شهدت الأسواق العالمية والخليجية خلال الساعات الماضية موجة من التحركات في أسعار الفائدة، بعد أن خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الرئيسي بنسبة 0.25%، ليصل إلى مستوى يتراوح بين 3.50% و3.75%. هذه الخطوة تمثل الخفض الثالث على التوالي منذ بداية عام 2025، في إطار جهود البنك المركزي الأمريكي لتهدئة التضخم الذي يسعى إلى الوصول به لمستوى 2%، وهو الهدف التقليدي للاحتياطي الفيدرالي.
سعر الفائدة بعد التخفيض
وقال رئيس الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، خلال مؤتمر صحفي، إن توقعات التضخم والتوظيف لم تتغير بشكل كبير مقارنة بالاجتماع السابق، مؤكدًا أن مسار السياسة النقدية لا يخلو من المخاطر، وأن سوق العمل تواجه تحديات نزولية مع انخفاض الطلب على العمالة. وأضاف باول أن البنك يتوقع أن يبلغ التضخم حوالي 2.4% خلال العام القادم، بينما وصلت نسبة البطالة إلى 4.4%، وهو ما يعكس تحسنًا نسبيًا في الاقتصاد الأمريكي مقارنة بأزمة التضخم في 2022.
تاثير سعر الفائدة على أسعار الذهب
هذه الخطوة الأمريكية كان لها أثر مباشر على أسعار الذهب، حيث سجل المعدن النفيس ارتفاعات جديدة، متجاوزًا حاجز 4100 دولار للأوقية، وسط توقعات من بعض المحللين بوصوله إلى مستوى 5000 دولار خلال عام 2026.
تحركات أسعار الفائدة في الخليج
لم تمضِ ساعات طويلة على إعلان الفيدرالي الأمريكي قبل أن تبدأ البنوك المركزية في الخليج بخطوات مماثلة. فقد أعلن مصرف الإمارات المركزي عن خفض سعر الفائدة الأساسي (على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة) بمقدار 25 نقطة أساس، بينما خفض البنك المركزي العماني سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء إلى 4.25%.
وفي السعودية، قرر البنك المركزي (ساما) خفض معدل اتفاقية إعادة الشراء "الريبو" إلى 4.25%، وخفض الريبو العكسي إلى 3.75%. كما أعلن مصرف البحرين المركزي عن خفض سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة إلى 4.25%، فيما خفض بنك الكويت المركزي سعر الخصم من 3.75% إلى 3.50%. بدوره، خفض مصرف قطر المركزي أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل أسعار الفائدة على الإيداع إلى 3.85%، وعلى إعادة الشراء إلى 4.10%، وعلى الإقراض إلى 4.35%.
هذه التحركات المتزامنة في منطقة الخليج تأتي في إطار سياسة تقليد جزئي للفيدرالي الأمريكي بهدف الحفاظ على استقرار الأسواق المالية وتدفقات رأس المال، خاصة أن أغلب اقتصادات المنطقة تعتمد جزئيًا على ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي.
مصر تترقب اجتماع السياسة النقدية
على الصعيد المحلي، يترقب المستثمرون والشارع الاقتصادي المصري الاجتماع الحاسم للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، المقرر عقده يوم الخميس 25 ديسمبر 2025. هذا الاجتماع يمثل محطة مهمة لتحديد اتجاه أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وهي القرارات التي تؤثر مباشرة على مستويات التضخم وجاذبية الاستثمار وتكلفة الاقتراض في السوق المحلية.
قررت لجنة السياسة النقدية في المركزي المصري
في اجتماع نوفمبر الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية تثبيت أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، حيث بلغ سعر عائد الإيداع لليلة واحدة 21%، وسعر عائد الإقراض 22%، والسعر الأساسي لعملية الإقراض الرئيسية 21.50%، وسعر الائتمان والخصم 21.50%.
ورغم هذه المستويات المرتفعة، تتصاعد التكهنات حول إمكانية خفض البنك المركزي المصري للفائدة، خاصة مع مؤشرات تباطؤ التضخم. وأوضح تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن التخفيضات محتملة إذا تحقق انخفاض "واضح ومستدام" في معدلات التضخم، وقد يتم تنفيذها في اجتماع ديسمبر أو تأجيلها إلى أوائل 2026.
توقعات المصرفيين والمحللين
من جانبهم، يرى مصرفيون ومحللون اقتصاديون أن البنك المركزي قد يخفض الفائدة قبل نهاية العام بنسبة تتراوح بين 1% و3%، مستندين إلى عاملين رئيسيين: تهدئة التضخم واستقرار أسعار الوقود.
ويرى الخبراء أن أي قرار بتخفيض الفائدة سيدعم الاستثمار والنمو الاقتصادي، بينما تثبيتها أو زيادتها سيؤكد أولوية البنك في السيطرة على الأسعار.
محمد عبد العال، الخبير المصرفي، توقع أن يبقي البنك المركزي على سعر الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل كإجراء احترازي لمواجهة أي ضغوط تضخمية محتملة العام المقبل، مشيرًا إلى أن تراجع معدل التضخم خلال نوفمبر كان طفيفًا، والقلق من عودة ارتفاع الأسعار ما زال قائمًا، خاصة مع احتمالات زيادة بعض الخدمات الأساسية والكهرباء.
وأشار عبد العال إلى أن استحقاقات الشهادات مرتفعة العائد في بنكي الأهلي ومصر تدفع المركزي للتريث قبل أي تخفيض، لتجنب خروج جزء من السيولة من القطاع المصرفي قبل انتهاء آجال هذه الشهادات. وكانت الشهادات مرتفعة العائد قد جذبت حصيلة قدرها 1.3 تريليون جنيه قبل أن يتم إيقافها في أبريل الماضي بعد طرحها في يناير 2024 بعائد شهري 23.5% وسنوي 27%.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض