يُعد الورق المصنوع من مادة السليلوز النباتي، أحد أهم المواد المستخدمة في حياتنا اليومية، لكن ثمة ابتكارات جديدة لا تتوقف كان آخرها الاستفادة من الورق المصنوع من البكتريا في التوصيل الكهربي، فقد توصل حديثاً فريق علمي إسباني بمشاركة باحث مصري في معهد برشلونة لعلوم المواد، إلى ابتكار ورق موصل للكهرباء مصنوع من مادة السليلوز البكتيري، وهو الابتكار الذي يسهم بشكل مباشر في قفزة علمية كبيرة خاصة في إنتاج مبتكرات إلكترونية خفيفة الوزن ومنخفضة التكلفة وكذا صديقة للبيئة.
"يُصنع الورق المتعارف عليه في حياتنا اليومية من السليلوز النباتي، أما نحن فعملنا على إنتاج ورق يحول الحرارة الي كهرباء؛ كهروحراري، يتم تحضيره معمليًا من البكتيريا"، هكذا أوضح الباحث المصري ضياء أبو الفتوح، الباحث بمدينة الأبحاث العلمية ببرج العرب في الإسكندرية، شمالي مصر، وأحد المشاركين في الفريق العلمي الإسباني.
يقول أبو الفتوح: "نعتمد في إنتاج الورق الكهروحراري على مواد صديقة للبيئة بتقنية النانو تنتجها البكتيريا وبتكلفة لا تقارن بمثيلتها من المولدات المعتادة التي تستخدم مكونات كيميائية صلبة لا يمكن إعادة تدويرها، على عكس الورق الكهروحراري القابل لإعادة التدوير.
ويضيف قائلاً "الورقة -على خفتها- متينة جدا وغير قابلة للتمزيق بسهولة، كما أن مرونتها عالية، ما يجعل لفها على مصادر الحرارة أمر يسير، وهذا فعال جدا في حالات مصادر الحرارة ذات الشكل غير المنتظم، والورقة في الأصل شبه شفافة، ويمكن صبغها بالألوان وكذلك لصقها على الأسطح بما يوافق أي منظور ديكوري لاستخدامات متنوعة.
ويتميز البحث الذي نُشر مؤخرًا بدورية (الطاقة والعلوم البيئية) الرفيعة في مجالي الطاقة والبيئة، بأنه يبشر بإنتاج مولدات ليست فقط صديقة للبيئة على مستوى التشغيل (إنتاج طاقة نظيفة بدون انبعاثات)، ولكن أيضًا على مستوى الإنتاج في المعمل أو في المصنع مستقبليا وكذلك على مستوى التدوير.
وقالت آنا رويج، الباحث الرئيسي في فريق البحث الإسباني بمعهد برشلونة لعلوم المواد، إن الدراسة لم تحظَ باهتمام المجتمع العلمي فقط، لكنها لاقت اهتمامًا واسعًا من الجمهور العادي، خاصة لأنها تتناول مفهوم الاستدامة من وجهتي نظر مختلفتين.
واعتبرت رويج أن جاذبية الفكرة تتمثل في استغلال السليلوز البكتيري صديق البيئة كمادة خام اساسية لتصنيع مولدات، إضافة أن فكرة توليد الكهرباء من الحرارة تصنف على أنها فكرة ثورية؛ حيث إن نسبة كبيرة من الطاقة المهدرة على كوكب الأرض هي طاقة حرارية تتولد بشكل عرضي وتذهب سدى خلال العمليات اليومية المختلفة.
وأكدت أن الدراسة كانت "تجربة ممتعة للعمل مع فريق متعدد التخصصات، فقد كان التعاون بين علماء الأحياء الدقيقة والكيميائيين والفيزيائيين جزءًا من نجاح هذه الدراسة، التي يمكن الاستفادة منها في تشغيل الأجهزة الإلكترونية منخفضة الطاقة مثل مكونات (إنترنت الأشياء)، وعلى وجه الخصوص في الأجهزة والمستشعرات الحيوية القابلة للارتداء"، وعن أهمية الاعتماد على مولدات مستدامة، قالت رويج: "مصادر الطاقة المتجددة مستدامة، لكن التقنيات المستخدمة لاستقبال تلك الطاقة ليست كذلك بالضرورة"، مشيرة إلى أن المجتمع العلمي أصبح لديه دافع قوي للتقدم في هذا الاتجاه.
"أنا مقتنعة بأننا سنرى العديد من الأجهزة في المستقبل لها خاصية الاستدامة من مرحلة التصميم وصولًا إلى عملية التصنيع"، بهذه العبارة ختمت رويج حديثها بعد أن عبرت عن أملها في أن تكون الدراسة التي يعملون عليها بمثابة مصدر إلهام للفرق العلمية الأخرى.