الذهب مقابل البتكوين.. ملاذ آمن أم مخاطرة مرتفعة؟


الجريدة العقارية السبت 13 ديسمبر 2025 | 05:57 مساءً
الذهب
الذهب
محمد فهمي

أكد نور الدين محمد، الخبير الاقتصادي، أن الاهتمام بالذهب لم يعد في الواقع، بل لم يتوقف منذ عامي 2022 و2023، مشيرًا إلى أن الزيادة الواضحة في الإقبال عليه بدأت منذ نوفمبر الماضي، في ظل تصاعد الاضطرابات السياسية والاقتصادية العالمية وتراجع الثقة في الدولار الأمريكي.

وأوضح محمد في مداخلة مع قناة الشرق بلومبرج، أن عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم، إلى جانب تصاعد المشكلات الجيوسياسية، وضعف الإقبال على السندات الأميركية، وتقليص البنوك المركزية لاحتياطياتها من الدولار، كلها عوامل دفعت المستثمرين والبنوك المركزية إلى البحث عن أدوات تحوط آمنة، كان الذهب في مقدمتها، إلى جانب الفضة مؤخرًا.

ورفض محمد فكرة اعتبار «البتكوين» بديلاً رقميًا للذهب، مؤكدًا أن الذهب لا يمكن أن يكون له بديل، كونه الأصل التاريخي لحفظ القيمة، ويمثل العمود الفقري للمحافظ الاستثمارية في حال تراجع أو سقوط الأصول الأخرى مثل العملات الورقية أو السندات. وأضاف أن الذهب كان دائمًا الملاذ الذي يصعد عند الأزمات الكبرى.

وحول دور الذهب داخل المحافظ الاستثمارية، شدد رئيس «تارجت للاستثمار» على أن الذهب لا يزال عنصر التوازن الأساسي، ويمثل ملجأً واضحًا للمستثمرين، خاصة في ظل التذبذبات الحادة التي تشهدها العملات المشفرة وعلى رأسها «البتكوين». وأشار إلى أن الذهب يتحرك باتجاهات أكثر توازنًا مقارنة بالأصول الرقمية، حيث تكون عمليات جني الأرباح فيه متوقعة ويعاود الصعود عند مستويات محددة، بعكس «البتكوين» التي تتأثر بتقلبات حادة وأحداث غير متوقعة مثل عمليات الاختراق والسرقات الكبرى.

وأضاف أن الذهب أثبت عبر العقود قدرته على الحفاظ على القيمة، إذ غالبًا ما يعاود الارتفاع بعد فترات التراجع، وهو ما تكرر أكثر من مرة خلال العشرين إلى الثلاثين عامًا الماضية.

وفيما يتعلق بسلوك البنوك المركزية، اعتبر محمد أن التوجه نحو زيادة الاحتياطي من الذهب هو خطة طويلة الأجل وليست مؤقتة، لافتًا إلى أن القلق لم يعد مقتصرًا على عملات محلية، بل امتد إلى عملة الاحتياطي العالمي نفسها، أي الدولار الأميركي. وأوضح أن بيع السندات الأميركية بات ظاهرة واضحة، رغم ارتفاع عوائدها، في وقت لا يشهد فيه الدولار صعودًا مقابل العملات الرئيسية.

وأشار إلى أن بنك الشعب الصيني واصل شراء الذهب للشهر الثالث عشر على التوالي، إلى جانب بنوك مركزية أخرى، معتبرًا ذلك جزءًا من توجه استراتيجي طويل المدى لتعزيز الاحتياطيات الذهبية، خصوصًا مع تنامي الدور الاقتصادي للصين عالميًا.

وعن دور الذهب في أوقات الاضطراب الشديد، أكد محمد أن الذهب يقدم حماية حقيقية للقيمة، وهو ما أثبتته التجارب التاريخية. ولفت إلى أن الارتفاع الحالي في أسعار الذهب، الذي تراوح بين 62% و65% منذ بداية العام، يُعد أعلى من المعدلات المعتادة، لكنه مبرر في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم، سواء على الصعيد الجيوسياسي أو الاقتصادي.

وأوضح أن تزامن أزمات متعددة، من الشرق الأوسط إلى الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين، واحتمالات تصعيد تجاري بين أوروبا والصين، عزز من بريق الذهب كأداة تحوط فعالة ضد المخاطر.

وفي مقارنة بين الذهب والأصول الرقمية، شدد محمد على أن الندرة والتاريخ والسلوك الاستثماري هي أبرز عناصر قوة الذهب، موضحا أن الذهب يُعد من أندر المعادن وأكثرها نقاءً، ويُستخدم منذ آلاف السنين في حفظ القيمة وصك العملات، كما يحقق عوائد سنوية مستقرة تتراوح بين 10% و15% في الظروف الطبيعية.

وأضاف أن الذهب لا يفقد قيمته بمرور الزمن، بعكس بعض المعادن الأخرى، ولا يتأثر بعوامل التلف، ما يجعله مخزنًا طويل الأجل للقيمة.

 وأكد أن سلوك المستثمرين عبر العصور رسّخ مكانة الذهب كأداة أساسية للتحوط ضد التضخم، مشيرًا إلى أن قيمة الذهب لم تتآكل على مدار أكثر من 100 عام، بل ارتفعت كلما زادت معدلات التضخم وطباعة العملات.