في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات، أعلن البيت الأبيض تجميد نحو 28 مليار دولار من أموال البنية التحتية وتسريح آلاف الموظفين الفيدراليين، مع دخول الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الثاني.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القرار جاء نتيجة ما وصفه بـ«تعنت الديمقراطيين» في المفاوضات داخل الكونغرس، متهماً إياهم بالتسبب في تعطيل تمويل الحكومة وعرقلة استقرار الجهاز الإداري للدولة.
تسريحات بالجملة في وزارات سيادية
بدأت عمليات الفصل في عدد من الوزارات والهيئات الكبرى، أبرزها الخزانة، والصحة والخدمات الإنسانية، والتعليم، والتجارة، وإدارة الأمن الداخلي (قسم الأمن السيبراني)، بينما لم يُكشف بعد عن العدد النهائي للمفصولين.
ووفقاً لتقارير رسمية، تلقى أكثر من 4200 موظف فيدرالي إشعارات بالفصل من سبع وكالات، بينهم أكثر من 1400 في وزارة الخزانة، و1100 في وزارة الصحة، ضمن حملة تقليص الوظائف التي أطلقها ترامب في وقت سابق من العام، والتي طالت نحو 300 ألف موظف مدني اتحادي.
ترامب: "الديمقراطيون يتحملون المسؤولية"
قال ترامب في تصريحات من المكتب البيضاوي إن الديمقراطيين هم السبب وراء الأزمة الحالية، مضيفاً أن التسريحات تستهدف في الأساس الموظفين المرتبطين بالحزب الديمقراطي.
وأوضح أن الجمهوريين، رغم امتلاكهم الأغلبية في الكونغرس، يحتاجون إلى دعم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لتمرير مشروع قانون التمويل الحكومي، بينما يصر الديمقراطيون على ربط التمويل بتمديد دعم التأمين الصحي لـ24 مليون أمريكي.
تجميد المخصصات في ولايات ديمقراطية
وبموجب قرار جديد، أمر ترامب بتجميد 28 مليار دولار من أموال البنية التحتية الموجهة لولايات نيويورك، وكاليفورنيا، وإلينوي، وهي ولايات ذات أغلبية ديمقراطية، تضم أيضاً عدداً كبيراً من منتقدي الإدارة.
وقالت وزارة العدل في مذكرة قضائية إن الإجراء قانوني ومؤقت، بينما اعتبر الديمقراطيون أنه عقاب سياسي واضح.
تصعيد سياسي ونقابي
من جانبه، صرّح زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بأن الجمهوريين يتحملون المسؤولية الكاملة عن كل وظيفة مفقودة وخدمة متوقفة، مؤكداً أن الديمقراطيين «لن يخضعوا لابتزاز سياسي».
في المقابل، رفعت نقابات العمال الفيدرالية دعاوى قضائية لوقف التسريحات، ووصفتها بأنها غير قانونية أثناء فترة الإغلاق.
ورفضت الإدارة هذه الدعاوى مؤكدة أن النقابات لا تمتلك حق التقاضي في شؤون الموظفين الفيدراليين، ومن المنتظر أن تنظر محكمة اتحادية في القضية يوم 15 أكتوبر.
اعتراضات من داخل الحزب الجمهوري
ورغم أن القرار جاء من البيت الأبيض، فإن بعض الجمهوريين أبدوا تحفظهم، وعلى رأسهم السيناتورة سوزان كولينز، رئيسة لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ، التي قالت في بيان إن «كل وظيفة فيدرالية تُمثل خدمة أساسية للمواطنين، سواء كانت مدفوعة الأجر أو متوقفة مؤقتاً».
ملايين دون رواتب
يأتي ذلك في وقت لم يتسلم فيه مئات الآلاف من الموظفين رواتبهم عن الأيام التي تلت بدء الإغلاق، فيما قد يفقد نحو مليوني جندي رواتبهم كاملة إذا لم تُحل الأزمة قبل منتصف أكتوبر.
وأكدت تقارير من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية أن التسريحات استهدفت بشكل خاص الموظفين الموقوفين عن العمل دون أجر، وأن نحو 41% من إجمالي موظفي الوزارة باتوا خارج الخدمة حالياً.
فوضى في مؤسسات الدولة
كما بدأت وزارة الخزانة إعداد 1300 إشعار فصل جديد، شملت جزئياً مصلحة الضرائب التي تعاني من تقليص كبير هذا العام.
وامتدت الإجراءات إلى وزارات الإسكان والتنمية الحضرية، والتعليم، والتجارة، والطاقة، والداخلية، بالإضافة إلى وكالة حماية البيئة، في حين أكدت إدارة الأمن الداخلي بدء تسريحات في وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية، التي لطالما دخلت في خلافات مع ترامب منذ انتخابات 2020.
وبينما تتصاعد الخلافات السياسية والقضائية، يرى مراقبون أن هذه الأزمة تمثل اختباراً حقيقياً لقدرة الإدارة الأمريكية على إدارة الإغلاق دون المساس بالأمن القومي أو الخدمات الأساسية للمواطنين.