إعادة تحديد اتجاه القبلة للمسلمين.. ظاهرة فلكية نادرة تحدث فجرا في مكة المكرمة | كوكب فوق الكعبة


الجريدة العقارية الخميس 04 ديسمبر 2025 | 06:09 مساءً
الكعبة
الكعبة
إيهاب زيدان

ظاهرة فلكية نادرة تشهدها سماء مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية فجر غدا الجمعة 5 ديسمبر 2025، والتي تحظى بمتابعة واسعة على مستوى العالم.

ظاهرة فلكية نادرة في مكة المكرمة

ومن المنتظر أن يتعامد كوكب المشترى على الكعبة المشرفة.

تعامد كوكب المشترى على الكعبة الشريفة

وفق الجمعية الفلكية بجدة عبر حسابها على فيسبوك، يمكن رؤية المشترى بالعين المجردة كنقطة مضيئة فى السماء لكن تحديد التعامد الهندسى بدقة يتطلب استخدام أدوات فلكية أو برامج محاكاة متقدمة.

سيتعامد كوكب المشترى عند الساعة 03:09 فجرًا بتوقيت السعودية على ارتفاع قدره 89.995 درجة أى أقل من التعامد الهندسى البالغ 90 درجة بفارق 15 ثانية قوسية فقط. هذا يعنى أن الكوكب سيكون قريباً للغاية من نقطة السمت أعلى الكعبة المشرفة بفارق زاوى لا يتجاوز 0.004 درجة وهو ما يصنف فلكياً على أنه تعامد شبه كامل عالى الدقة.

والمقصود بتعامد كوكب المشترى على الكعبة المشرفة أن الكوكب بالنسبة للراصد فى مكة المكرمة يظهر فى السماء قريباً جدًا من نقطة السمت مباشرة فوق الرأس أى عند مروره على خط الزوال المحلى للموقع ويعتمد تحديد هذه اللحظة على حسابات فلكية ومدارية عالية الدقة تأخذ فى الاعتبار حركة الكوكب الظاهرية وموقع الراصد وتصحيحات الزمن والمكان، ما يجعل رصدها الدقيق يحتاج إلى نماذج فلكية متقدمة وبرمجيات تخصصية أكثر من الملاحظة البصرية المباشرة.

استغلال تعامد كوكب المشترى عملياً لتحديد اتجاه القبلة

ورغم ندرة الظاهرة وتعقيد حسابها يمكن استغلال تعامد كوكب المشترى عملياً لتحديد اتجاه القبلة بدقة عالية إذ إن معرفة لحظة التعامد مقرونة بإحداثيات موقع الراصد تتيح استخدام السمت والارتفاع الظاهرى للكوكب لتحديد الاتجاه نحو الكعبة المشرفة مباشرة بوصفه مرجعًا سماوياً هندسياً دقيقاً خلال تلك اللحظة الزمنية المحددة.

وبشكل عام يعد تعامد الشمس الوسيلة الأكثر شيوعاً ودقة لتحديد اتجاه القبلة إذ يحدث مرتين سنوياً ويمكن رصده بسهولة خلال ساعات النهار من خلال انعدام الظلال أو استقامتها عند لحظة التعامد أو الزوال ما يوفّر طريقة عملية واضحة وعالية الاعتماد.

أما تعامد القمر فهو أكثر ندرة ويتأثر بمرحلته القمرية وارتفاعه الزاوى فى السماء ما يجعل استخدامه مشروطاً بظروف رصد محددة ومع ذلك يمكن الاستفادة منه فى المناطق البعيدة كما يستغل رصده بدقة لاختبار مدى صحة النماذج الفلكية التى تصف حركته ومداره حول الأرض.

أما تعامد كوكب المشترى فوق الكعبة المشرفة فيعد أقل شيوعاً من تعامد الشمس لكنه يوفر مرجعاً سماوياً دقيقاً عند لحظة حدوثه. فى تلك اللحظة يصبح اتجاه المشترى الظاهرى فى السماء موازياً تماماً لخط القبلة بالنسبة للراصدين الواقعين ضمن نطاق خط التعامد الممتد على سطح الأرض ويتيح ذلك تحديد القبلة بسهولة ودقة عالية دون الحاجة إلى حسابات رياضية معقدة.

ويشمل هذا النطاق غالبية الدول العربية وخصوصاً دول الخليج العربى حيث يكون التوافق بين اتجاه المشترى والقبلة شبه كامل عملياً بينما يزداد الفرق الزاوى تدريجيا فى المواقع البعيدة عن مكة ما يتطلب فى هذه الحالات استخدام الحسابات الفلكية لتصحيح الاتجاه.

السبب العلمي وراء تعامد كوكب المشترى على الكعبة

أما خارج نطاق العالم العربى مثل أوروبا والأمريكتين وشرق آسيا فلا يكون توافق اتجاه المشترى مع القبلة مباشراً ويصبح من الضرورى الاعتماد على الحساب الفلكى الكامل للسمت لتحديد الاتجاه بدقة.

السبب العلمى وراء أن تعامد الشمس يمكن استخدامه عالمياً لتحديد القبلة تقريباً مباشرة بينما تعامد المشترى لا يمكن ذلك، يعود إلى عوامل فلكية وهندسية رئيسية، فبعد الشمس الكبير يجعل أشعتها الضوئية شبه متوازية على سطح الأرض ما يؤدى إلى تقارب اتجاهها عند التعامد مع القبلة لأى موقع مع انحراف ضئيل عملياً.

أما المشترى فبالرغم من بعده الكبير أيضًا فإن زاويته الظاهرية تختلف حسب موقع الراصد، ما يجعل اتجاهه موازياً للقبلة فقط ضمن نطاق محدود حول مكة، وخارج هذا النطاق يصبح من الضرورى استخدام الحساب الفلكى للسمت لتحديد الاتجاه بدقة إذ يمكن أن يصل فرق الزاوية بين اتجاه المشترى والقبلة إلى عدة درجات فى المواقع البعيدة بينما عند استخدام الشمس لا يتجاوز الانحراف عادة دقيقة قوسية واحدة مما يوضح سبب كون الشمس مرجعاً عملياً عالمياً لتحديد القبلة.

بالإضافة إلى ذلك تتحرك الشمس ظاهريا بانتظام على خط زوال واضح ويمكن رصد تعامدها بسهولة بينما سرعة تغير ارتفاع المشترى تجعل استخدامه عالمياً أقل عملية.

إن هذا الحدث الفلكى يحمل أهمية علمية وجمالية على حد سواء. فهو يمثل اختباراً عملياً لدقة النماذج الفلكية لحركة المشترى من منظور رصدى أرضى ويظهر انتظام حركة الأجرام السماوية وقدرتها على التنبؤ ما يعكس النظام الكونى الدقيق.

كما يساهم فى تعزيز الفهم العلمى لكروية الأرض إذ بينما يوفر تعامد الشمس والقمر أدلة واضحة على اختلاف الزوايا حسب الموقع الجغرافى يضيف تعامد جرم أبعد مثل المشترى دليلًا إضافياً على دقة التوقعات الفلكية والجيوديسية ويمكن استغلال هذه الظواهر فى التعليم العلمى لشرح مفاهيم الزوال والميل السماوى والارتفاع الزاوى بالإضافة إلى توضيح كيفية محاكاة السماء عبر البرامج الفلكية لجميع العواصم العربية ودول الخليج العربى.

أما من الناحية العملية لتحديد القبلة فيبقى تعامد الشمس الأكثر دقة وسهولة بفضل مراقبة الظلال بينما يوفر تعامد القمر خياراً متوسطاً مفيداً فى بعض المواقع والظروف ويعد تعامد المشترى أقل شيوعاً لكنه يضيف بعداً علمياً وجمالياً مهماً ويشجع على الرصد الفلكى ومتابعة الظواهر السماوية مما يعزز الفهم والتوعية العلمية لدى الراغبين فى التعرف على حركة الأجرام الس