أكد طلال الطباع، الخبير الاقتصادي، أن موجات الهبوط المتكررة في أسواق العملات المشفرة لا تمثل فقاعات مالية بالمعنى التقليدي، بل هي جزء طبيعي من دورات بناء السوق ونضوجه، مشددًا على أن هذه التقلبات رافقت مسار التبنّي منذ بدايات القطاع.
وقال الطباع في مداخلة مع قناة الشرق بلومبرج، إن ما شهدته الأسواق في أعوام 2017 و2020 و2024 لا يمكن وصفه كسلسلة فقاعات، موضحًا أن الفقاعة المالية عادة ما تحدث مرة واحدة ولا تتكرر، بينما ما يجري في سوق العملات الرقمية هو «Cycle» أو دورة تتكرر فيها مراحل جذب السيولة والمضاربين، ثم تمر بفترات تصحيح سعري.
وأضاف أن ما يشبه هذا المسار هو ما حدث سابقًا مع الإنترنت، حيث شهدت أسهم شركات التكنولوجيا تقلبات حادة، في وقت كان فيه التبنّي الفعلي يتزايد بشكل منتظم. وأشار إلى أن مؤشرات التبنّي في العملات الرقمية تشهد نموًا مستمرًا، سواء من حيث عدد المستخدمين اليوميين أو الشهريين، أو عدد الحكومات التي اشترت «بتكوين»، أو الشركات المدرجة في الأسواق المالية التي باتت تتعامل بالأصول الرقمية، رغم استمرار تقلبات الأسعار.
وأوضح الطباع أن هذه المعطيات تدعم فكرة الاستثمار طويل الأمد في «بتكوين»، معتبرًا أن النظرة قصيرة الأجل لا تتناسب مع طبيعة هذا الأصل.
وحول ما إذا كانت التقلبات ستتراجع مع نضوج السوق، أشار إلى أن إدراج صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المرتبطة بـ«بتكوين»، وعلى رأسها صندوق IBIT الذي أطلقته شركة «بلاك روك»، شكّل نقطة تحول مهمة في طبيعة السوق، إذ أصبح بإمكان الشركات والأفراد وحتى الدول الاستثمار في «بتكوين» عبر الأسواق المالية الأميركية.
وأضاف أن السوق لم يعد مقتصرًا على حالات فردية مثل استثمار حكومة السلفادور، بل بات يشهد دخول دول وبنوك مركزية أكبر حجمًا، ما أدى إلى تغيّر نوعية المستثمرين مقارنة بما كانت عليه قبل عشر سنوات. واعتبر أن التقلبات لن تختفي، لكنها ستتغير من حيث طبيعتها وحدّتها.
وفيما يتعلق بإقناع المستثمرين بأصل قد يفقد 50% من قيمته خلال أسابيع، شدد الطباع على أن التركيز على السعر وحده يجعل التجربة صعبة، بينما التركيز على الفكرة والأسس يجعل التقلبات جزءًا من الرحلة، موضحا أن من يفهم أسباب وجود «بتكوين» مثل العرض المحدود، واللامركزية، والسياسة النقدية الشفافة، يتعامل مع الهبوط كمرحلة طبيعية.
ودعا إلى إدارة المخاطر من خلال حجم محفظة مناسب، وتجنّب الرافعة المالية أو الاقتراض، واعتماد أفق استثماري طويل، وذكّر بأن «بتكوين» شهد في عام 2020 هبوطًا بنحو 85% عندما تراجع من قرابة 20 ألف دولار إلى نحو 3,500 دولار، مؤكدًا أن الأصل عالي المخاطرة، لكن لا بد من النظر إلى العوائد إلى جانب المخاطر.
وعند مقارنة العملات المشفرة بالعملات التقليدية، اعتبر الطباع أن استقرار الدولار هو استقرار قصير الأجل، بينما تتآكل قوته الشرائية على المدى الطويل. واستشهد بمثال يوضح أن 10 دولارات في عام 1995 كانت تشتري وجبة وتنقلًا، في حين أن قيمتها الشرائية اليوم تراجعت بشكل كبير.
وأوضح أن السبب يعود إلى سهولة زيادة المعروض من الدولار عبر القرارات الحكومية ورفع سقف الاقتراض، ما يجعل العملة غير مصنفة كأصل «Hard Asset»، في المقابل، أشار إلى أن أصولًا مثل «بتكوين» والذهب والعقار تتطلب جهدًا وطاقة لإنتاج عرض إضافي منها، وهو ما يميزها عن العملات الورقية التي يمكن زيادة معروضها بقرار إداري.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض