تتابع مصر بقلق بالغ التطورات الميدانية المتسارعة في السودان، لاسيما بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر غربي البلاد.
هذه التحولات تثير مخاوف عميقة بشأن مستقبل السودان الذي باتت وحدته على المحك، وتضع الحدود الجنوبية لمصر في مواجهة وضع أمني أكثر تعقيداً واشتعالاً.
نقطة تحول استراتيجية وتقسيم فعلي
أكد خبراء في شؤون الأمن القومي المصري أن سيطرة "الدعم السريع" على الفاشر، التي كانت تمثل آخر معقل عسكري للجيش في دارفور ومركزاً استراتيجياً حيوياً، تُعد "نقطة تحول استراتيجية" في مسار الصراع.
وفي هذا السياق، أوضح اللواء محمد عبد الواحد، خبير شؤون الأمن القومي، أن سقوط الفاشر يوسع سيطرة "الدعم السريع" على مناطق غربي السودان، مما أدى إلى تقسيم فعلي للبلاد؛ حيث يسيطر الجيش على الشمال والشرق، فيما تتوسع سيطرة "الدعم السريع" لتشمل دارفور وشمال كردفان. ويُتوقع أن تتحول العاصمة الخرطوم إلى "منطقة رمادية بلا سيطرة واضحة".
التهديدات المباشرة للأمن القومي المصري
تتجاوز خطورة التطورات السودانية الجانب الإنساني لتطال الأمن القومي المصري من عدة أوجه، أبرزها:
تهديد الحدود الجنوبية: تقترب قوات "حميدتي" من المثلث الحدودي المرتبط بجنوب مصر، مما يفتح مسارات أمام شبكات التهريب وتسهيل تحركات الجماعات الإرهابية، خاصة تلك المرتبطة بمنطقة الساحل الإفريقي.
الفوضى الحدودية: يخشى خبراء من أن تفتح الفوضى ممرات في الصحراء شبيهة بما حدث في ليبيا، مما يزيد من صعوبة تأمين الحدود المصرية مع دولة مجاورة تعاني من تفكك السيطرة المركزية.
التمويل غير المشروع: ستدعم سيطرة قوات "حميدتي" على المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان وتشاد، حيث تنشط عمليات التهريب، قدرتها المالية بشكل كبير، وتحولها من مجرد "مليشيا" إلى قوة شبه نظامية، وفقاً لتحليل عبد الواحد.
رفض قاطع لتقسيم السودان ووضع "خطوط حمراء"
تتابع القاهرة التطورات بـ قلق استراتيجي عميق، وتعتبر أي تهديد لوحدة الأراضي السودانية هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري. وفي هذا الإطار:
الرفض الثابت: مساء الثلاثاء، شددت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية على رفضها القاطع لأية محاولات لتقسيم السودان أو الإخلال بوحدته وسلامة أراضيه، مؤكدة موقفها الثابت الداعم لوحدة السودان وصون مؤسساته الوطنية.
التحرك الدبلوماسي: دعت القاهرة إلى هدنة إنسانية فورية في جميع أرجاء البلاد، وصولاً إلى الوقف الدائم لإطلاق النار، مؤكدة مواصلتها تقديم الدعم للسودان.
خطوط حمراء: توقع الخبراء أن تضع مصر "خطوطاً حمراء" جديدة خلال الفترة القادمة تجاه أي تحرك عسكري يقترب من الحدود المصرية، خاصة فيما يتعلق بمحاولات التقسيم الفعلي للبلاد.
وفي سياق متصل، شكك اللواء عبد الواحد في تبرير رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للانسحاب من الفاشر بأنه "استراتيجي"، معتبراً إياه "اعترافاً ضمنياً بفشل استراتيجية الجيش" في الاحتفاظ بالغرب، ومُشيراً إلى أن الانسحاب الفوضوي ترك آلاف الجنود والمدنيين تحت رحمة "الدعم السريع".
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض