شهدت عدة مدن في الولايات المتحدة وأوروبا تصاعدًا لافتًا في عمليات سرقة النحاس، بالتزامن مع الارتفاع الحاد في أسعار المعدن عالميًا، في ظاهرة أعادت إلى الواجهة واحدة من أخطر الأزمات التي تهدد البنية التحتية والخدمات العامة في الدول المتقدمة.
وأسفرت هذه السرقات عن تعطّل خدمات حيوية شملت شبكات الاتصالات، والإنارة العامة، وإشارات المرور، إضافة إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء والإنترنت، ما تسبب في إرباك واسع لحياة المواطنين وتعطيل المرافق الخدمية.
قفزة سعرية تتجاوز 30% تشعل السوق السوداء
وبحسب بيانات الأسواق، ارتفعت أسعار النحاس في الولايات المتحدة بأكثر من 30% خلال الفترة الأخيرة، مدفوعة بزيادة الطلب من مشروعات مراكز البيانات العملاقة، وتوسعات الطاقة المتجددة، إلى جانب مخاوف متصاعدة من فرض رسوم جمركية جديدة على واردات المعدن.
هذا الارتفاع السريع حوّل النحاس إلى سلعة عالية السيولة في السوق السوداء، وفقًا لشركات مرافق واتصالات، ما شجّع مجموعات منظمة ولصوصًا محترفين على استهداف الكابلات النحاسية، سواء الهوائية أو المدفونة، وسرقتها خلال دقائق معدودة.
كابلات الاتصالات والكهرباء في مرمى اللصوص
وأفادت تقارير محلية بأن السرقات طالت خطوط الهاتف الأرضي، وكابلات الإنترنت، وأسلاك الكهرباء، وهو ما أدى إلى تعطّل خدمات الاتصالات والبيانات في مناطق كاملة، وتأثر مستشفيات ومرافق طوارئ وخدمات إنقاذ في بعض المدن.
وتشير الشركات المتضررة إلى أن اللصوص يعمدون إلى تجريد الكابلات المسروقة من أي علامات تعريف أو ترقيم، قبل بيعها سريعًا لتجار الخردة، ما يصعّب عملية تتبع مصدر النحاس المسروق.
تتبع النحاس المسروق.. مهمة شبه مستحيلة
تواجه الجهات المعنية صعوبات كبيرة في ملاحقة هذه السرقات، إذ يُباع النحاس غالبًا على هيئة "نحاس عارٍ"، ما يفقده أي دلائل تشير إلى مصدره الأصلي، خاصة في ظل ضعف الرقابة على أسواق الخردة في بعض المناطق.
وتحذر تقارير أمنية من أن غياب أنظمة صارمة لتتبع تجارة المعادن المستعملة يفتح الباب أمام توسع هذه الظاهرة، ويزيد من كلفتها الاقتصادية والأمنية.
الألياف الضوئية حل مطروح بتكلفة مرتفعة
في محاولة للحد من الخسائر، بدأت شركات الاتصالات في عدد من الدول تسريع خطط استبدال شبكات النحاس القديمة بالألياف الضوئية، التي تُعد أقل عرضة للسرقة وأكثر كفاءة في نقل البيانات.
إلا أن هذه الخطط تواجه تحديات تقنية ومالية كبيرة، خاصة مع استمرار اعتماد ملايين المستخدمين على البنية التحتية النحاسية، وارتفاع تكاليف التحديث الشامل للشبكات، في وقت تعاني فيه الشركات من ضغوط تضخمية متزايدة.
تحذيرات من تفاقم الأزمة
ويحذّر خبراء من أن استمرار ارتفاع أسعار النحاس قد يؤدي إلى موجة جديدة من السرقات، ما لم تُشدد الرقابة على تجارة الخردة، وتُفرض عقوبات أكثر صرامة على المتورطين، إلى جانب تسريع خطط تحديث شبكات الاتصالات والطاقة.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض