بتكوين تتجه إلى رابع تراجع سنوي في تاريخها دون أزمات كبرى تهز السوق


الجريدة العقارية الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 | 09:52 مساءً
البتكوين
البتكوين
محمد عاطف

تسير عملة بتكوين نحو تسجيل رابع انخفاض سنوي منذ ظهورها، لكن اللافت أن هذا التراجع يأتي للمرة الأولى دون فضيحة كبرى أو انهيار شامل في سوق العملات المشفّرة، وهو ما يثير تساؤلات واسعة حول أسباب ضعف الأداء رغم تحسن البيئة التنظيمية والمؤسسية.

هبوط مفاجئ يعمّق الخسائر منذ بداية العام

شهدت بتكوين موجة بيع قوية يوم الإثنين، تراجعت خلالها بنحو 5.2% في جلسة واحدة، لترتفع خسائرها إلى حوالي 7% منذ بداية العام.

ورغم أن هذا الانخفاض أقل حدة مقارنةً بالسنوات الهابطة السابقة، إلا أنه يحدث في سياق مختلف تمامًا عن الدورات السابقة.

سوق مختلف.. لكن الأداء لا يعكس التحسن

منذ انهيار سوق العملات المشفّرة في 2022، شهد القطاع توسعًا في تبنّي المؤسسات المالية، وتحسّنًا في الأطر التنظيمية، إضافة إلى دعم سياسي غير مسبوق بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار العملات المشفّرة أولوية وطنية.

ورغم هذه العوامل الإيجابية، فشل السوق في الحفاظ على الزخم، خاصة بعد أن تراجعت بتكوين بقوة من ذروتها التاريخية التي تجاوزت 126 ألف دولار في أكتوبر، ما فاجأ المتفائلين وأربك المستثمرين.

عزوف المستثمرين وضغط على صناديق بتكوين

تواجه الأصول الرقمية صعوبات واضحة في جذب السيولة، حيث:

تراجع حجم التداول إلى مستويات ضعيفة

سحب المستثمرون مليارات الدولارات من صناديق بتكوين المتداولة في البورصة (ETFs)

أظهرت أسواق المشتقات غياب الرهانات على تعافٍ قريب

حتى عمليات الشراء الضخمة من شركات كبرى مثل شركة "ستراتيجي" بقيادة مايكل سايلور، لم تنجح في تغيير الاتجاه العام للسوق.

انفصال بتكوين عن الأسهم الأمريكية

على غير العادة، تحركت بتكوين هذا العام بمعزل عن سوق الأسهم الأمريكية.

ففي الوقت الذي سجل فيه مؤشر S&P 500 مستويات قياسية وحقق مكاسب قوية منذ بداية العام، واصلت بتكوين أداءها الضعيف، كما تفوقت أسهم التكنولوجيا التي اعتادت العملة الرقمية التحرك بالتوازي معها.

كيف اختلف هذا الهبوط عن التراجعات السابقة؟

الانخفاضات السنوية السابقة لبتكوين كانت دائمًا مرتبطة بصدمات كبرى، مثل:

2014: انهيار منصة "إم تي فوكس" وسقوط الثقة في البنية التحتية

2018: انفجار فقاعة عروض العملات الأولية (ICOs)

2022: إفلاس شركات كبرى أبرزها منصة FTX وحملة تنظيمية مشددة

أما التراجع الحالي، فيحدث دون حدث كارثي واضح، ما يجعله أكثر غموضًا.

الرافعة المالية تكشف هشاشة الصعود

تحت سطح الارتفاعات السابقة، تراكمت مخاطر كبيرة، أبرزها الإفراط في استخدام الرافعة المالية.

وفي 10 أكتوبر، أدى تصفية رهانات بقيمة 19 مليار دولار إلى كسر الاتجاه الصاعد، ودخول السوق في موجة هبوط مستمرة.

كما بدأت المحافظ الكبرى (الحيتان) ببيع جزء من حيازاتها، ما زاد الضغوط السعرية، بالتزامن مع تراجع السيولة وعمق السوق.

مؤشرات فنية تعكس حالة ترقب وحذر

تشير البيانات إلى أن المتداولين يفضلون الانتظار، حيث:

تم سحب أكثر من 5.2 مليار دولار من صناديق بتكوين الفورية

انخفض عمق السوق بنحو 30% مقارنةً بذروته هذا العام

سجلت أحجام التداول في نوفمبر أكبر تراجع شهري منذ بداية 2024

هل فقدت بتكوين زخمها رغم الدعم التنظيمي؟

يرى محللون أن السوق حصل بالفعل على معظم المحفزات التي طال انتظارها، من تشريعات وتنظيمات وصناديق استثمارية، لكن السعر لم يتفاعل بالشكل المتوقع، ما يعكس تحولًا في سلوك المستثمرين وزيادة الحذر.