تقترب سوق التحف العالمية من لحظة فارقة، إذ تستعد إحدى أندر بيضات فابرجيه الإمبراطورية للظهور مجدداً في مزاد علني بعد غياب تجاوز عقدين. وبحسب خبراء الفن، قد يصبح اقتناء واحدة من هذه القطع الأسطورية خارج قدرة حتى كبار الأثرياء، مع اختفاء معظمها في المتاحف والمجموعات الخاصة حول العالم.
تحف نادرة من حقبة القياصرة
لم تُنتج دار فابرجيه الشهيرة في سانت بطرسبرغ سوى 50 بيضة إمبراطورية بين عامي 1885 و1916، صُنعت خصيصاً لقيصري روسيا ألكسندر الثالث ونيكولاس الثاني كهدايا فاخرة لعيد الفصح. ومع اختفاء سبع بيضات منذ الثورة الروسية، وتوزع معظم المتبقي في مؤسسات ثقافية عالمية، لم يعد معروفاً سوى ثلاثة فقط ما تزال في ملكيات خاصة قابلة للبيع.
طرح استثنائي للمزاد بعد 20 عاماً
تُعرض هذا العام بيضة "الشتاء" المصنوعة عام 1913، والتي تُعد من أبرز القطع في تراث فابرجيه. وتتوقع دار كريستيز في لندن أن تتجاوز قيمة بيعها 20 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم يضعها على رأس أغلى القطع الفنية من نوعها في تاريخ المزادات.
وإذا حققت البيضة السعر المنتظر، فسوف تسجل رقماً قياسياً جديداً لبيع بيضة فابرجيه في المزادات العالمية.
تصميم يستحضر جمال الطبيعة الروسية
تتميز بيضة الشتاء بصياغتها الفريدة من كتلة كاملة من الكوارتز الشفاف، في مشهد بصري يحاكي قطعة جليد منحوتة بدقة مذهلة. تتألق البيضة بنقوش من الألماس المقطوع على هيئة وردة، بينما تغطي قاعدتها زخارف بلاتينية تذوب بصرياً كما لو كانت في شمس الربيع.
ويصف كيران مكارثي، أحد أبرز خبراء فابرجيه، البيضة قائلاً: «إنه أشبه بحمل قطعة ثلج في يدك، حيث تتحول المواد النفيسة إلى صورة بصرية تحاكي الطبيعة».
مفاجأة داخلية مستوحاة من الربيع
مثل باقي البيضات الإمبراطورية، تحتوي بيضة الشتاء على "مفاجأة" داخلية. وعلى عكس الأعمال الميكانيكية الشائعة في بيض فابرجيه، تأتي مفاجأتها على هيئة سلة معلقة مملوءة بشقائق النعمان الخشبية، وهي من أوائل الأزهار التي تظهر مع انقضاء شتاء روسيا القارس.
نُحتت بتلات الزهرة من الكوارتز الأبيض، وثُبتت على سيقان من اليشب، مع أحجار عقيق خضراء تزين مراكزها بدقة فنية استثنائية.
قطعة توصف بأنها أعظم عمل فني روسي
تعتبر مارغو أوغانيسيان، رئيسة قسم فابرجيه في كريستيز، أن بيضة الشتاء «الأكثر إبداعاً وتفرداً» بين البيضات الخمسين، مؤكدة أن الفواتير التاريخية تشير إلى أن نيكولاس الثاني دفع نحو 24.6 ألف روبل ثمناً لها، وهو ثالث أعلى مبلغ يدفعه القياصرة لدار فابرجيه.
وقد صُممت البيضة على يد ألما بيل، إحدى أبرز المصممات لدى فابرجيه، في وقت كانت فيه صناعة المجوهرات الروسية حكراً على الرجال.
رحلة عبر تاريخ مضطرب
أهدى نيكولاس الثاني هذه البيضة لوالدته الإمبراطورة الأرملة ماريا فيودوروفنا قبل عام واحد من اندلاع الحرب العالمية الأولى، التي تلتها الثورة البلشفية وسقوط النظام الملكي. بعدها قامت الدولة السوفيتية ببيع عدد كبير من كنوز القياصرة بأسعار منخفضة لجمع الأموال، وكانت بيضة الشتاء من بينها.
انتقلت البيضة بين عدة مجموعات بريطانية خاصة، قبل أن تختفي قرابة 20 عاماً منذ 1975، ثم ظهرت مجدداً عام 1994 حيث بيعت في جنيف بـ5.6 مليون دولار، محطمة رقماً قياسياً جديداً، قبل أن تعود وتحطم سجلها مرة أخرى في 2002 بسعر 9.6 مليون دولار.
أسواق مهددة ومخاطر على المشترين
يرى مكارثي أن أكبر سوقين لاقتناء أعمال فابرجيه في العقود الأخيرة هما الولايات المتحدة وروسيا. إلا أن الظروف الحالية تجعل الوصول إلى هذه القطع أكثر تعقيداً. فالمشتري الأميركي سيواجه رسوماً جمركية تصل إلى 35%، بينما تواجه روسيا قيوداً صارمة تضع أي صفقة يُشتبه في وصولها إلى ملكية روسية تحت طائلة العقوبات الغربية.
ويقول مكارثي: «ربما لا يوجد وقت أسوأ لطرح هذه البيضة للبيع».
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض