تتحرك السياسات الاقتصادية في المرحلة الراهنة نحو إعادة صياغة العلاقة الضريبية بين الدولة والمجتمع، عبر مقاربة تستهدف زيادة موارد الخزانة دون الإخلال بزخم النشاط الاقتصادي، ويأتي ذلك من خلال توجهات توازن بين تعظيم الحصيلة الضريبية وتخفيف الأعباء عن الملتزمين، بالاعتماد على حوافز إجرائية ومرونة في تسوية المستحقات، ضمن مساعٍ أوسع لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الإطار الرسمي، وتوسيع القاعدة الضريبية بما يدعم الاستدامة المالية ويعزز المشاركة الاقتصادية على المدى الطويل.
ضريبة الأرباح الرأسمالية
في هذا السياق، أشارت الدكتورة حنان رمسيس، عضو مجلس إدرة شركة الحرية لتداول الأوراق المالية، إلى أن ضريبة الأرباح الرأسمالية برزت في سوق المال كإحدى أكثر القضايا إثارة للجدل خلال السنوات الماضية، حيث اعتبرها قطاع واسع من المتعاملين عبئًا يحد من قدرتهم على تحقيق مكاسب، فضلًا عن مخاوف تتعلق بفتح ملفات ضريبية لدى مصلحة الضرائب المصرية.
كما رفض عدد كبير من المتعاملين في البورصة تطبيق هذه الضريبة، معتبرين أنها غير عادلة، خاصة في فترات تراجع السوق وغياب الفرص الحقيقية لتحقيق أرباح، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أداء المؤشرات، إذ كانت أي عودة للحديث عن الضريبة تقابل بحالة من التخوف والضغوط البيعية وتراجع أحجام التداول.
ولفتت رمسس في تصريح لـ «العقارية» إلى أن مع صعوبة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، طُرحت مقترحات بأن تتولى شركة مصر للمقاصة مهمة التحصيل، إلا أن التحديات الفنية حالت دون تنفيذ الفكرة، ليعاد طرح ضريبة رسم الدمغة كبديل أكثر قابلية للتطبيق.
وكانت ضريبة الدمغة قد طبقت بالفعل في فترات سابقة، إلا أن ارتفاع قيمتها آنذاك أدى إلى تقلص تعاملات المستثمرين، خاصة عمليات المتاجرة اليومية، إذ بلغت في إحدى المراحل نحو 1.75%، وهو ما حد من فرص تحقيق المكاسب.
ومع خفض الضريبة لاحقًا إلى 1.25 %، وطرح مقترحات لتقليصها إلى 0.75 %، شهدت السوق انتعاشًا ملحوظًا في أحجام التداول، في ظل موجات صعود متتالية للمؤشرات، وهو ما جعل المتعاملين ينظرون إلى رسم الدمغة باعتباره أقل ضررا وأكثر استقرارًا مقارنة بضريبة الأرباح الرأسمالية.
وتختلف آلية تطبيق الضريبتين، إذ تفرض ضريبة الأرباح الرأسمالية فقط على من يحقق أرباحا، مع احتساب تكلفة الفرصة البديلة، إلا أن صعوبة احتساب هذه التكلفة كانت من أبرز أسباب تعليق العمل بها، في حين تستقطع ضريبة رسم الدمغة من جميع المتعاملين، سواء كانوا بائعين أو مشترين، رابحين أو خاسرين، عبر شركات السمسرة التي تقوم بتوريدها دوريا إلى مصلحة الضرائب.
مطالب سوق المال
يٌطالب متعاملون في سوق المال بأن تحدد الدولة نسبة ضريبة الدمغة عند الحد الأدنى الممكن، طالما تحقق عائدا للدولة وتحظى بقبول من العملاء وأطراف السوق كافة، في ظل منافسة إقليمية قوية، خاصة مع وجود أسواق مجاورة لا تفرض ضرائب على التداولات، ما يتيح للمستثمرين حرية الانتقال بين الأسواق في الوقت الحالي، مقارنة بفترات سابقة كان فيها الخيار المحلي هو الوحيد المتاح.
وكانت رشا عبدالعال، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، قد أكدت، يوم الإثنين الماضي، أن من أبرز بنود الحزمة التسهيلية الضريبية المطروحة حاليا استبدال المحاسبة الضريبية لنشاط التصرف في الأوراق المالية المقيدة ببورصة الاوراق المالية إلى ضريبة الدمغة النسبية بدلا من ضريبة الأرباح الرأسمالية، وذلك بهدف تبسيط الإجراءات وتسهيل عملية تحصيل الضريبة المستحقة على هذه التصرفات، وبما يدعم تحفيز الاستثمار المؤسسي في سوق المال.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض