شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الأربعاء، بنسبة تجاوزت 1%، مدفوعة بقرار أمريكي يقضي بفرض حصار «كامل وشامل» على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا وتغادرها، وهو ما أعاد إشعال المخاوف الجيوسياسية في سوق الطاقة العالمية.
ويأتي هذا الصعود بعد موجة تراجع حادة دفعت الخامين القياسيين إلى مستويات قريبة من أدنى أسعارها خلال خمس سنوات، في ظل آمال التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وما قد يترتب عليه من زيادة المعروض النفطي عالميًا.
برنت وغرب تكساس يسجلان مكاسب واضحة
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 70 سنتًا، بما يعادل 1.2%، لتسجل 59.62 دولار للبرميل، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 73 سنتًا أو 1.3% ليصل إلى مستوى 56 دولارًا للبرميل.
وكان الخامان قد أنهيا جلسة أمس بالقرب من أدنى مستوياتهما منذ سنوات، متأثرين بتراجع المخاوف الجيوسياسية سابقًا وضعف الطلب العالمي على الطاقة.
خلفية القرار الأمريكي وتأثيره على سوق النفط
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، فرض حصار شامل على ناقلات النفط المرتبطة بفنزويلا والخاضعة للعقوبات، معتبرًا أن حكومة كاراكاس باتت تُصنف كمنظمة إرهابية أجنبية، في تصعيد غير مسبوق ضد نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وبحسب تقديرات متداولين أمريكيين، فإن هذا القرار قد يؤدي إلى خروج ما بين 400 و500 ألف برميل يوميًا من السوق، وهو ما قد يرفع أسعار النفط عالميًا بما يتراوح بين دولار ودولارين للبرميل.
التأثير الأكبر سيظهر في التسليمات الفورية
قال ماتياس توجني، المحلل في شركة «نكست باريل» المتخصصة في تحليلات سوق النفط، إن التأثير السعري المتوقع سيتركز بشكل أكبر على أسعار التسليم الفوري، وليس على العقود الآجلة طويلة الأجل.
وأوضح أن البدائل الطبيعية للنفط الخام في منطقة ساحل الخليج الأمريكي، مثل مزيج كاستيلا الكندي والنفط الكولومبي، قد تشهد ارتفاعًا أكبر في الطلب، رغم أن إجمالي النقص في الإمدادات المرتبطة بشحنات شركة شيفرون لن يتجاوز 200 ألف برميل يوميًا.
تصعيد مستمر وضبابية في آلية تنفيذ الحصار
جاءت تصريحات ترامب الأخيرة بعد أسبوع واحد فقط من احتجاز الولايات المتحدة ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة السواحل الفنزويلية، في إطار حملة ضغط متصاعدة على حكومة مادورو، التي تتهمها واشنطن بالتورط في تهريب المخدرات إلى الأراضي الأمريكية.
ومنذ حادثة الاحتجاز، سجلت صادرات النفط الخام الفنزويلية تراجعًا حادًا، ما زاد من حالة القلق في أسواق الطاقة.
ولا تزال تفاصيل تنفيذ الحصار غير واضحة، سواء من حيث عدد الناقلات المتضررة أو آليات الاعتراض، وسط تساؤلات حول لجوء واشنطن إلى خفر السواحل أو القوات البحرية، خاصة بعد نشر سفن حربية أمريكية في المنطقة خلال الأشهر الماضية.
توقعات الأسعار بين وفرة المعروض والمخاطر الجيوسياسية
يرى محللون أن سوق النفط لا تزال تعاني وفرة في المعروض على المدى القريب، وهو ما قد يحد من أي ارتفاعات حادة في الأسعار، ما لم تشهد المنطقة ردود فعل انتقامية تؤثر على البنية التحتية للنفط والغاز في الأمريكتين.
وقال إمريل جميل، كبير محللي النفط في مجموعة بورصات لندن، إن احتمالات الارتفاع القوي للأسعار تظل محدودة في الأجل القريب، في ظل استمرار توقعات فائض العرض العالمي.
لكنه أشار في المقابل إلى أن أي اضطراب طويل الأمد في إمدادات النفط الفنزويلي قد يقدم دعمًا واضحًا لأسعار خامات النفط الثقيلة على المدى البعيد.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض