الرقابة المالية تعيد تشكيل مستقبل المحاسبة والمراجعة في مصر.. تفاصيل

شهدت القاهرة انعقاد مؤتمر "مستقبل مهنة المحاسبة والمراجعة في مصر في عصر الذكاء الاصطناعي"، الذي ألقى خلاله الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، كلمة وُصفت بأنها الأكثر شمولًا في رسم ملامح التطور المنتظر للمهنة خلال السنوات المقبلة. وأكد فريد أن الهيئة تنفذ حاليًا أضخم عملية تحديث تشريعي وتنظيمي للمحاسبة والمراجعة منذ أكثر من عقد ونصف، بهدف تهيئة المهنة للتغيرات السريعة التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وحضر المؤتمر وزير المالية أحمد كجوك، إلى جانب ممثلين عن الجهاز المركزي للمحاسبات ونقابة التجاريين، حيث سلطت الكلمات الافتتاحية الضوء على الدور المتنامي الذي سيؤديه الذكاء الاصطناعي في دعم مهنة المحاسبة وليس إحلالها.

وأشار فريد، بصفته رئيسًا للجنة الدائمة لمعايير المحاسبة ومعايير المراجعة والفحص المحدود، إلى أن اللجنة أنجزت أكثر من 15 تحديثًا جوهريًا للمعايير المصرية، شملت موضوعات كانت تعد بمثابة تحديات كبيرة لسنوات طويلة، مثل تقييم الاستثمارات العقارية والأصول غير الملموسة. وأكد أن هذه التحديثات "كانت حلمًا للمهنة قبل أن تتحول إلى واقع تطبيقي".

وبيّن رئيس الهيئة أن عام 2027 سيكون عامًا مفصليًا، إذ سيشهد التطبيق الكامل للمعايير الجديدة بعد قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3725 لسنة 2025، الذي نص على إلغاء العمل بالمعايير القديمة الصادرة عام 2008، في خطوة تُعد الأكبر منذ إعادة صياغة المعايير قبل نحو 17 عامًا.

وفي سياق حديثه عن تأثير الذكاء الاصطناعي، أوضح فريد أن التأثير على سوق العمل "واقع لا يمكن تجاهله"، مستشهدًا بتقارير من بورصات عالمية كشفت عن تخفيضات في الوظائف نتيجة الاعتماد على نظم مدعومة بالذكاء الاصطناعي. لكنه شدد في المقابل على أن جوهر المراجعة، المتمثل في التشكك المهني واتخاذ القرار السليم، سيظل عنصرًا إنسانيًا لا يمكن استبداله، فيما سيعمل الذكاء الاصطناعي كأداة مساندة تقدم أدلة أكثر دقة.

وأكد فريد أن تطوير الكفاءات البشرية أصبح الرهان الأكبر لنجاح المنظومة الجديدة، مشيرًا إلى أن المخاوف السابقة من صعوبة تطبيق المعايير الأكثر تقدمًا تلاشت بفضل قدرة المهنيين المصريين. كما أعلن عن خطة تدريب متكاملة يقودها معهد الخدمات المالية بالتعاون مع نقابة التجاريين وجمعية المحاسبين والمراجعين، تستهدف آلاف الشركات في السوق المحلي.