الأصول الأجنبية تسجل أعلى مستوى منذ 2020.. هل عادت الأموال الساخنة إلى مصر؟


الجريدة العقارية الاربعاء 17 ديسمبر 2025 | 07:03 مساءً
الأموال الساخنة
الأموال الساخنة
جهاد جمال

تشهد حركة الاستثمار الأجنبي في مصر مؤشرات إيجابية قوية خلال الفترة الأخيرة، حيث عادت شهية رؤوس الأموال الأجنبية للسوق المحلية بعد سنوات من الضغوط العالمية، مدفوعة بتحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية وارتفاع صافي الأصول الأجنبية إلى مستويات قياسية لم تشهدها البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويُعزز هذا الأداء الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات وتحقيق عوائد مجزية للمستثمرين، في ظل بيئة عالمية مليئة بعدم اليقين.

ويأتي هذا التحسن نتيجة سلسلة من الإجراءات التي تبنتها الحكومة بهدف خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية، أبرزها سياسة سعر الصرف المرنة والتسهيلات القطاعية والحوافز الضريبية المرتقب تطبيقها قريبًا، ما يسهم في تعزيز أداء الشركات المدرجة وزيادة قدرتها على تحقيق معدلات نمو وربحية أعلى، وهو عامل حاسم في قرارات المستثمرين الأجانب على المدى الطويل.

كما بدأت الاستثمارات الأجنبية في التوجه تدريجيًا نحو الاقتصاد المصري بعد فترة ركود ناجمة عن الأزمات العالمية المتعاقبة، بما في ذلك جائحة كورونا والأزمات الجيوسياسية والتشديد النقدي العالمي، مع عودة السيولة الأجنبية للاستثمار المباشر وغير المباشر في القطاعات الواعدة، مدعومة بالأداء المالي القوي للشركات المدرجة في البورصة المصرية وقدرتها على توليد أرباح مستدامة.

هل عادت الأموال الساخنة في مصر

في هذا السياق، أكد الدكتور حسام عيد، عضو شركة كابيتال فاينانشينال لتداول الأوراق المالية، أن مؤشرات حركة الاستثمار الأجنبي في مصر خلال الفترة الأخيرة تعكس تحولًا إيجابيًا واضحًا، مدعومة بتحسن مجموعة من المؤشرات الكلية، في مقدمتها تسجيل صافي الأصول الأجنبية مستويات قياسية هي الأعلى منذ فبراير 2020، ما يعكس عودة شهية رؤوس الأموال الأجنبية تجاه السوق المصرية بعد سنوات من الضغوط العالمية.

وأوضح عضو شركة كابيتال فاينانشينال في تصريح لـ «العقارية»، أن صافي الأصول الأجنبية سجل خلال السنوات الخمس الماضية مستويات تقارب 21 مليار دولار، وهو ما يعد مؤشرًا مباشرًا على ثقة المستثمر الأجنبي في قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات وتحقيق عوائد مجزية على الاستثمارات، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي تهيمن على الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن هذا التحسن لم يكن وليد الصدفة، بل جاء مدفوعًا بحزمة من الإجراءات التي تبنتها الحكومة المصرية منذ بداية العام الجاري، استهدفت توفير بيئة استثمارية أكثر جاذبية، في مقدمتها تبني سياسة سعر صرف أكثر مرونة، وهو ما أسهم في تعزيز تدفقات النقد الأجنبي سواء للاستثمار المباشر أو غير المباشر، وخلق درجة أعلى من الوضوح والثقة لدى المستثمرين.

وأشار إلى أن المحفزات القطاعية التي أعلنتها الحكومة، خاصة في القطاعات الرئيسية للاقتصاد، تمثل عامل جذب إضافيًا للاستثمارات الأجنبية، لا سيما التسهيلات والحوافز الضريبية التي من المقرر تطبيقها مع بداية العام المقبل، والتي من شأنها تحسين نتائج أعمال الشركات المدرجة، ورفع قدرتها على تحقيق معدلات نمو وربحية أعلى، وهو ما يُعد عنصرًا حاسمًا في قرارات المستثمر الأجنبي طويل الأجل، مؤكدًا أن هذه الحوافز الضريبية كانت محل ترقب واسع من جانب المؤسسات المالية الدولية وأصحاب رؤوس الأموال الأجنبية، نظرا لتأثيرها المباشر على كفاءة الاستثمار واستدامة التدفقات النقدية، خاصة في الشركات القيادية التي تتمتع بملاءة مالية قوية ومراكز تنافسية مستقرة داخل السوق.

الاستثمارات الأجنبية في مصر

في سياق متصل، أوضح خبير سوق المال أن تراجع الاستثمارات الأجنبية في مصر خلال السنوات الماضية كان نتيجة طبيعية لسلسلة من الأزمات العالمية، بدءًا من تداعيات جائحة كورونا، مرورًا بالأزمات الجيوسياسية منذ مطلع عام 2022، وما صاحبها من تشديد نقدي عالمي دفع رؤوس الأموال الأجنبية إلى التوجه نحو أدوات الدخل الثابت ذات العائد المرتفع والمنخفض المخاطر، غير أن المشهد بدأ يشهد تحولا تدريجيًا مع اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي ا نحو سياسة التيسير النقدي، ما يدفع المستثمرين الأجانب إلى إعادة توجيه استثماراتهم بعيدا عن أدوات الدخل الثابت، والبحث عن فرص أعلى عائدا في الاقتصادات الناشئة والنامية، وعلى رأسها السوق المصرية، التي تتمتع بأصول مقومة بالدولار وبقيم جاذبة مقارنة بنظيراتها.

وتوقع الخبير أن تشهد الفترة المقبلة زيادة ملحوظة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، مدعومة بالأداء المالي القوي للشركات المدرجة في مؤشرات البورصة المصرية، سواء المؤشر الثلاثيني أو السبعيني، وما تحققه من معدلات نمو وربحية مرتفعة، الأمر الذي يعزز من استدامة التدفقات الأجنبية ويعمّق دور سوق المال والقطاع المالي غير المصرفي في دعم النمو الاقتصادي.

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن في أحدث ييانته الشهرية منذ يومين، عن تحقيق صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي فائضًا بقيمة 11.884 مليار دولار أي ما يُعادل 566.094 مليار جنيه بنهاية أكتوبر 2025، مقابل 11.64 مليار دولار أي ما يُعادل 592.469 مليار جنيه بنهاية 2024.