عادل الغندور: «زراعة الأسطح» مشروع قومى لتطوير مليون ونصف المليون فدان من أسطح المنازل


الاثنين 12 مارس 2018 | 02:00 صباحاً

كشف الدكتور عادل الغندور.. المدير التنفيذى لشركة «سنتك»، عن الثروة الاقتصادية الكامنة فى نباتات الزينة كأحد أهم المحاصيل التصديرية، وإمكانية مساهمتها فى دعم الاقتصاد القومى خلال الفترة الراهنة.

وباعتباره العضو السابق باللجنة الاستشارية للدعم الفنى لمبادرة دول حوض النيل، كشف عن الجوانب التفصيلية والاقتصادية لمقترح مشروع قومى «لزراعة الأسطح»، والذى يتيح إمكانية تطوير مليون ونصف المليون فدان من أسطح المنازل، فضلا عن آليات الاستفادة من عمليات تطوير الحدائق للجمع بين التنسيق الجمالى والعوائد الاقتصادية.

** بداية.. ما هى أنواع نباتات الزينة المستخدمة؟

* تنقسم نباتات الزينة إلى نباتات الزينة الخارجية والتى تستخدم فى الحدائق الخاصة والعامة خارج المنزل أو داخله فى المناطق المكشوفة وفى الطرق والميادين وفى المجتمعات السكانية والإدارية والسياحية وهى تشمل أشجارا وشجيرات ونباتات لتغطية الأرض وحوليات ومتسلقات منها المزهر وغير المزهر وتختلف فى لون الأوراق والأزهار ومواسم إزهارها وألوان أوراقها خلال مواسم السنة المختلفة.

وهى تناسب الظروف البيئية لكل دولة وكل دولة مقسمة إلى مناطق مناخية مختلفة، أما نباتات الزينة الداخلية وهى التى تستخدم داخل المبانى سواء سكنية أو خدمية أو سياحية أو طبية أو تجارية أو مطاعم وهى تنمو تحت ظروف الإضاءة المنخفضة، وهى تختلف فى تحملها للإضاءة المنخفضة من نوع إلى آخر وعادة هى تنتج فى قصارى مختلفة الأحجام والأشكال وتُزرع لجمال أوراقها وأزهارها.

وهى تحتاج إلى جو لا تختلف فيه الحرارة و الرطوبة فى الصيف والشتاء و لا الليل و النهار أى ظروف المنزل وعادة نباتات استوائية تنمو طبيعيا تحت الأشجار وتتحمل ظروف الإضاءة المنخفضة داخل المبانى.

** وما المقصود بزهور القطف؟

* زهور القطف هى التى تزرع وتستخدم خارج وداخل المبانى الخاصة والحكومية والدينية والسياحية والمطاعم والنوادى وفى قاعات الأفراح والمناسبات إما طازجة أو مجففة أو فى بوكيهات.

** من أين جاءت فكرة تنسيق الحدائق والاعتماد بشكل كلى على نباتات الزينة؟

* انتقلت فكرة إنشاء الحدائق من قدماء المصريين الى الآشوريين والبابليين، ثم الفرس فالرومان فالإغريق الذين طوروا حدائق من سبقوهم وأنشأوا مثلاً لها فى روما وأثينا، ثم ظهرت الحدائق الصينية واليابانية، فالأندلسية بطرازها الإسلامى المعروف، ثم الحدائق الفرنسية والإنجليزية والإيطالية.

وهكذا أخذت الحدائق تتطور بشكل سريع ومتلاحق وتزداد أعدادها وأهميتها، ويتطور معها فن التصميم والتنسيق، حتى وصلنا إلى الاتجاه الحديث الذى جمع بين التنسيق الطبيعى والتنسيق الهندسى فى تصميم بسيط يعكس ميل الإنسان فى العصر الحديث إلى البساطة فى مأكله وملبسه ومسكنه وأثاث بيته، بل وفى جميع فنون حياته الأخرى.

** وماذا عن القيمة الاقتصادية لنباتات وزهور الزينة؟

* لقد خاضت شركة «سنتك» تجربة فريدة فى الاستثمار بمشاتل نباتات الزينة، والتى كشفت عن فرص واعدة داخل القطاع، وتساهم نباتات الزينة فى رفع المستوى الاقتصادى والدخل القومى عن طريق تجارة الزهور والنباتات الداخلية ومستلزمات الإنتاج  بجانب تحقيق مصدر للدخل مناسب للعاملين فى مجال نباتات الزينة، فضلا عن إنشاء مصانع للمنتجات الزراعية مثل مصانع الأدوية والعقاقير الطبية ومصانع العطور والصابون.

ولذلك فإن انتاج أزهار القطف ونباتات الزينة فى البلاد العربية لسد احتياجاتها و للتصدير أصبح الآن صناعة تحتاج إلى خبرة واستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا،  كما تحتاج إلى مستوى عال من التخصص، حيث يهتم كل منتج بالتركيز على انتاج عدد محدود من النباتات وأزهار القطف يتخصص ويتعمق فيه.

على أن يكون هذا المستوى العالى من التخصص فى الإنتاج مصحوباً بنظام تسويق فعال يتعرف على رغبات واحتياجات المستوردين ويوازن بينها وبين إمكانيات وقدرات المنتجين الراغبين فى التصدير ولذلك فهناك اهتمام بالعالم العربى من حيث انشاء و الاهتمام بالحدائق النباتية.

وكذلك زيادة أعداد المشاتل ومزارع نباتات الزينة ومحلات بيعها فى الوطن العربى وزيادة الاهتمام بإنشاء الحدائق العامة والخاصة وتشجير وتنسيق الطرق والميادين، خاصة فى الدول العربية البترولية والتى بدأت بتنشيط السياحة والاستثمار العقارى وهما العمود الفقرى لصناعة إنتاج نباتات الزينة، فضلا عن الاهتمام بإقامة المعارض المحلية والإقليمية و الاشتراك فى المعارض الدولية.

** حدثنا عن المقترح الخاص بسيادتكم بشأن المشروع القومى لزراعة الأسطح؟

* من المؤكد أن الدولة لم تنجح فى الحد من البناء وتبوير الأراضى الزراعية بالقوانين والقوة الجبرية على مستوى الجمهورية فقد أثبتت الدراسات التى استخدمت بها صور الأقمار الصناعية أنه فى الفترة من عام 1984 حتى عام 2006 تم بناء مليون فدان على الأراضى الزراعية القديمة بمعدل حوالى 37 ألف فدان سنويا.

وخلال مراحل الفوضى التى عمت بعد ثورة 25 يناير من عام 2011 تم البناء على أكثر من 170 ألف فدان فى هذا العام، وقد بلغت المساحة التى تم البناء عليها عام 2016 حوالى 70 ألف فدان، والسبب فى تلك الزيادة السكانية على وحدة المساحة من الأراضى حول نهر النيل والتى تمثل أقل من ٪4 من مساحة مصر أى 40000 كيلومتر مربع من كامل مساحة مصر البالغة مليون كيلومتر مربع، حيث بلغت الكثافة السكانية حوالى 2700 مواطن فى الكيلومتر المربع فى الأرض المتوفر فيها المياه بتعداد سكانى تخطى 92 مليونا عام 2016.

وبعتبر هذا من أعلى الكثافات السكانية فى العالم، حيث يصل هذا الرقم إلى 350 و600 مواطن فى الكيلومتر المربع بالنسبة للصين والهند بالتتابع، وفى حين تبلغ مساحة المبانى فى مدينة القاهرة الكبرى وحدها حوالى 2500 كيلو متر مربع.

** ولماذا وقع اختياركم على استغلال الأسطح؟

* الأسطح من أهم حلول هذه المشكلة الشائكة وواقع الحال فإن أسطح المنازل فى كل هذه المناطق التى تم ذكرها قد تحولت إلى أماكن لتخزين المخلفات وبؤر لتكاثر الحشرات والفئران ويهدد الصحة العامة والبيئة، ولكن المشروع القومى الذى أنادى به سيؤدى إلى زراعة أكثر من مليون ونصف المليون فدان من أسطح المنازل بالخضار والأعشاب والأسماك والأعلاف اللازمة لتربية دواجن منزلية مثل الأرانب.

وسوف يساهم ذلك المشروع فى تقليل الفجوة الغذائية وزيادة الصادرات من الخضار الاعشاب والأسماك والثروة الداجنة وبعض أصناف الفاكهة ونباتات الزينة كإنتاج للسوق المحلى والتصدير وأعلاف من الشعير المستنبت بالزراعة المائية بدون تربة.

** وكيف يخدم ذلك المشروع الشباب؟

* ذلك المشروع  يتيح  فرص عمل للشباب فى نطاق مسكنه ويتيح الفرصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة إنتاج وحدات الإنتاج ومستلزمات الإنتاج المختلفة من شتلات وأسمدة ومبيدات حيوية وعبوات للتعبئة ونشاط تسويقى، كما يهدف إلى تجمع الشباب على هدف قومى لهذه المنتجات، وهو لتحسين وحل المشاكل المستعصية للدولة.

