في تحرك اقتصادي وسياسي لافت، قررت الحكومة المغربية رفع مخصصات الإنفاق على قطاعي الصحة والتعليم إلى 140 مليار درهم (15.3 مليار دولار) ضمن مشروع موازنة العام المقبل 2026، بزيادة قدرها 22.8% مقارنة بالعام الحالي، بحسب بيان صادر عن الديوان الملكي المغربي مساء الأحد.
الخطوة تأتي في وقت حساس تشهده البلاد، بعد احتجاجات "جيل زد" التي اندلعت الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص واعتقال مئات المتظاهرين، في أكبر موجة احتجاجات تعرفها المملكة منذ أكثر من عقد.
احتجاجات جيل زد تضغط على الحكومة
يرى مراقبون أن القرار الجديد يهدف إلى احتواء غضب الشباب المغربي، الذين عبّروا خلال احتجاجاتهم عن استيائهم من ضعف الخدمات العامة، واعتبروا أن الحكومة تبالغ في الإنفاق على استعدادات كأس العالم 2030 على حساب القطاعات الاجتماعية الحيوية، وعلى رأسها الصحة والتعليم.
تفاصيل المخصصات الجديدة في الموازنة
أوضح بيان الديوان الملكي أن الزيادة المقررة ستُوجَّه لتطوير المنظومتين الصحية والتعليمية بشكل متكامل، من خلال:
إنشاء مراكز صحية جامعية جديدة في عدة مدن مغربية.
تأهيل وتحديث 90 مستشفى عبر مختلف الأقاليم.
خلق 27 ألف وظيفة جديدة في القطاعين الصحي والتعليمي.
يُذكر أن موازنة الصحة للعام الجاري بلغت 32 مليار درهم بزيادة سنوية 6%، فيما وصلت موازنة التعليم إلى 85 مليار درهم بزيادة 15%.
وزيرة المالية: الاحتجاجات جرس إنذار
في سياق متصل، قالت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، خلال مشاركتها في ندوة بمركز "ستمسون للأبحاث" في واشنطن على هامش اجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين، إن احتجاجات جيل زد كانت جرس إنذار حقيقي للحكومة.
وأضافت العلوي: "لا يمكننا أن نظل ننتظر النظريات الاقتصادية حتى تُثمر… الوظائف يجب أن تأتي الآن". وأكدت أن الحكومة تعمل على تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وتوفير فرص عمل فورية للشباب المغربي.
نمو اقتصادي متوقع وتحكم في التضخم
وبحسب المعطيات الرسمية التي عرضتها الوزيرة أمام المجلس الوزاري، يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للمغرب نموًا بنسبة 4.8% خلال العام الحالي، وهو معدل يفوق التقديرات السابقة التي توقفت عند 4.5%.
كما أشار البيان إلى أن هذا النمو مدعوم بانتعاش الطلب المحلي وتوسع القطاعات غير الزراعية، مع استمرار السيطرة على معدل التضخم عند حدود 1.1% بنهاية أغسطس، وتحقيق عجز في الميزانية لا يتجاوز 3.5% من الناتج الداخلي الخام.
توجهات موازنة 2026: استثمار وإصلاح وهيكلة
ووفق البيان ذاته، فإن موازنة المغرب لعام 2026 ستركز على تحفيز الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية، وتسريع تفعيل ميثاق الاستثمار، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب تنويع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني.
كما وجّه الملك محمد السادس الحكومة إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية يستهدف المناطق الأكثر هشاشة مثل الجبال والواحات، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، ومواصلة تنفيذ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر الذي يشمل أكثر من 4 ملايين أسرة مغربية.
إلى جانب ذلك، أكدت الحكومة أن العام المقبل سيشهد تسريع إصلاح المؤسسات والشركات العمومية، وتحسين كفاءتها ومردوديتها لدعم النمو الاقتصادي.