رصدت وكالات الانباء العالمية تطورات الاحتياطيات
النقدية لدى المركزى المصرى التى وصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وهو ما يعزز
قدرة البلاد على انهاء كافة ازماتها المالية المتعلقة بشأن نقص العملة الأجنبية،
وسط توقعات ان يواصل الاحتياطى ارتفاعاته القياسية خلال الأشهر القليلة المقبلة،
حيث تشير الترجيحات إلى احتمال الاقتراب من عتبة الخمسين مليار دولار قبل نهاية
العام.
ومن المتوقع وفقاً لتقارير وكالات الأنباء الأجنبية أن
تتسلم البلاد دفعتين من قرض صندوق النقد الدولى خلال العام الجارى الأولى منتصف
العام والثانية بحلول ديسمبر، بقيمة إجمالية تصل إلى 4 مليارات دولارت، بخلاف طرح
متوقع خلال ابريل المقبل لسندات اليورو بوند قد تصل قيمته إلى 3 مليارات دولار،
لتصل الحصيلة الإجمالية لتدفق النقد الاجنبى عبر الطروحات والقروض نحو 7 مليارات
دولار كتقدير مبدئى.
وأضافت التقارير أن تلك القيمة مرشحة للزيادة بفضل
تحويلات المصريين فى الخارج التى تشهد ارتفاعا ملحوظا منذ قرار تحرير أسعار الصرف
فى نوفمبر، بخلاف إيرادات البلاد من الصادرات والتى شهدت زيادة لنفس الاسباب بعد
اكتساب المنتجات المصرية لميزة تنافسية، إضافة إلى عائدات قناة السويس وإيرادات
السياحة المرشحة للزيادة وتناقص الطلب على استيراد الغاز من الخارج.
وأوضحت تقارير لوكالتى رويترز وبلومبرج أن تلك العوامل
مجتمعة أو منفصلة تقود الاحتياطيات النقدية لأكبر بلد عربى من حيث السكان للوصول
بالاحتياطيات النقدية الأجنبية إلى مستويات تاريخية تعزز قدرة صانع القرار السياسى
على اتخاذ مزيد من الإجراءات الإصلاحية تزامنا مع الاتجاه لتخفيف السياسة المتشددة
بشأن أسعار الفائدة.
وقالت وكالتا بلومبرج ورويترز ان الاحتياطى النقدى
بالمركزى المصرى سجل أعلى ارتفاع شهرى منذ يوليو الماضى، بعدما أعلن البنك المركزى
المصرى عن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى بنهاية فبراير الماضى بنحو 4.3 مليار
دولار ليصل إلى 42.5 مليار دولار مقابل 38.2 مليار دولار فى يناير، ليواصل بذلك
تحقيق مستويات تاريخية.
وقالت التقارير إن هذا الارتفاع الشهرى يعد الأكبر منذ
شهر يوليو الماضى الذى سجل ارتفاعا بلغ 4.7 مليار دولار، وجاءت أغلب الزيادة التى
شهدها شهر فبراير نتيجة تسلم مصر لحصيلة طرح سندات دولية دولارية بقيمة 4 مليارات
دولار الشهر الماضى، وهو الطرح الذى جرى تغطيته ثلاث مرات.
واضافت التقارير أن مصر سددت حوالى 30 مليار دولار من
المستحقات المالية والديون الخارجية فى عام 2017، وتلتزم البلاد بتسديد أكثر من 12
مليار دولار فى 2018، وتغطى المدفوعات السندات والديون الخارجية للبنوك والودائع
والقروض الإقليمية والدولية من دول مثل المملكة العربية السعودية وليبيا وتركيا
والتزامات الهيئات الحكومية للشركات العالمية، فضلاً عن المستحقات لنادى باريس.
واضافت رويترز وبلومبرج إن ارتفاع العملات الأجنبية خطوة
جيدة تعطى الثقة للاقتصاد المصرى وتساعده على مواجهة الضغوط وتطمئن المجتمع
الاقتصادى العالمى على قدراته، وإن مصر لديها الكثير من الفرص لتحسين أوضاعها
الاقتصادية، خاصة بعد الموافقة على قانون الاستثمار الجديد الذى يشجع الأعمال
ويسهل الاستثمار.
ونقلت وكالة روتيرز عن هانى فرحات كبير الاقتصاديين فى
سى آى كابيتال إن صافى الاحتياطيات الدولية قفز إلى مستوى آمن جديد سيعزز ثقة
المستثمرين ويقلص فجوة التمويل حتى فى ظل المدفوعات المستحقة العام الجارى وتبلغ
12 مليار دولار، حيث إن البنك المركزى أكد التزامه وقدرته على الوفاء بالتزاماته
للشركاء الاجانب اكثر من مرة.
وتابعت وكالة رويترز نقلاً عن كبير الاقتصاديين فى سى آى
كابيتال أن الزيادة فى الاحتياطى ستسهل خفض أسعار الفائدة هذا العام وتقلل من
مخاطر هروب العملات الأجنبية مع انخفاض الفائدة، وأضاف إن بيع السندات الدولية كان
فقط أحد الأسباب التى ساهمت فى الزيادة بالاحتياطيات، مشيراً إلى ان هناك تحسنا
ملحوظا فى عدد كبير من المؤشرات الاقتصادية أعطى دفعة أيضا.
وقالت رويترز إنه من المتوقع ان تعلن مصر عن البنوك
المرتبة للاصدار المرتقب باليورو فى سوق السندات الدولية قبل نهاية مارس الجارى،
وتتوقع أن يتم طرح سندات بما بين مليار و1.5 مليار يورو خلال أبريل المقبل، وأن
تبدأ الجولة الترويجية مطلع أبريل القادم، وسط توقعات بتحقيق الإصدار تراجعاً فى
العائدات المستحقة بعد تراجع العائد على الإصدار الأخير بنسبة فى حدود 0.6٪.
وقالت وكالة بلومبرج إن ارتفاع الاحتياطى النقد الاجنبى
فى مصر إلى مستوى قياسى فى فبراير الماضى جاء مدعوما ببيع السندات الدولية مؤخرا
وتحسن فى المؤشرات الاقتصادية وتباطؤ فى الطلب على شحنات الغاز، وهو ما أعطى غطاء
نقدى قوى للبلاد حيث بدأ صناع السياسة خفض أسعار الفائدة.
وقال هانى فرحات كبير الاقتصاديين فى «سى آى كابيتال»
بالقاهرة فى تصريحات لبلومبرج إن هذه الزيادة ستساعد صانع القرار النقدى فى مصر
على استخدام ادواته النقدية بطريقة اكثر اريحية سواء معدلات الفائدة أو
الاحتياطيات الالزامية للبنوك وغيرها من الأدوات التى يسعى من خلالها لتنفيذ
مستهدفاته.
وتابع هانى فرحات وفقا لوكالة بلومبرج ان هذا العام
سيشهد مزيدا من التدفقات الرأسمالية المحتملة بسبب انخفاض أسعار الفائدة على الدين
المحلى، حيث يؤدى ذلك لانخفاض تكلفة الاستدانة من الخارج أو العائد على اذون
الخزانة الدولارية التى تصدرها الحكومة، وكذلك الإصدارات بالعملة المحلية لتنخفض
تكلفة الإصدار.
وأضافت بلومبرج نقلاً عن كبير الاقتصاديين فى «سى آى
كابيتال» ان تلك الزيادة تعزز الثقة فى الاقتصاد المصرى وان ما تحصل عليه البلاد
من قروض أو سيولة دولارية لا يذهب سدى فى تسديد المستحقات والالتزامات أو تسديد
الاجور، بل يعمل على تعزيز الموقف الاقتصادى الذى يعطى رسائل مطمئنة للمستثمرين
الاجانب بأن أموالهم وتحويلاتهم ونقل أرباحهم بات امرا سهلا فى بلد عانى لسنوات من
شح العملة الأجنبية.
وقالت الوكالتان إن المركزى المصرى خفض أسعار الفائدة فى
الشهر الماضى للمرة الأولى منذ إطلاق قرار تعويم الجنيه، وبدأت دورة التخفيف
المتوقعة على نطاق واسع بعد أن ساعدت تكاليف الاقتراض المرتفعة على خفض التضخم
وجذب 20 مليار دولار إلى ديون العملة المحلية.
وتابعت رويترز وبلومبرج ان انخفاض أسعار الفائدة فى مصر،
إلى جانب التوقعات بأن بنك الاحتياطى النقدى سيتحرك فى اتجاه صاعد صوب مستويات
قياسية جديدة، بما يعمل على زيادة الثقة فى ضخ استثمارات مباشرة جديدة فى السوق
المصرى، مع الاشارة إلى أن الاستثمار فى أدوات الدين المحلية لازال مربحاً
وجذاباً، حيث أن الفائدة لازالت مرتفعة حتى فى حال مزيد من الخفض تظل جاذبة فى ظل
ارتفاع معدلات الثقة فى السداد والنمو الاقتصادى.
وقالت التقارير إن الارتفاع الكبير فى الاحتياطيات
النقدية سيسهل بالتأكيد خفض أسعار الفائدة هذا العام والحد من مخاطر تدفقات
العملات مع انخفاض الأسعار، وهو ما سيعمل على انعاش الاقراض للقطاع الخاص وتحقيق
معدلات نمو أكبر من المتوقع فى ظل تزايد وتيرة الاستثمار.