فى إطار خطواته الاستباقية فى السوق المصرفى المصرى، اتخذ البنك المركزى المصرى قرارًا بعدم السماح للبنوك العاملة فى مصر بإجراء توزيعات نقدية من أرباح العام أو الأرباح المحتجزة القابلة للتوزيع على المساهمين، بهدف تدعيم القاعدة الرأسمالية للبنوك لمواجهة المخاطر المحتملة نتيجة استمرار انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث إن التوزيع سيقتصر على العاملين وصرف مكافآت مجلس الإدارة عن العام المالى 2020 فقط، ويأتى هذا القرار فى ضوء استمرار أزمة انتشار فيروس كوفيد 19 على الصعيدين الدولى والمحلى، ونظرًا لعدم وضوح الرؤية بشأن الموعد المتوقع لانتهائها، ومدى تأثيرها على الوضع الاقتصادى فى الفترة المقبلة، ونظرًا للدور المنوط بالبنك المركزى من الحفاظ على سلامة النظام النقدى والمصرفى، وبهدف الوقاية من أية أحداث قد تطرأ خلال الفترة القادمة .
واستجابت البنوك لهذا القرار، حيث افصحت عدد كبير من البنوك المدرجة بالبورصة المصرية عن التزمها بهذا القرار، لدعم قاعدتها الرأسمالية، وسعيًا منها للتوافق مع محددات رأس المال فى قانون البنوك الجديد، وفى هذا السياق كشف خبراء سوق المال عن تأثير هذا القرار على البنوك بشكل عام والمساهمين بشمل خاص، كما تطرقوا إلى تأثير هذا القرار على أداء أسهم البنوك .
وفى هذا السياق ، أشاد حسين الرفاعى رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس بقرار البنك المركزى المصرى بعدم السماح للبنوك العاملة فى مصر بإجراء توزيعات نقدية من أرباح العام 2020، أو الأرباح المحتجزة القابلة للتوزيع على المساهمين، وذلك تدعيمًا للقاعدة الرأسمالية للبنوك، لمواجهة المخاطر المحتملة نتيجة استمرار أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، مؤكدًا أن قرار المركزى يتسم بالإيجابية، ويهدف إلى تقوية المراكز المالية للبنوك، فى ظل الظروف الاستثنائية دون التأثير على توزيعات أرباح للعاملين، لافتًا إلى أن هذا القرار يعد إحدى أدوات البنك المركزى، لدعم المراكز المالية للبنوك للحفاظ على سلامة النظام النقدى والمصرفى، واتخاذ خطوات استباقية لمقابلة مخاطر محتملة.
وأكد محمد ماهر العضو المنتدب لشركة برايم القابضة أن تأثير قرار احتجاز الأرباح لدعم القاعدة الرأسمالية جاء فى ضوء المعطيات الحالية للسوق المصرفى المصرى، والتأثيرات التى لحقت بالأسوق نتيجة تداعيات جائحة كورونا، مؤكدًا أن هذا القرار يهدف إلى تدعيم القاعدة الرأسمالية للبنوك، لافتًا إلى أن تأثير القرار سيكون متعادلًا على البنوك الصغيرة، والتى بحاجة إلى تدعيم قاعدة رأسمالها مثل بنك البركة وبنك أبو ظبى الإسلامى وبنك قناة السويس، حيث يصل حجم حقوق الملكية لكل منهما إلى 4.8 مليار جنيه، 5.1 مليار جنيه، 3.6 مليار جنيه، على التوالى، وذلك طبقًا لأرقام الربع الثالث من 2020، منوهًا إلى أنه كان من المقرر بدء توزيع بنك أبوظبى الإسلامى لأرباح نقدية لعام 2020، والذى سيتوجه الآن لتدعيم قاعدته الرأسمالية بدلًا من ذلك.
وعلى صعيد البنوك الكبيرة، أكد «ماهر» أن التأثير سيكون مختلفًا نظرًا للقاعدة الرأسمالية الكبيرة التى تمتلكها وليست بحاجة إلى تدعيم قاعدتها الرأسمالية، موضحًا أن تلك البنوك كانت توزع أرباحًا نقدية على المساهمين بصورة منتظمة فى حدود الجنيه لكل عام، مثل البنك التجارى الدولى، وبنك قطر الوطنى الأهلي، حيث تصل حقوق الملكية لديهم 54 مليار جنيه و38 مليار جنيه، على التوالى، وبنك فيصل الإسلامى المصرى الذى يمتلك حقوق ملكية تصل إلى 13.6 مليار جنيه، وبنك التعمير والإسكان حيث يمتلك حقوق ملكية تصل إلى 7 مليارات جنيه.
ومن جانبها، أشادت رضوى السويفى رئيس قسم البحوث فى بنك الاستثمار فاروس بقرار البنك المركزى المصرى الخاص بعدم السماح للبنوك بإجراء توزيعات نقدية للأرباح على المساهمين، مؤكدة أن هذا القرار يأتى بهدف مساعدة البنوك فى التوافق مع محددات رأس المال التى أقرها قانون البنوك الجديد، حيث يجب ألا يقل رأسمال البنوك العاملة فى السوق المصرفى المصرى عن 5 مليارات جنيه، لافتة إلى أن القرار يهدف أيضًا إلى تعزيز رأس المال وتقليل الاحتياج لزيادته .
ونوهت إلى أن البنوك يمكنها إجراء توزيعات أسهم مجانية كتعويض للمساهمين، مع إمكانية الاحتفاظ بالأرباح داخل حقوق المساهمين، مؤكدة أن تأثير القرار على أسهم البنوك المقيدة فى البورصة المصرية، سيكون محدودًا.
وأشارت إلى أبرز أسهم التوزيعات النقدية بقطاع البنوك فى البورصة المصرية تتمثل فى بنك التعمير والإسكان، وبنك كريدى أجريكول، وبنك فيصل الاسلامى، وبنك البركة مصر، موضحًا أن هذه الأسهم عادة ما تشهد زيادة بمعدلات الطلب عليها مع إعلان النتائج المالية، لذا فإن قرار احتجاز الأرباح سيفقدها هذا الحافز، منوهًا إلى أن هذا النوع من العملاء الذين يفضلون التوزيعات النقدية، قد يتجهون إلى أسهم التوزيعات الأخرى مثل سهم النساجون الشرقيون، والإسكندرية للأدوية، والعربية للأدوية، والمطاحن، مؤكدًا أن حجم هذه الشريحة من العملاء ليست كبيرة.
وأشار محمد عبدالحكيم رئيس قطاع البحوث بشركة فيصل لتداول الأوراق المالية إلى أن البنك المركزى المصرى أرجع قراره الصادر بشأن عدم السماح للبنوك بإجراء توزيعات نقدية من أرباح العام، أو الأرباح المحتجزة القابلة للتوزيع على المساهمين، إلى تدعيم للقاعدة الرأسمالية للبنك لمواجهة المخاطر المحتملة، نتيجة استمرار أزمة انتشار فيروس كوفيد 19، لافتًا إلى أن القرار نص على السماح بإجراء توزيعات للعاملين، وكذلك مكافأة مجلس الإدارة عن العام المالى 2020.
ونوه إلى أنه من الممكن تقسيم البنوك وفقًا لهذا الإطار إلى شقين، وهم شق خاص بالبنوك صغيرة الحجم، وآخر بالبنوك كبيرة الحجم، موضحًا أن البنوك صغيرة الحجم كمصرف أبو ظبى الإسلامى، وبنك قناة السويس وبنك البركة مصر، كانت ستتجه لاحتجاز الأرباح، بهدف تدعيم القاعدة الرأسمالية، حتى تتمكن من التوافق مع محددات رأس المال التى أقرها البنك المركزى المصرى والتى تنص أن يكون الحد الأدنى لرأسمال البنوك العاملة فى السوق المصرفى المصرى 5 مليارات جنيه، لافتًا أن بعض البنوك كانت قد أعلنت بالفعل عن اعتزمها لاحتجاز الأرباح، وذلك قبل إصدار هذا القرار.
