توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب.. خلاف علني بين ترامب ونتنياهو حول ضم الضفة وحرب غزة


الجريدة العقارية الخميس 23 أكتوبر 2025 | 08:47 مساءً
محمد شوشة

دخلت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية مرحلة غير مألوفة من التوتر، بعد أن تفجر خلاف سياسي حاد بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول نية حكومة الاحتلال ضم أجزاء من الضفة الغربية، فبينما يرى نتنياهو أن الضم يمثل استكمالًا للمشروع الصهيوني وترسيخًا للسيادة الإسرائيلية، اعتبر ترامب أن هذه الخطوة تمثل تجاوزًا للتفاهمات التي رعتها إدارته في إطار صفقة القرن، وقد تهدد الاستقرار الإقليمي وتنسف مسار التطبيع مع الدول العربية.

وخرج الخلاف الذي بدأ خلف الأبواب المغلقة إلى العلن بتصريحات أمريكية حادة، حيث حذر ترامب وقيادات جمهورية بارزة إسرائيل من الاستمرار في خطط الضم دون تنسيق مع واشنطن، مشيرين إلى أن ذلك قد يعرض الدعم الأمريكي التقليدي لإسرائيل إلى إعادة تقييم، فيما رد نتنياهو بأن إسرائيل لن تفرّط في أمنها أو قراراتها السيادية تحت أي ضغط خارجي، مما فتح الباب أمام أزمة دبلوماسية نادرة بين أقرب حليفين في الشرق الأوسط.

كواليس الخلاف بين ترامب ونتنياهو حول ضم الضفة الغربية

كشف ترامب تفاصيل مكالمة حادة جمعته مع نتنياهو، مارس خلالها ضغوطًا كبيرة لإجباره على القبول بخطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة. 

وقال ترامب، في مقابلة مع مجلة "تايم"، إنه اتصل بنتنياهو مساء 4 أكتوبر، وأبلغه بشكل قاطع أن الحرب انتهت، بعد أن توصّلت واشنطن عبر وسطاء من مصر وقطر وتركيا لاتفاق أدى إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.

وأوضح ترامب أنه خاطب نتنياهو قائلًا: "بيبي، لا يمكنك أن تحارب العالم، وقد تخوض معارك منفردة، لكن العالم كله ضدك".

 وبحسب مصادر أمريكية نقلها موقع "أكسيوس"، لم يُظهر نتنياهو حماسًا للخطة، معتبراً أن رد حماس الأولي عليها ليس جديرًا بالاحتفال، مما دفع ترامب للانفعال قائلاً: "لماذا أنت سلبي إلى هذا الحد؟ هذا إنجاز، تقبّله".

وأكد مسؤولون أمريكيون للموقع أن الرئيس الأمريكي فقد صبره بسبب موقف نتنياهو، ووبّخه بلغة قاسية، مشيرين إلى أن ترامب رأى رد حماس على مقترحه فرصة حقيقية لنهاية الحرب وليس مجرد مناورة سياسية.

وقال ترامب إنه لولا تدخله المباشر لربما استمرت الحرب في غزة لسنوات، مؤكدًا: "أنا من أوقف الحرب، وكان العالم سيُوقف إسرائيل لو لم تفعل، وإسرائيل كانت تفقد التعاطف الدولي، وكان لابد من وقف النزيف السياسي والعسكري".

تحذير صريح من ضم الضفة الغربية

أطلق ترامب تحذيرًا شديد اللهجة لحكومة نتنياهو بشأن أي خطوة لضم أجزاء من الضفة الغربية، مؤكدًا أن إسرائيل ستفقد كل الدعم الأمريكي إذا مضت في هذا الاتجاه، لأن ذلك سيقوض وعوده للدول العربية ويُفشل فرص التطبيع مع السعودية.

ورغم معارضة نتنياهو الظاهرة للخطوة، صادق الكنيست مبدئيًا على مشروع قانون لفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية، بدعم من اليمين المتشدد، وبنتيجة تصويت جاءت 25 مقابل 24.

ووصف نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس هذه الخطوة بأنها غبية وإهانة، معتبرًا أنها محاولة سياسية لإحراج الإدارة الأمريكية خلال زيارته لإسرائيل.

وقال فانس، في ختام زيارته لتل أبيب: "لن تضم إسرائيل الضفة الغربية، وهذه سياسة الرئيس ترامب، ولن تتغير"، فيما أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن خطوة الكنيست تهدد خطة السلام في غزة.

لسنا دولة تابعة لأمريكا

رغم الضغوط الأمريكية المتصاعدة، رفض نتنياهو الاتهامات بأن إسرائيل باتت تتصرف بتوجيه من واشنطن، مؤكدًا أن العلاقة مع الولايات المتحدة هي تحالف بين شركاء، لا علاقة تابع ومتبوَع، لكنه تجنّب نفي وقف الحرب تحت الضغط، وأشار فقط إلى أن إسرائيل ستنسق خطواتها مع واشنطن دون التفريط بأمنها.

كما نقلت القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو وضع خطوطًا حمراء أمام المفاوضين الأمريكيين، أبرزها: رفض أي دور لحماس أو للسلطة الفلسطينية في حكم غزة مستقبلاً، ورفض وجود قوات تركية هناك، والتأكيد أن الانسحاب الكامل من القطاع لن يتم قبل نزع سلاح الحركة بالكامل.

زيارة فانس وكوشنر وخطط اليوم التالي

تزامن الجدل مع زيارات أمريكية متتالية لإسرائيل، شملت نائب الرئيس جيه دي فانس، والمستشار جاريد كوشنر، ومسؤول القيادة المركزية الأمريكية الأدميرال براد كوبر، وتركزت المحادثات على تثبيت وقف إطلاق النار وبحث تشكيل قوة أمنية دولية لتولي مهمة نزع سلاح حماس.

وقال فانس في مؤتمر صحفي: "حتى الآن، إسرائيل تحترم وقف إطلاق النار، وحماس أيضًا، مع بعض الاستثناءات المتوقعة، وهدفنا الآن هو تثبيت السلام طويل الأمد"، مضيفًا أن واشنطن تجري اتصالات مع حلفائها في الخليج ومع إسرائيل لتحديد الدول التي ستشارك في القوة الأمنية المقترحة لقطاع غزة، مؤكدًا أن الحوار ليس مع حماس أساسًا، بل مع شركائنا العرب.

البرغوثي وقيادة ما بعد الحرب

وفي ملف الأسرى والقيادة الفلسطينية، كشف ترامب أنه يبحث إمكانية التدخل للإفراج عن مروان البرغوثي، القابع في السجون الإسرائيلية، باعتباره شخصية قد تحظى بقبول فلسطيني واسع لقيادة المرحلة المقبلة، قائلًل: "لم يحسم موقفه بعد" بشأن دعم الإفراج عنه.

وأشار ترامب إلى أن غزة تفتقر إلى قيادة سياسية واضحة بعد الحرب، وأن كل من حاول تولي القيادة قُتل أو اختفى، ورفض إعطاء موقف نهائي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائلاً: "كان عقلانيًا في بعض المرات، لكنني بحاجة لتقييم جديد".