عاد ملف العقارات المهددة بالانهيار إلى الواجهة بقوة عقب حادث انفجار عقار إمبابة الذي هز الرأي العام، ليعيد معه الأسئلة حول حجم المخاطر الحقيقية التي يعيشها سكان بعض المباني المتهالكة في مختلف محافظات مصر، في ظل ما وصفه الخبراء باستمرار «الصمت المزمن» من جانب الإدارات المحلية والبلديات.
وفي هذا السياق، كشف الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية وخبير البلديات الدولية، خلال تصريحات لموقع الجريدة العقارية، عن أرقام صادمة تؤكد خطورة الموقف وتستدعي تدخلًا عاجلًا على أعلى مستوى.
121 ألف عقار مهدد بالانهيار في أي لحظة،
وقال أستاذ الإدارة الحكومية، إن مصر تضم بحسب بيانات المركز القومي للبناء نحو 121 ألف عقار مهدد بالانهيار في أي لحظة، فيما تشير إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود ما يقرب من 98 ألف عقار آيل للسقوط داخل المحافظات المختلفة.
وأوضح عرفة أن هذه المباني تمثل قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين على مدار الساعة. وأضاف أن الوقوف أمام العقارات المنهارة بعد كل حادثة لن يحل الأزمة، وأن المطلوب هو معالجة جذرية تبدأ من الرقابة وتنتهي بتشريعات صارمة.
وأكد عرفة أن البناء المخالف والعشوائي لم يكن ليصل إلى هذا الحجم لولا ضعف الإدارة وغياب المتابعة الدقيقة داخل كثير من الوحدات المحلية، مشددًا على ضرورة فتح ملف الفساد داخل الإدارات الهندسية في 27 محافظة، باعتبارها المسؤولة الأولى عن تراخيص البناء.
وذكر عرفة أن انفجار العقارات يعود في الغالب إلى تسرب الغاز الطبيعي من أسطوانات قديمة أو وصلات غير آمنة، فضلًا عن تهالك المواسير وعدم وجود تهوية كافية داخل الشقق، إلى جانب مخاطر تمديدات الكهرباء الرديئة التي تتسبب في شرر كهربائي قد يشعل أي تسرب.
ولفت خبير البلديات الدولية، إلى خطورة تخزين مواد قابلة للاشتعال داخل المحال أسفل العقارات، إضافة إلى أعمال الحفر والترميم العشوائية التي يقوم بها بعض السكان دون إشراف هندسي، وتغيير الحوائط الحاملة أو تعديل مواسير الغاز أثناء التجديد، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا لسلامة المبنى كله.
ودعا عرفة المحافظين إلى توفير بديل سكني مؤقت لمدة عام كامل لسكان المباني المهددة بالانهيار حماية لأرواحهم، مشددًا على ضرورة تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 وقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وقانون المجتمعات العمرانية رقم 58 لسنة 1979.
وطالب خبير البلديات الدولية بنقل الإدارات الهندسية من الوحدات المحلية إلى مديريات الإسكان لرفع كفاءة الإشراف الفني، مشيرًا إلى أن نسبة المهندسين داخل تلك الإدارات لا تتجاوز ثمانية في المئة بينما يشغل حملة الدبلومات معظم الوظائف الفنية.
وأشاد عرفة بمحافظي القاهرة والجيزة لمحاولاتهم معالجة الأزمة، إلا أنه انتقد ما وصفه بـ«الجمود» لدى 25 محافظًا لم يتخذوا خطوات حقيقية تجاه الملف.
وأكد أن المحكمة الدستورية العليا حسمت الجدل حول الإزالات، باعتبارها قرارًا إداريًا يتم تنفيذه على نفقة المخالف، مشددًا على ضرورة الإسراع في إصدار الأحوزة العمرانية الجديدة لمنع ظهور عشوائيات جديدة.
واختتم عرفة حديثه بالتأكيد على أن معالجة هذا الملف تتطلب إرادة سياسية، وخطة تنفيذية واضحة، وقوانين أكثر ردعًا، مشددًا على أن بقاء الأوضاع على ما هي عليه يعني استمرار مسلسل الانهيارات اليومية وتعريض حياة المواطنين للخطر في كل المحافظات.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض