تحوّل عالمي في سياسات الفائدة.. البنوك المركزية تتجه للتشديد والمتغيّر الوحيد هو الفيدرالي الأمريكي

تشهد البنوك المركزية الكبرى تحولًا تدريجيًا نحو سياسة أكثر تشددًا في أسعار الفائدة، في وقت يواصل فيه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مسارًا مختلفًا قائمًا على الخفض، ويعكس هذا التحوّل تبدلًا في توجهات السياسات النقدية العالمية، إذ توقفت عدة بنوك مركزية عن مواصلة دورة التيسير الطويلة، وباتت تلمّح إلى أن الخطوة التالية قد تكون رفع أسعار الفائدة كلما سمحت الأوضاع الاقتصادية.

وعلى الرغم من هذا الاتجاه العام، يظل الاحتياطي الفيدرالي حالة منفردة؛ فقد خفّض أسعار الفائدة هذا الأسبوع، بينما تستمر الأسواق في توقع جولات إضافية من التيسير خلال العام المقبل، وإن كانت التقديرات تشير إلى أن الفيدرالي يقترب هو الآخر من نهاية دورة الخفض.

أسعار الفائدة في سويسرا

أبقى البنك الوطني السويسري سعر الفائدة الرئيسي عند 0%، وهو الأدنى بين بنوك الاقتصادات المتقدمة، موضحًا أن الاتفاق الأخير مع الولايات المتحدة لخفض الرسوم الجمركية على السلع السويسرية ساهم في تحسين التوقعات الاقتصادية.

ورغم هبوط التضخم إلى مستوى الصفر بفعل قوة الفرنك التي تقلل تكاليف الواردات، فإن العودة إلى أسعار فائدة سلبية تبدو مهمة صعبة، ويتوقع الاقتصاديون أن يشهد التضخم بعض الانتعاش خلال العام المقبل، على أن يستمر البنك الوطني في تثبيت الفائدة حتى عام 2026.

أسعار الفائدة في كندا

أبقى بنك كندا سعر الفائدة عند 2.25% بعد سلسلة تخفيضات بلغت 225 نقطة أساس خلال الدورة الحالية.

وأكد المحافظ تيف ماكليم أن الاقتصاد الكندي يُظهر قدرة واضحة على مواجهة الضغوط التجارية الأمريكية. 

وتشير التوقعات إلى بقاء الفائدة ثابتة حتى عام 2027، بعد مساهمة الإنفاق الحكومي وصادرات النفط القوية في رفع نمو الناتج المحلي للربع الثالث إلى 2.6%، وظهور علامات متانة على سوق العمل.

أسعار الفائدة في السويد

يتوقع بنك ريكسبانك السويدي أن يؤدي التيسير النقدي السابق إلى تعزيز النمو في الفترة المقبلة، ومع تجاوز التضخم السنوي الهدف البالغ 2% بقليل، تشير توقعات المحللين إلى إبقاء البنك على الفائدة عند مستوى 1.75% خلال اجتماعه في 18 ديسمبر، ثم الدخول في فترة استقرار طويلة.

أسعار الفائدة في نيوزيلندا

تواجه رئيسة بنك الاحتياطي النيوزيلندي الجديدة، آنا بريمان، تحديًا في الانتقال إلى سياسة نقدية متشددة مع استمرار معدل البطالة عند أعلى مستوياته منذ تسع سنوات، ومع سلسلة التخفيضات الكبيرة السابقة التي ساعدت في دفع التضخم نحو الحد الأعلى من النطاق المستهدف للبنك، تتوقع الأسواق ارتفاع سعر الفائدة النقدي إلى ما يقارب 3% بحلول ديسمبر 2026، مقارنة بمستواه الحالي عند 2.25%.

أسعار الفائدة في منطقة اليورو

أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة عند 2% منذ يونيو الماضي، ومن المرجح استمرار هذا التثبيت في اجتماعه المقبل، إلا أن تصريحات عضو المجلس التنفيذي إيزابيل شنابل هذا الأسبوع، التي أشارت إلى إمكانية رفع الفائدة مستقبلًا، غيّرت توقعات الأسواق التي لم تعد تتوقع خفضًا جديدًا في الوقت الراهن.

أسعار الفائدة في أمريكا

خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماع أمس الأربعاء عبر تصويت منقسم، مشيرًا إلى أنه سيتوقف مؤقتًا لمراقبة مؤشرات سوق العمل والتضخم الذي لا يزال مرتفعًا نسبيًا.

وأظهرت التوقعات المعلنة أن الفيدرالي لا يتوقع سوى خفض واحد بمقدار 25 نقطة أساس في 2026، ورغم أن هذا قد يصطدم بتوجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الساعية إلى مزيد من التيسير، فإن التوقعات المتعلقة بالنمو الأسرع والتضخم المنخفض واستقرار التوظيف قد تحد من الخلافات المحتملة.

أسعار الفائدة في بريطانيا

تُبرز تحركات الأسواق احتمالًا يقارب 90% لخفض بنك إنجلترا سعر الفائدة إلى 3.75% في 18 ديسمبر، مع توقعات محدودة بمزيد من التيسير خلال 2026.

وكان البنك قد أبقى الفائدة عند 4% في تصويت متقارب الشهر الماضي بواقع 5 مقابل 4، وسط تأثيرات سلبية لموازنة الحكومة التي تضمنت رفعًا للضرائب، وفي ظل استمرار ضغوط التضخم الناتجة عن ارتفاع أسعار الغذاء.

أسعار الفائدة في النرويج

يُعد بنك النرويج الأكثر حذرًا بين بنوك مجموعة العشرة، إذ خفّض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس فقط خلال الدورة الحالية.

وتتوقع الأسواق الإبقاء على الفائدة دون تغيير خلال الأسبوع المقبل، مع احتمال خفض إضافي في منتصف 2026، خاصة بعد صدور بيانات تشير إلى تباطؤ التضخم الأساسي.

أسعار الفائدة في أستراليا

يبدو أن بنك الاحتياطي الأسترالي يقترب سريعًا من نقطة التحوّل؛ فقد أبقى سعر الفائدة عند 3.6% يوم الثلاثاء، ورفض الإيحاء بأي توجه نحو التيسير، بل وأعلن أن الخطوة التالية قد تكون رفع الفائدة إذا واصلت ضغوط الأسعار ارتفاعها. 

وقد دعم هذا الموقف الدولار الأسترالي، بينما ضغط على السندات الحكومية، وتستعد الأسواق لاحتمال رفع الفائدة بحلول يونيو 2026، مع فرص كبيرة لتحقق ذلك في مايو.

أسعار الفائدة في اليابان

يواصل بنك اليابان مساره المغاير باعتباره البنك المركزي الوحيد الذي يتجه إلى رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي، إذ يستعد لزيادة الفائدة إلى 0.75% في اجتماعه الأسبوع المقبل. 

وتُراقب الأسواق العالمية تطورات السياسة اليابانية عن كثب، خصوصًا بعد إعلان رئيسة الوزراء سناء تاكايتشي عن حزمة تحفيز واسعة رفعت عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل. 

ويضغط هذا الوضع على الين، بينما يأمل الحاكم كازو أويدا أن تمر تصريحاته بعد الاجتماع دون إثارة موجات بيع قوية في أسواق السندات أو العملة.