وأضاف عبدالحكيم أن البنوك كبيرة الحجم هى التى تتسم بارتفاع رؤوس أموالها عن الحد الذى أقره البنك المركزى المصرى، وهم البنك التجارى الدولى، وبنك قطر الوطنى، وبنك كريدى أجريكول، وبنك فيصل الإسلامى، لافتًا إلى أن هذه البنوك تتميز بقاعدة رأسمالية كبيرة، منوهًا إلى أن هذه البنوك قد تشهد تأثرًا على صعيد مساهميها، حيث إنهم اعتادوا على تدفقات ناتجة عن توزيعات الأرباح النقدية.
وأوضح أن الحل الأمثل لتفادى التأثيرات التى قد تلحق بالبنوك من هذا القرار، ينقسم أيضًا إلى شقين فالبنوك صغيرة الحجم ستلجأ إلى إصدار أسهم مجانية، ضمن خطتهم لزيادة رأس المال، فى حين أن البنوك كبيرة الحجم فقد تتجه نحو أحد اتجاهين، يتمثل الأول فى زيادة رؤوس أموالها من خلال أسهم مجانية، وذلك فى ضوء خططها للنمو، ومستهدفاتها الخاصة بالتوسع فى السوق المصرفى المصرى، مضيفًا أن الاتجاه الآخر يتمثل فى احتجاز الأرباح، وتوزيعها بعد مرور الأزمة.
أما على صعيد تأثير هذا القرار على أسهم البنوك فى البورصة المصرية، أشار رئيس قطاع البحوث بشركة فيصل لتداول الأوراق المالية إلى أن تعاملات المستثمرين الأجانب لن تتأثر، حيث إنهم لا يفضلون توزيعات الأرباح النقدية، لذا فهم لن يندفعون نحو البيع على أثر هذا القرار، منوهًا إلى أن بعض المستثمرين الذين يهتمون بتوزيعات الأرباح كصناديق الاستثمار المصرية، قد يحاولون التخلص جزئيًا من بعض الأسهم، بهدف تحويلها إلى سيولة نقدية لتعويض عدم توزيع الأرباح نتيجة احتجازها، لافتًا إلى أن أبرز أسهم التوزيعات النقدية فى قطاع البنوك تتمثل فى البنك التجارى الدولى، بنك فيصل الإسلامى، وبنك قطر الوطنى الأهلى، وبنك كريدى أجريكول، وبنك التعمير والإسكان.
فيما أكد بنك التعمير والإسكان أنه ملتزم بتعليمات وقرارات البنك المركزى المصرى الخاصة بعدم السماح للبنوك بإجراء توزيعات نقدية من الأرباح على المساهمين.
وفى سياق متصل، أشار البنك المصرى لتنمية الصادرات، وبنك الشركة المصرفية العربية الدولية على التزامهما بالتعليمات الصادرة عن البنك المركزى المصرى، والخاصة بعدم إجراء توزيعات نقدية من أرباح العام، أو الأرباح المحتجزة القابلة للتوزيع على المساهمين.
ونوه بنك قطر الوطنى الأهلى إلى أن البنك قام بتطبيق القرار، فيما أشار بنك الكويت الوطنى إلى أنه سيطبق قرار البنك المركزى، ونوه البنك المصرى الخليجى إلى أنه بصدد تنفيذ القرار، فيما أكد بنك فيصل الإسلامى المصرى على التزامه بتنفيذ القرار، وأشار بنك البركة – مصر إلى التزامه بقرار البنك المركزى.