كما أن إنشاء جهاز قومى للمشروع من الأوليات التى يجب العمل عليها لتحقيق هذا الهدف، علما بأن هذا المشروع قد بدأ تنفيذه فى مصر فوق الأسطح منذ أكثر من 35 سنة، وأن هناك الكثير من الهيئات البحثية والحكومية، خاصة الهيئة العربية للتصنيع قد بدأت فى تصنيع وإنشاء هذه الوحدات لاستخدامها فى الصوب الزراعية وفوق أسطح المبانى، وهنا فى مصر كثير من الخبرات المتوفرة فى هذا الخصوص، كما بدأ التوسع به فى بعض المحافظات فى الصعيد وفى الدلتا.

** وما هى الفوائد التى تعود من زراعة الأسطح؟

* هناك أهداف بيئية وصحية وأهداف اجتماعية  منها تقليل التلوث البيئى الناتج عن زيادة مساحات المبانى والمنشآت مع قلة الغطاء النباتى فى المدن، كما أن زراعة 5.1 متر مربع من المسطح الأخضر تمد الفرد باحتياجاته من الأكسجين لمدة عام كامل.

وكذلك يساهم المشروع فى التخلص من المهملات التى تخزن على الأسطح والتى تتسبب فى تشويه المظهر الجمالى للمبنى وتزيد من فرصة حدوث الحرائق، بالإضافة إلى الحد من تواجد الكائنات الضارة المختلفة التى تغزو المنازل نتيجة معيشتها بالأسطح بجانب إنتاج غذاء آمن صحياً وحماية ساكنى الأدوار الأخيرة من ارتفاع درجة الحرارة خاصة خلال فصل الصيف.

كما يمكن من خلال زراعة الأسطح إنتاج غذاء طازج لقاطنى المناطق البعيدة التى تعانى من تواجد الخضراوات الطازجة بها إلى جانب ارتفاع أسعارها نتيجة لارتفاع أسعار الشحن .

** وماذا عن الأهداف الاجتماعية؟

* إمكانية قيام أى شخص بعملية إنتاج أنواع الخضراوات التى يحتاجها، مما يزيد من الثقة بالنسبة لكبار السن من أرباب المعاشات والذين اعتادوا أن يكون لهم دورا مهما وفعال فى المجتمع.

وإتاحة فرص عمل لربات البيوت وشباب الخريجين تدر عليهم عائد ماديا، مما يرفع من دخل الأسرة المصرية بجانب توفير مساحات كبيرة من المساحات الزراعية التى تزرع بالخضراوات واستغلالها فى زراعة المحاصيل الاقتصادية المهمة كالقمح والأرز وغيرها.

كما يمكن عن طريق زراعة الأسطح تشجيع الروابط الاجتماعية بين الأفراد فى المجتمع فى تعاون سكان العمارة الواحدة، وكذلك الشارع فى الزراعة وتبادل المحاصيل المنتجة يؤدى إلى ترابط السكان مع بعضهم وإلى حل مشاكلهم بسهولة.

**وما هى الخطوات العملية اللازمة لتنفيذ هذا المشروع القومى؟

* فى المرحلة الأولى سيلعب الإعلام دوراً هاماً فى لفت الأنظار إلى الأهمية القومية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن المعتقد أنه بالتركيز على النماذج الناجحة وعند زيادة هذا الاتجاه وظهور نتائج مبدئية ناجحة فإنه كعادة الشعب المصرى الذى هو فى الاصل مزارع فانى اتوقع تكراره.

كما نحتاج إلى البدء فى سن القوانين واللوائح المنظمة لهذا المشروع ونقترح من البداية عمل لجان على مستوى المحليات لإعطاء تراخيص لإنشاء مزارع الأسطح لمن يرغب فى ذلك للتأكد من سلامة المبنى وعمل الاحتياطات حتى لا يضر النشاط سلامة المبنى مستقبلا، وهذا الترخيص يفيد فى أخذ تمويلات من البنوك والهيئات العاملة فى تمويل المشروعات الصغيرة و المتوسطة.

وكذلك الاستفادة من الدعم الفنى واللوجيستى الذى تقدمة الجهات البحثية فى مراكز البحوث بالجامعات والمراكز البحثية بوزارة الزراعة والجمعيات الأهلية المتخصصة والحكومة، فضلا عن تشجيع الهيئات والشركات العاملة فى تصنيع وتداول المعدات ومستلزمات الإنتاج.

ومن الممكن الآن البدء فى عمل مسابقات بين الشباب وعمل منتدى لمناقشة هذا المشروع القومى فى منتدى مستقل، كما أنه من الممكن التنسيق مع الهيئات المختلفة التى تعطى شهادات جودة لكى تتعامل مع منتجى حدائق السطح بعد تكوينهم لجمعيات صغار المنتجين للاستفادة من انتاجهم للتصدير والتوريد لسلاسل السوبر ماركت فى مصر والعالم.