أقر البنك المركزي المصري، في آخر اجتماعاته الدورية لعام 2025، اليوم الخميس، خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 100 نقطة أساس، في خطوة كانت محل ترقب واسع داخل الأوساط الاقتصادية والمالية، خاصة في ظل الإشارات الحكومية السابقة بشأن خفض تكلفة الدين العام وتقليص عجز الموازنة.
وكان قطاع عريض من الأوساط الاقتصادية تتوقع أن يلجأ البنك المركزي للإبقاء على مستويات الفائدة الحالية دون تغيير، ليفاجأ البنك المركزي الأسواق بإجراءه خفضًا على الجنيه للمرة الخامسة في 2025، ليصل إجمالي حركات التيسيرات النقدية التي اجراها البنك المركزي من بداية عام 2025 وحتى أخر العام 725 نقطة أساس، أي ما يعادل 7.25%.
وفي هذا السياق، أشارت الدكتورة حنان رمسيس، عضو مجلس إدارة شركة الحرية لتداول الأوراق المالية، وخبيرة أسواق المال، أن إقرار البنك المركزي جاء متسقًا مع تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، التي أكد فيها أهمية تخفيف أعباء خدمة الدين على الموازنة العامة، بما يعزز قدرة الدولة على إعادة توجيه الموارد نحو الإنفاق الاستثماري والاجتماعي، وهو ما عزّز من توقعات الأسواق باتجاه السياسة النقدية نحو التيسير.
تأثير مباشر على سوق المال
لفتت الدكتورة حنان رمسيس في تصريح لـ «العقارية»، إلى ان القرار ينعكس بشكل إيجابي على سوق المال، إذ يسهم تراجع العائد على أدوات الادخار البنكي في تعزيز جاذبية الاستثمار في الأسهم، بما يؤدي إلى زيادة قيم وأحجام التداول داخل البورصة المصرية، كما ينظر إلى خفض سعر الفائدة باعتباره عامل دعم رئيسي للشركات المقيدة، إذ يقلل من تكلفة التمويل، ويعزز من فرص التوسع والنمو، لا سيما في القطاعات الإنتاجية والخدمية، وإن كان تأثير القرار يختلف من قطاع إلى آخر، بل ومن شركة لأخرى داخل القطاع الواحد.
وتتباين استفادة الشركات من قرار خفض الفائدة وفقا لطبيعة نشاطها وهيكلها التمويلي، فالشركات التي تعتمد على الاقتراض البنكي لتمويل عملياتها التشغيلية أو التوسعية تستفيد بشكل مباشر من تراجع تكلفة الاقتراض.
في المقابل، تتأثر الشركات التي توجه جزءا من استثماراتها إلى أذون وسندات الخزانة سلبا، نتيجة انخفاض العائد على هذه الأدوات، كما تتأثر الشركات التي تصدر سندات دولية، إذ يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تراجع جاذبية أدوات الدين التي تطرحها، ما قد يدفع بعض المستثمرين الأجانب إلى إعادة توجيه استثماراتهم نحو أسواق دين أخرى ذات عوائد أعلى، في إطار ما يعرف بالأموال الساخنة.
شهادات الادخار
توقع رمسيس أن يسمح البنك المركزي للبنوك بإصدار شهادات ادخار جديدة بالتزامن مع انتهاء آجال الشهادات مرتفعة العائد التي طرحت بفوائد 23% و27%، في محاولة للحفاظ على جزء معتبر من السيولة داخل الجهاز المصرفي، كما تشير التقديرات إلى أن العائد على هذه الشهادات قد يتراوح بين 19% و23%، بهدف جذب شريحة القطاع العائلي، التي تميل بطبيعتها إلى الادخار الآمن وتفتقر في الغالب إلى ثقافة الاستثمار في البورصة، فضلا عن تخوفها من المخاطر المرتبطة بتقلبات سوق الأسهم.
الذهب ملاذ بديل
في المقابل، قد يتعرض سوق الذهب لضغوط تصاعدية، باعتباره أحد الملاذات الآمنة في ظل غياب رؤية اقتصادية واضحة لدى بعض المدخرين، حيث يمكن أن يجتذب جزءا من السيولة الخارجة من الأدوات الادخارية التقليدية، خاصة مع انخفاض العائد الحقيقي على الودائع.
متى تجذب البورصة السيولة بالكامل؟
ذكرت خبيرة سوق المال أن البورصة لن تتمكن من اجتذاب السيولة بالكامل إلا في حال توافر مجموعة من العوامل، على رأسها طرح حكومي ضخم يعيد الثقة للسوق، على غرار ما حدث في طرح المصرية للاتصالات عام 2007، الذي نجح في استقطاب رؤوس أموال واسعة.
كما يتطلب الأمر تأكيد الاتجاه الصاعد للمؤشرات الرئيسية، واستمرارها في الارتفاع لفترات ممتدة، مع وضوح الربحية في رأس المال السوقي، وإيصال رسالة واضحة للمتعاملين بأن الاستثمار في الأسهم يحقق عوائد حقيقية، مدعومة بتجارب ناجحة لمستثمرين حققوا أرباحا فعلية.
ورغم ذلك، تظل المخاوف الرئيسية لدى المدخرين مرتبطة بحدة تذبذب أسعار الأسهم واحتمالات فقدان المدخرات، وهو ما يستدعي تعزيز أدوات الحماية وزيادة الوعي الاستثماري لضمان توسيع قاعدة المستثمرين في السوق.
الدكتورة حنان رمسيس خبيرة أسواق المال
هل تنجح شهادات الادخار الجديدة في احتواء السيولة بعد خفض الفائدة؟
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض