أزمة الطيران الأمريكي تتفاقم مع الإغلاق الحكومي.. وزير النقل يحذر من "انهيار شبه كامل" خلال عطلة عيد الشكر

تواجه الولايات المتحدة واحدة من أكبر أزماتها الجوية في العقود الأخيرة، مع استمرار الإغلاق الحكومي الفيدرالي الذي دخل يومه الأربعين، ما تسبب في نقص خطير في أعداد مراقبي الحركة الجوية وتعطيل آلاف الرحلات في مختلف المطارات.

وحذّر وزير النقل الأمريكي شون دافي من أن حركة الطيران في البلاد ستتراجع إلى "مجرد قطرات" خلال الأسبوعين المقبلين، خاصة مع اقتراب عطلة عيد الشكر التي تشهد عادة ذروة السفر الجوي في الولايات المتحدة.

وقال دافي في مقابلة مع برنامج State of the Union على شبكة CNN إن الوضع يتجه نحو مزيد من التعقيد ما لم يتم إنهاء الإغلاق سريعًا، مؤكدًا أن الكثير من الأمريكيين "لن يتمكنوا من السفر ببساطة لعدم توفر رحلات كافية".

تقليص تدريجي للرحلات وارتفاع معدلات الإلغاء

أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) أوامر لشركات الطيران الكبرى بتقليص 4% من رحلاتها اليومية في 40 مطارًا رئيسيًا منذ الجمعة الماضية، على أن تصل نسبة الخفض إلى 10% بحلول منتصف نوفمبر، في محاولة لضمان سلامة العمليات الجوية وسط النقص في الكوادر.

وتشير البيانات إلى أن يوم السبت وحده شهد إلغاء نحو 1,550 رحلة وتأخير أكثر من 6,700 رحلة، مقابل 1,025 إلغاء و7,000 تأخير في اليوم السابق، ما تسبب في فوضى واسعة داخل المطارات.

وقالت إدارة الطيران إن النقص في مراقبي الحركة الجوية يؤثر حاليًا على 42 برج مراقبة ومركز عمليات، ويطال مطارات كبرى في أتلانتا، سان فرانسيسكو، شيكاغو، نيويورك، ونيوارك.

نقص حاد وتقاعد متسارع لمراقبي الحركة الجوية

كشف وزير النقل أن عدد مراقبي الحركة الجوية المتقاعدين ارتفع بشكل كبير منذ بدء الإغلاق في الأول من أكتوبر، موضحًا أن الإدارة فقدت ما بين 1000 إلى 2000 مراقب بسبب التقاعد أو ترك العمل، ما زاد الضغط على النظام.

وأضاف دافي: "قبل الإغلاق كان يتقاعد نحو أربعة مراقبين يوميًا، أما الآن فقد ارتفع العدد إلى ما بين 15 و20 يوميًا"، مشيرًا إلى أن الأزمة تهدد بحدوث انهيار شامل في حركة الطيران إذا استمرت دون حل.

شركات الطيران: الجدولة أصبحت شبه مستحيلة

في المقابل، عبّر مسؤولون في شركات الطيران الكبرى عن قلقهم من الوضع الراهن، مؤكدين أن استمرار برامج التأخير والإلغاء يجعل من المستحيل تقريبًا إدارة جداول الرحلات أو التخطيط للعمليات اليومية.

وبحسب مصادر في القطاع، بدأت التخفيضات منذ صباح الجمعة لتشمل نحو 700 رحلة من أكبر أربع شركات طيران أمريكية هي: أمريكان إيرلاينز، دلتا، ساوث ويست، ويونايتد، مع توقع استمرار وتيرة الإلغاء نفسها خلال الأيام المقبلة.

تحذيرات من تقليص إضافي قد يصل إلى 20%

وفي ظل استمرار الأزمة، حذر وزير النقل من أنه قد يضطر إلى تقليص حركة الطيران بنسبة 20% إذا لم تُحل أزمة غياب المراقبين قريبًا.

من جانبه، قال السيناتور الجمهوري تيد كروز إن إدارة الطيران الفيدرالية أبلغته بتلقيها أكثر من 500 تقرير سلامة منذ بدء الإغلاق، تتعلق بأخطاء ناجمة عن إرهاق المراقبين وضغط العمل الشديد.

تداعيات تمتد إلى الأمن والمطارات

الإغلاق الحكومي لا يقتصر تأثيره على مراقبي الحركة الجوية فحسب، بل يشمل أيضًا نحو 50 ألف موظف أمن في المطارات يعملون دون أجر منذ بداية الأزمة، إلى جانب 13 ألف مراقب حركة جوية ما زالوا يؤدون مهامهم الأساسية رغم الظروف الصعبة.

ويرى خبراء الطيران أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى شلل كامل في منظومة النقل الجوي الأمريكي، خصوصًا مع اقتراب موسم السفر الأكثر ازدحامًا في العام.