في 11 نوفمبر 2025، هزت وصول حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد آر. فورد" – أكبر في العالم – بحر الكاريبي، محققًا أكبر تعبئة عسكرية أمريكية في أمريكا اللاتينية منذ غزو بنما عام 1989.
اليوم، مع 15 ألف جندي أمريكي، 11 حربية، وطائرات مقاتلة F-35 تطير فوق المنطقة، يتساءل الجميع: هل هذه حملة ضد مهربي المخدرات، أم خطوة نحو السيطرة على أكبر احتياطي نفطي في العالم؟ الرئيس دونالد ترامب يقول إنها "دفاع عن الوطن"، لكن نيكولاس مادورو يرى فيها "غزوًا للنفط". في هذا التقرير، نكشف الطبقات الخفية وراء التوتر الذي يهدد بإشعال المنطقة.
التعبئة العسكرية.. عرض قوة أم إعلان حرب؟
منذ أغسطس الماضي، أطلقت إدارة ترامب عملية "رمح الجنوب" (Southern Spear)، وهي حملة عسكرية تستهدف "الإرهابيين الناركو" – كما يصفها البنتاغون – الذين يُتهمون بتهريب المخدرات من فنزويلا إلى الولايات المتحدة.
اليوم، تشمل التعبئة: حاملة "جيرالد آر. فورد": تحمل 4 آلاف بحار و70 طائرة مقاتلة، انضمت إلى مجموعة هجومية تضم مدمرات صواريخ مثل "غرافلي" و"ستوكديل".
سفن هجومية: مثل "إيو جيما"، قادرة على نقل 2,200 بحرية مشاة لعمليات برية محتملة.
غواصات نووية وطائرات استطلاع: بما في ذلك B-52 وطائرات بدون طيار "غلوبال هوك"، تراقب السواحل الفنزويلية يوميًا.
أجرت الولايات المتحدة 21 ضربة جوية على قوارب مخدرات في الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، أسفرت عن مقتل 80 شخصًا على الأقل، وفقًا لتقارير "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز".
في 29 نوفمبر، أعلن ترامب إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا، محذرًا شركات الطيران من "الوضع الخطر". وزير الدفاع بيت هيغسيث أكد أن الهدف "عرقلة التهريب وتفكيك المنظمات الإجرامية"، لكن الخبراء يرون في ذلك "عرضًا للقوة" لإجبار مادورو على التنحي.
فنزويلا ردت بتعبئة 200 ألف جندي وميليشيا، مع تحريك قوات إلى الساحل. مادورو وصف التحركات بـ"العدوان الإمبريالي"، متهمًا واشنطن بـ"سرقة النفط عبر القوة العسكرية".
زعماء إقليميون، مثل غوستافو بيترو في كولومبيا، حذروا: "لا توقظوا الفهد"، مشيرين إلى مخاوف من تداعيات إقليمية.
الضغط على مادورو.. مخدرات أم نفط؟
الحملة جزء من استراتيجية أوسع للإطاحة بمادورو، الذي يُتهم بسرقة الانتخابات في يوليو 2024، وفقًا لمنظمة الدول الأمريكية. الولايات المتحدة وضعت مكافأة 50 مليون دولار لاعتقاله، وصنفت "كارتيل الشموس" – الذي يُزعم أنه يديره – كمنظمة إرهابية أجنبية في 17 نوفمبر.
لكن الشكوك تتعلق بالنفط. في مكالمة هاتفية سرية أواخر نوفمبر، عرض ترامب على مادورو "ممر آمن" مقابل التنحي الفوري، لكن الأخير طالب بحصانة عالمية، وفقًا لـ"ميامي هيرالد".
مادورو اتهم واشنطن بـ"الرغبة في احتياطياتنا النفطية – الأكبر على الكوكب"، في رسالة إلى أوبك.
قطاع النفط الفنزويلي.. كنز مدفون تحت الانهيار
فنزويلا تمتلك 303 مليار برميل نفط مثبت – 17% من الاحتياطي العالمي، أكثر من السعودية والولايات المتحدة مجتمعتين، وفقًا لـ"أوبك" و"بي بي ستاتيستيكال ريفيو" 2025.
لكن الإنتاج انهار بنسبة 70% منذ ذروته في التسعينيات (3.2 مليون برميل يوميًا) إلى 800 ألف برميل اليوم، مما يضعها في المرتبة 21 عالميًا. غيانا والأرجنتين تتجاوزانها الآن.
لماذا الانهيار؟
سوء الإدارة تحت تشافيز ومادورو: تأميم الشركات الأجنبية في 2007، طرد "إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس"، وتوظيف موالين سياسيين في "بتروليوس دي فنزويلا" (PDVSA)، أدى إلى فساد وانهيار البنية التحتية. انفجار مجمع تكرير كاردون عام 2012 أجبر البلاد على استيراد وقود.
العقوبات الأمريكية
منذ 2017، حظرت التجارة والتمويل مع PDVSA، مما حال دون استيراد تكنولوجيا أمريكية حيوية.
في 2019، امتدت إلى العمليات التشغيلية، مفاقمة التدهور.
الإيرادات
95% من الدخل الخارجي من النفط، لكن الإنتاج المنخفض يغذي الأزمة الاقتصادية، مع هروب 7.9 مليون فنزويلي منذ 2014.
من يعمل في القطاع اليوم؟
شيفرون الأمريكية: آخر شركة أمريكية، بترخيص محدود لإنتاج وتصدير إلى خليج المكسيك.
أوروبية: "ريبسول" الإسبانية، "إيني" الإيطالية، "موريل إي بروم" الفرنسية – مشاريع مشتركة محدودة.
صينية وروسية: الصين تشتري 60% عبر "سفن الظل" ومصافي "أباريق الشاي" في شاندونغ. روسنفت نقلت أصولها إلى شركة بديلة لتجنب العقوبات.
هل ستهاجم أمريكا الحقول النفطية؟
لا مؤشرات رسمية على ذلك. هيغسيث أكد أن الهدف "كارتيل الشموس" و"ترين دي أراغوا" – جماعات إرهابية فنزويلية الأصل – وأصول المخدرات مثل المدارج غير القانونية.
لكن محللون مثل فرانسيسكو مونالدي من معهد "بيكر" يقولون إن "الهجمات المحدودة لن تؤثر على الأسعار"، لأن فنزويلا تمثل أقل من 1% من الإنتاج العالمي، وسط فائض عالمي متوقع.
مع ذلك، يرى البعض في التعبئة "تفاوضًا حول النفط"، كما قال بيترو. ترامب رفض عرض مادورو عام 2019 لشركة نفط مقابل الاعتراف به، مفضلاً الضغط العسكري.
اليوم، مع إغلاق المجال الجوي و25% تعريفة على مشتري النفط الفنزويلي، يبدو الهدف إضعاف PDVSA لإجبار كاراكاس على صفقة.
التأثيرات الإقليمية.. هل ترتفع أسعار النفط؟
غير محتمل، يقول الخبراء. "السوق سيستوعب سريعًا"، حسب مونالدي، بفضل الفائض العالمي. لكن إذا امتدت الضربات إلى البر، قد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في الكاريبي، وهجرة إضافية (كولومبيا تستضيف 2.9 مليون فنزويلي بالفعل)، وتوتر مع الصين وروسيا.
في النهاية، قرع طبول ترمب ليس مجرد حرب على المخدرات؛ إنه مزيج من الضغط السياسي، الاقتصادي، والعسكري لإعادة تشكيل فنزويلا. سواء كان النفط الدافع الرئيسي أم لا، فإن المنطقة على حافة الهاوية.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض