مدة المسلسل ككل، كما أن قلة عدد الحلقات يثير من التشويق والإثارة بالمسلسل، ويقلل فرصة الإصابة بفيروس كورونا، والذى قد يتسبب فى تأجيل التصوير وبالتالى فهو أمر صحى فى الدراما، أما مسلسلات الـ30 حلقة فهى مفيدة اقتصاديًا أكثر. 

وشدد على أن مسلسلات الـ15 حلقة هى خيار الفترة المقبلة، نظرًا لقوة المنافسة على المنصات الإلكترونية، التى تتطلب تقليل وقت الدراما، مشيرًا إلى أن منصات البث الرقمى لن تؤثر سلبًا على دور العرض السينمائى أو المحطات التليفزيونية؛ لأن الفئة الأكبر من الجمهور تفضل مشاهدة الأفلام والمسلسلات عبر شاشات العرض سواء الكبيرة أو الصغيرة.

وأضاف أن هناك أفلامًا تصلح للعرض على المنصات، خاصة فى الوقت الذى شهدنا فيه أزمة كورونا وانعكاسها على الإقبال الجماهيرى فى دور السينما، مشددة على أهمية وجود المنصات؛ لأنها ستحرك المياه الراكدة فى الإنتاج السينمائي.

فيما قال أحمد سعد الدين الناقد الفنى، إن الأعمال الفنية التى طرحت هذا العام تقدمت بشكل كبير جدًا عن الأعوام السابقة، فى ظل ظهور وجود نجوم السينما فى الدراما التليفزيونية، بالإضافة إلى وجود ثنائيات مثل أحمد السقا وأمير كرارة، وكريم عبدالعزيز وأحمد مكى، وهو ما أحدث طفرة واضحة فى الإخراج والتصوير وفى التقنيات، هذا بخلاف طفرة السيناريوهات التى أدت إلى عودة الدراما إلى سابق عهدها، وتفوقها على الدراما التركية والمكسيكية المعربة.

وأوضح «سعد الدين»، أن الشركات المنتجة اتخذت احتياطها من خلال التصوير لأكثر من 8 أشهر تفاديًا لحدوث إصابات قد تؤدى إلى تأجيل المسلسل لعام تقريبًا.

وأكد «سعد الدين» على أن أشكال الدراما أصبحت قوية لأسباب كثيرة أبرزها التطوير الذى حدث فى جميع عناصر العمل الفنى سواء التصوير والإخراج والمونتاج والإضاءة، فيما يعتبر السيناريو أقلهم تطورًا لكن لا أحد ينكر حدوث طفرة، وتبقى المشكلة الأساسية هى أن الوطن العربى بالكامل فى فترة رمضان على مدار 15 سنة بدأ بعمل مسلسلات 30 حلقة، يمكن اختصارها فى  15 حلقة على أقصى تقدير.

وأشار إلى أن الفن هو انعكاس للواقع المجتمعى بمعنى أن الفن يستمد كل موضوعاته من المجتمع، فهو يناقش الأزمات الاقتصادية وكل ما يهم الوطن والمواطن، ومن هنا تظهر البراعة فى الكتابة لمن يستطيع معالجة المشكلة بشكل أفضل من الآخر.

وأوضح أن المشاهد العربى تحديدًا لا يحب الخيال العلمى؛ لأنه معتاد على الواقعية وخاصة الواقعية الاجتماعية التى تعتبر أكثر عناصر الجذب؛ لأنها تغطى حياة المواطنين.