في خطوة تُعد الأوسع من نوعها في ملف الإسكان، بدأت السعودية تنفيذ مبادرة كبرى لإعادة ضبط سوق الأراضي السكنية في العاصمة الرياض، بعدما شرعت الحكومة، عبر الهيئة الملكية لمدينة الرياض، في طرح آلاف القطع السكنية بأسعار مدعومة تقل بشكل حاد عن مستويات السوق، ضمن توجه رسمي لكبح ارتفاع الأسعار وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين.
المبادرة تعكس تحوّلًا لافتًا في سياسات الإسكان، مع اعتماد آليات تسعير ثابتة وتوسيع المعروض العقاري بصورة منظمة، بما يسهم في تحقيق توازن مستدام داخل السوق.
قرعة إلكترونية وأسعار ثابتة تقل كثيرًا عن السوق
وأجرت الهيئة الملكية لمدينة الرياض، يوم الأربعاء، قرعة إلكترونية عبر منصة «الميزان العقاري»، لتخصيص الأراضي ضمن برنامج تمكين المواطنين من التملك، حيث جرى اعتماد سعر ثابت بلغ 1500 ريال سعودي للمتر المربع، وهو سعر يقل بشكل ملحوظ عن متوسط الأسعار السائدة في العاصمة.
ويأتي اعتماد هذا السعر في إطار سياسة تسعير مدعومة تستهدف الحد من الضغوط السعرية التي شهدها سوق الأراضي خلال السنوات الماضية.
أكثر من 10 آلاف قطعة أرض في ثمانية أحياء بالرياض
وشمل الطرح تخصيص 10024 قطعة أرض سكنية، بإجمالي مساحة تصل إلى 6.38 مليون متر مربع، موزعة على ثمانية أحياء داخل مدينة الرياض، في خطوة تهدف إلى تعزيز التوزيع الجغرافي المتوازن للمشروعات السكنية.
وبلغت مساحة كل قطعة 300 متر مربع، بما يتوافق مع اشتراطات التخطيط العمراني المعتمدة في المشاريع السكنية الحديثة، ويتيح مرونة مناسبة لبناء مساكن تلبي احتياجات الأسر السعودية.
خصومات تصل إلى 84% مقارنة بأسعار السوق
وبحسب بيانات نشرتها صحيفة الاقتصادية، فإن الأسعار المعتمدة ضمن هذا الطرح تمثل خصومات تتراوح بين 16% و84% مقارنة بأسعار السوق في الأحياء المشمولة، كما تقل بأكثر من 50% عن متوسط سعر الأراضي السكنية في الرياض، والذي يُقدّر بنحو 3200 ريال للمتر المربع.
وسجل حي القيروان أعلى نسبة خصم وصلت إلى 84%، تلاه حي الملقا وحي النرجس بنسبة 78%، ثم حي الرمال بنسبة 58%، فيما بلغت نسبة الخصم في حي الجنادرية نحو 16%، ما يعكس تفاوتًا مدروسًا يستهدف إعادة التوازن السعري داخل العاصمة.
خطة خماسية لزيادة المعروض العقاري
وتندرج هذه الخطوة ضمن الخطة الخماسية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي وضعت هدفًا يتمثل في توفير ما بين 10 آلاف و40 ألف قطعة أرض سكنية سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة، بأسعار تقل عن 1500 ريال للمتر المربع.
وتهدف الخطة إلى رفع كفاءة سوق العقارات السكنية، وتوسيع قاعدة التملك، والحد من فجوة العرض والطلب التي ساهمت في ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية.
شروط صارمة لمنع المضاربة وحماية الهدف السكني
وقيدت السعودية الاستفادة من البرنامج بشروط تنظيمية مشددة تهدف إلى منع المضاربة العقارية، حيث يقتصر التقديم على المواطنين المتزوجين أو من تجاوزوا سن 25 عامًا، بشرط عدم امتلاك مسكن سابقًا.
كما حظرت الأنظمة بيع الأرض أو تأجيرها أو التصرف بها لمدة عشر سنوات، باستثناء حالات تمويل البناء، مع منح الجهات المختصة الحق في استرداد الأراضي غير المطورة خلال هذه الفترة، لضمان توجيهها للاستخدام السكني الفعلي.
مرحلة جديدة في ضبط سوق العقارات بالسعودية
وتؤكد هذه الإجراءات أن السعودية تمضي نحو مرحلة أكثر تنظيمًا في إدارة سوق العقارات، عبر سياسات تستهدف زيادة المعروض، وضبط الأسعار، وحماية القدرة الشرائية، بما يعزز الاستقرار السكني والاقتصادي على المدى المتوسط والطويل، ويدعم أهداف التنمية الحضرية الشاملة في العاصمة الرياض.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض