معركة السندات الأمريكية مقابل الصادرات الصينية.. هل تُعيد تشكيل الاحتياطيات النقدية؟


الاثنين 12 مارس 2018 | 02:00 صباحاً

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقليص العجز فى ميزانها التجارى

بفرض مزيد من القيود على وارداتها السلعية، بما يضع الصادرات الصينية فى تهديد

مستمر رغم كونها المشترى الأكبر للسندات الأمريكية كأحد مكونات الاحتياطى الصينى

بجانب العملات الرئيسية والذهب، ومع الضغوط المتبادلة بين الجانبين، يعتبر الذهب

أحد أول الخيارات البديلة لمشتريات الصين فى السندات الأمريكية، وهو ما يضع

الأسواق تحت ضغوط التهديدات المتبادلة بين الجانبين.

وتستحوذ الصين على 1.176 تريليون دولار من الديون الأمريكية، بينما

اقتربت الحيازة اليابانية من حوالى 1.08 تريليون دولار، وبشكل عام وصلت القيمة

الإجمالية لحيازات كافة الدول من السندات الأمريكية إلى 6.3 تريليون دولار، بخلاف

ديون الحكومة الأمريكية العامة البالغة نحو 14 تريليون دولار.

وتعددت التهديدات بين الطرفين منذ ولاية ترامب، وكان أحدث تلك التهديدات

حول منتجات الصلب والألومنيوم التى كشفت تصريحات لوزير التجارة الأمريكية عن نية

الولايات المتحدة فى فرض تعريفة جمركية لا تقل عن ٪24 على واردات الصلب من جميع

الدول، الأمر الذى حذرت منه الصين ورأت أنها تصريحات لا أساس لها.

وقالت «بكين» إنها تحتفظ بحق الرد إذا فرضت واشنطن مثل هذه الإجراءات

الحمائية، ويأتى ذلك بخلاف تهديدات صينية سابقة حول رغبة مسئولين فى الصين تقليص

مشتريات السندات الأمريكية، ولكن «بكين» سرعان ما نفت تلك التهديدات بعد أن كادت

تعصف بأسواق تداول الدولار.

وزادت قيمة احتياطيات الذهب الصينى بنسبة ٪0.84 خلال شهر ديسمبر

الماضى لتصل إلى 76.47 مليار دولار فى نهاية ديسمبر من 75.833 مليار فى نهاية

نوفمبر، فى الوقت الذى ارتفع فيه إجمالى الاحتياطى بنحو ٪0.64 وبقيمة 20.2 مليار

دولار، ليصل إلى 3.14 تريليون دولار.

وقد تؤثر تلك المناوشات الاقتصادية على مستقبل سعر الدولار واليوان

والذهب بما يشير إلى تغيرات مستقبلية محتملة فى توليفة الاحتياطيات لدى البنوك

المركزية حول العالم، إذا ما ارتفعت حدة الصراع بين الصين والولايات المتحدة

واختلت معادلة الصادرات مقابل السندات.

وتوقع الدكتور محمد النظامى.. رئيس شركة سمارت فيجن لأسواق المال،

تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بدعم عملتها عن طريق زيادات مرتقبة لسعر الفائدة

على الدولار، وهو ما سوف يؤدى إلى زيادة الطلب على السندات الأمريكية مقابل العزوف

عن الذهب وتقليص أثر أى تهديدات صينية.

وأضاف أن الوقت مازال مبكراً لكى تتجه البنوك المركزية حول العالم

إلى زيادة الاحتياطى لديها من اليوان الصينى فى ضوء تمسك الولايات المتحدة

الأمريكية بدعم الدولار، بالإضافة إلى تمسك الصين نفسها بالحفاظ على مستوى متدن

لعملتها المحلية رغم امتلاكها لأكبر احتياطى نقدى فى العالم.

بينما يخطو المركزى الألمانى على خطى المصرف المركزى الأوروبى الذى

قرر تقليص احتياطاته النقدية بالدولار الأمريكى فى شهر يونيو الماضى ليشترى عملة

صينية بقيمة 500 مليون يورو، وفى تصريحات قالها «أندرياس دومبريت».. أحد الأعضاء

الإداريين التنفيذيين فى المصرف المركزى الألمانى، ذكر أن اعتماد اليوان عملة

نقدية احتياطية فى العديد من الدول الآسيوية أصبحت موضة تفشت منذ أكثر من ثلاثة

أعوام، مع ذلك لن يقوم المركزى الألمانى بشراء كميات كبيرة من اليوان الصينى، ولكن

وفق سقف سنوى محدد يتم رفعه تدريجيا.

ومن جانبه قال هيثم عبدالفتاح.. رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية

الصناعية إن اتجاه الدول إلى اعتماد اليوان ضمن احتياطيات العملات الأجنبية لا

يكون إلا باتجاه عالمى واضح من كافة البنوك المركزية الكبرى فى العالم، وهو الأمر

الذى لم يشهد سوى تحركات ضعيفة، وبالتالى فإن البنوك المركزية فى الدول النامية

ليست فى حاجة ملحة لتضمين اليوان ضمن احتياطياتها إلا مع زيادة ذلك الاتجاه بشكل

قوى فى كافة البنوك المركزية الكبرى حول العالم مثلما حدث عند اعتماد اليورو ضمن

احتياطيات العملات الأجنبية.

وأضاف عمر الشنيطى.. المدير التنفيذى لشركة «مالتيبلز» للاستثمار أنه

من المعتاد أن تكون توليفة الاحتياطى النقدى متماشية مع حجم استخدامات العملة

الأجنبية وفقا لجهات الاستيراد، فمثلا من المفترض أن تكون النسب الأكبر فى

الاحتياطى المصرى من عملة اليورو، نظرا لأن قيم واردات مصر من الاتحاد الأوروبى هى

الأكبر، وهكذا تختلف توليفة الاحتياطى النقدى بين دول وأخرى وفقا لاستخدامات

واحتياجاتها من الخارج.

وكشف تقرير صادر من البنك المركزى المصرى، عن تراجع حجم

احتياطى الذهب المصرى بقيمة 30 مليون دولار بنهاية شهر ديسمبر الماضى، لتصل قيمته

إلى نحو 2.67 مليار دولار، فى مقابل نحو 2.702 مليار دولار خلال شهر نوفمبر 2017،

كان حجم الاحتياطى من الذهب فى مصر قد ارتفع خلال شهر نوفمبر الماضى بقيمة 62

مليون دولار، فى مقابل نحو 2.640 مليار دولار خلال أكتوبر 2017.

ويتكون مكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من

العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة

«اليورو»، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى، وهى نسبة تتوزع حيازات مصر منها على

أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب

خطة موضوعة من قبل مسئولى البنك المركزى المصرى.

وكان وزن الذهب المصرى المدرج فى خزائن البنك المركزى  قد سجل نحو

75.6 طن خلال سبتمبر 2011، حيث كانت قيمته تبلغ وقتها نحو 4.4 مليار دولار، ويتم

جرد احتياطى الذهب كل 5 سنوات بمعرفة البنك المركزى والجهاز المركزى للمحاسبات.

ووفقًا للبنك المركزى فقد ارتفع حجم الاحتياطى النقدى من العملات

الأجنبية، مسجلا 37 مليار دولار خلال شهر ديسمبر الماضى، فى مقابل نحو 36.6 مليار

دولار خلال شهر نوفمبر 2017.

قال مجلس الذهب العالمى إن موجة صعود متأخرة لمشتريات الذهب الحاضرة

لم تفلح فى الحيلولة دون تراجع الطلب فى 2017 إلى أقل مستوى منذ 2009، مشيراً إلى

أن تأثير تراجع استثمارات الصناديق كان أقوى من زيادة استهلاك الحلى.

وأوضح المجلس فى أحدث تقرير فصلى لاتجاهات الطلب إن الطلب العالمى

على الذهب نزل ٪7 فى 2017 إلى 4071.7 طن وهو أقل مستوى فى ثمانية أعوام.

وأضاف المجلس أن الطلب لغرض الاستثمار نزل نحو الربع، بسبب تراجع

التدفقات على صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، فى حين ارتفعت أسعار الذهب العام

الماضى بفضل ضعف الدولار فإن ارتفاع أسعار الفائدة وصعود بورصات الأسهم حد من

جاذبية المعدن الأصفر كأداة استثمار.

وأشار إلى أن إجمالى مشتريات الصين بلغ 953.3 طن العام الماضى، بينما

وصل الطلب فى الهند إلى 726.9 طن، وتوقع أن تكون المشتريات عند المستوى نفسه هذا

العام، للهند بين 700 و800 طن والصين بين 900 وألف طن.

وتراجعت مشتريات البنوك المركزية حول العالم من الذهب بنحو ٪5 خلال

العام الماضى، رغم زيادة روسيا من حجم مشترياتها بالفترة نفسها.

وكشف التقرير الفصلى الصادر عن مجلس الذهب العالمي، أن صافى مشتريات

البنوك المركزية من المعدن النفيس سجلت 371.4 طن فى العام الماضى بهبوط قدره ٪5

مقارنة مع نفس الفترة من 2016.

وكان التقرير ذكر أن الطلب العالمى على الذهب تراجع خلال عام 2017

بنسبة ٪7 ليصل إلى 4071 طنا مسجلاً أدنى مستوى منذ عام 2009.

فى حين انخفضت مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب فى الربع

الرابع من العام الماضى بنسبة ٪38 لتصل إلى 73.1 طن.

واستحوذت روسيا على النصيب الأكبر من مشتريات الذهب، حيث بلغ صافى

مشترياتها خلال عام 2017 حوالى 223.5 طن، ليبلغ حجم الذهب من إجمالى احتياطاتها

٪18.

وبرزت تركيا خلال العام الماضى كمشترى قوى ليسجل متوسط الشراء شهرياً

11 طنا بداية من مايو الماضى، ليرتفع حجم احتياطاتها من الذهب خلال 2017 بمقدار 86

طنا لتصل إلى 200 طن، وهو ما يتماشى مع رؤية تركيا بأن الذهب هو أصل احتياطى رئيسي.

ووفقاً لنتائج التقرير فإن كازاخستان حافظت على زيادة احتياطياتها من

الذهب، حيث بلغ صافى مشتريات البنك المركزى فى العام الماضى 42.9 طن، ليرتفع

احتياطى كازاخستان من الذهب إلى أعلى 300 طن أى ما يعادل ٪40 من إجمالى احتياطاتها

بنهاية 2017.