كشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي عن واحد من أكثر الأجرام السماوية غموضاً منذ بدء عملياته، حيث رصد فريق دولي من الفلكيين، بمشاركة من جامعة الإمارات العربية المتحدة، جسماً ساطعاً بشدة أطلق عليه اسم "كابوتاورو" (Capotauro).
ويحمل هذا الاكتشاف أهمية كبرى، إذ قد يُعيد تشكيل فهمنا لنشأة الكون وتاريخه المبكر.
فرضيتان متضاربتان تهزان علم الفلك
تشير دراسة حديثة، نُشرت في مجلة arXiv للمطبوعات الأولية (وتنتظر حالياً مراجعة الخبراء)، إلى احتمالين رئيسيين لهذا الجسم، وكلاهما يُعد اكتشافاً مذهلاً:
المجرة الأقدم: قد يكون "كابوتاورو" أقدم مجرة معروفة في الكون على الإطلاق.
وفي هذه الحالة، يكون قد تشكّل بعد 100 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم، أي أنه أقدم بمائتي مليون سنة من الرقم القياسي السابق لأقدم مجرة مرصودة، ويتمتع بكتلة هائلة تتجاوز المليار كتلة شمسية.
القزم البني الأبرد: أما التفسير البديل والمثير للدهشة، فيشير إلى أن "كابوتاورو" قد يكون قزماً بنياً فريداً من نوعه.
والقزم البني هو نجم "فاشل" يفوق في حجمه أكبر الكواكب الغازية، ولكنه يفتقر للكتلة اللازمة لتحقيق الاندماج النووي في لبّه.
وإذا صحت هذه الفرضية، فسيكون هذا الجرم أبرد الأجرام من نوعه المكتشفة في مجرة درب التبانة، حيث تبلغ درجة حرارته 27درجة مئوية فقط، ويقع على بعد يزيد عن سبع سنوات ضوئية.
تحدي المفاهيم السائدة وسباق البيانات
أكد العلماء أن الهوية الدقيقة للجسم ما تزال غير مؤكدة، حيث وصف عالم الفيزياء الفلكية الإيطالي جيوفاني غاندولفي، الباحث المشارك في الدراسة، الاكتشاف بأنه يشبه "الحصول على عينة حمض نووي في مسرح جريمة مع وجود آلاف المطابقات".
وكانت البيانات الجديدة التي نشرها تلسكوب جيمس ويب في مارس الماضي نقطة تحول، إذ اعتمد الفريق على دمج قراءات كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRCam) مع بيانات مطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRSpec).
وقد مكنهم هذا الدمج من قياس سطوع الجسم وتقدير عمره ودرجة حرارته بدقة غير مسبوقة، وتضييق نطاق الاحتمالات.
وعلّق الدكتور محمد لطيف، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة الإمارات، قائلاً: "يمثل كابوتاورو أحد أكثر الاكتشافات إرباكاً حتى الآن، فهو يدفع حدود معرفتنا إلى أقصى مدياتها، بغض النظر عن التفسير الذي نتبناه".
ويشدد العلماء على أن كلا السيناريوهين يتحدى المفاهيم السائدة حول تكون المجرات وتطورها أو تكوين النجوم، ما يجعل "كابوتاورو" اكتشافاً مفصلياً في تاريخ علم الفلك.
ويخطط الفريق حالياً للحصول على مزيد من بيانات الرصد من تلسكوب جيمس ويب لحسم هوية هذا اللغز الفلكي الفريد.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض