بعد سنوات من الانتظار والجدل السياسي، أقرّت حكومة لبنان مشروع قانون «الانتظام المالي واستعادة الودائع»، وذلك عقب جلسة شهدت انقسامًا واضحًا بين الوزراء، ليُحال المشروع رسميًا إلى مجلس النواب اللبناني لمناقشته وإقراره.
ويُعد هذا القانون خطوة محورية ضمن مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها، في محاولة لمعالجة واحدة من أعقد الأزمات المالية في تاريخ البلاد.
تركيز على صغار المودعين واستعادة مليارات الدولارات
يركّز مشروع القانون الجديد بشكل أساسي على حماية صغار المودعين، حيث ينص على استرداد كامل الودائع التي تقل عن 100 ألف دولار، ما يفتح الباب أمام تسوية ودائع تُقدّر بمليارات الدولارات، ويُمهّد الطريق أمام الحصول على تمويلات دولية يحتاجها لبنان بشدة.
وخلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت اليوم الخميس، حصل المشروع على موافقة 13 وزيرًا، مقابل معارضة 9 وزراء، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام.
نواف سلام: نأمل إقرار القانون سريعًا
عقب انتهاء الجلسة، أعرب رئيس مجلس الوزراء نواف سلام عن أمله في أن يقوم مجلس النواب بإقرار مشروع القانون في أقرب وقت ممكن، نظرًا لأهميته البالغة في مسار التعافي الاقتصادي.
وأكد سلام في تصريح صحفي أن صغار المودعين سيستردون ودائعهم كاملة من دون أي اقتطاع، بما في ذلك الفوائد المتراكمة، على أن يتم السداد خلال فترة أقصاها أربع سنوات.
معالجة فجوة مالية تُقدّر بـ80 مليار دولار
يُعد قانون الانتظام المالي من أبرز مشاريع الإصلاح في لبنان، إذ يهدف إلى تحديد المسؤوليات في فجوة مالية تُقدّر بنحو 80 مليار دولار من أموال المودعين، نتجت عن اقتراض الدولة من مصرف لبنان، واعتماد الأخير على الاستدانة من البنوك المحلية.
وتفاقمت الأزمة بعدما تخلّفت الحكومة عن سداد ديونها للمصرف المركزي، ما انعكس مباشرة على القطاع المصرفي الذي بات عاجزًا عن توفير ودائع العملاء بشكل كامل.
آلية تعويض المودعين المتوسطين والكبار
بالنسبة إلى المودعين المتوسطين والكبار، ينص القانون على حصولهم على مبلغ 100 ألف دولار نقدًا، أسوة بصغار المودعين، إضافة إلى سندات قابلة للتداول تعادل قيمة الودائع المتبقية من دون اقتطاع من أصلها.
وتكون هذه السندات مدعومة بعائدات وأصول مصرف لبنان، أو بناتج بيع جزء منها، ما يمنحها قيمة فعلية وجدول سداد واضح. وأوضح رئيس الحكومة أن هذه السندات ليست مجرد التزامات نظرية، بل مدعومة بما يقارب 50 مليار دولار من موجودات المصرف المركزي.
أهداف القانون: استعادة الثقة وإنعاش الاقتصاد
بحسب الحكومة اللبنانية، يهدف القانون إلى إعادة بناء الثقة بالنظام المالي والمصرفي، من خلال تقييم أصول المصارف وإعادة رسملتها، بما يمكّنها من استعادة دورها في تمويل الاقتصاد، وتحفيز النمو، والحد من توسّع الاقتصاد النقدي والموازي.
خطوة نحو إحياء اتفاق صندوق النقد الدولي
يأتي هذا المشروع في سياق سلسلة من القوانين الإصلاحية التي أقرّها لبنان مؤخرًا، من بينها قوانين رفع السرية المصرفية وإصلاح القطاع البنكي، في إطار السعي إلى تفعيل الاتفاق المجمّد مع صندوق النقد الدولي منذ أبريل 2022، والذي يوفّر تمويلًا بقيمة 3 مليارات دولار.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض