وزير الري الأسبق: ما حدث في السودان «إنذار مبكر».. ومصر جاهزة لجميع سيناريوهات سد النهضة


الجريدة العقارية الاحد 05 أكتوبر 2025 | 11:17 مساءً
سد النهضة
سد النهضة
محمد فهمي

قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، إن الفيضان المفاجئ الأخير نتيجة الملء الأحادي لسد النهضة من قبل إثيوبيا، والذي أدى إلى أضرار كبيرة في السودان، يُعد بمثابة "إنذار مبكر وخطير" لدولتي المصب، مصر والسودان، حول المخاطر الحقيقية لسوء إدارة السد، خاصة في ظل غياب التنسيق والتفاهم المشترك بين الدول الثلاث.

وأضاف علام، خلال لقائه مع برنامج "إكسترا نيوز"، أن إدارة السد بهذه الصورة "تفتقر للخبرة الفنية"، مشيرًا إلى أن إثيوبيا قامت بملء الخزان حتى مستوى الطوارئ، دون ترك أي سعة لتخزين الفيضانات المفاجئة، ما اضطرها إلى تصريف كميات هائلة من المياه بشكل مفاجئ، وهو ما أدى إلى غمر الأراضي السودانية وحدوث خسائر مادية وبشرية.

السد العالي أنقذ مصر من التأثير المباشر

وأوضح أن مصر لم تتأثر بشكل كبير بهذه الكميات، بفضل السد العالي، ومفيض توشكى، والإدارة المائية الدقيقة من وزارة الموارد المائية والري، خاصة أن توقيت تصريف المياه جاء بعد نهاية موسم الزراعة الصيفي، وقبل بداية موسم الفيضان الجديد، مضيفًا:

"كل نقطة مياه في مصر محسوبة، والإدارة المصرية تعاملت مع الموقف بوعي وخبرة، دون فقد أي قطرة مياه إن أمكن".

القلق الأكبر: سنوات الجفاف وليس الفيضانات

وحذر علام من أن الخطر الأكبر على مصر لا يكمن فقط في الفيضانات غير المنسقة، بل في احتمالات سنوات الجفاف، حيث أن إدارة السد بطريقة أحادية خلال فترة شح المياه سيؤثر بشكل مباشر على حصة مصر المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتبر بالفعل غير كافية لتغطية احتياجات أكثر من 110 ملايين مواطن.

وأضاف: "في ظل التغيرات المناخية، الجفاف هو التهديد الحقيقي للأمن المائي المصري، وعلى عكس السودان، الذي يواجه خطر الفيضانات بسبب سدوده الصغيرة، فإن مصر تواجه خطر نقص المياه للزراعة والشرب".

مصر نفذت مشروعات مائية غير مسبوقة

وأشار الوزير الأسبق إلى أن مصر استثمرت مليارات الجنيهات خلال السنوات الماضية في مشروعات كبرى لإدارة مواردها المائية، منها معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي على نطاق واسع، مشروعات تبطين الترع لتقليل الفاقد وتحقيق العدالة بين المزارعين، التوسع في تحلية مياه البحر وخاصة في المحافظات الساحلية، ترشيد استهلاك المياه في المنازل والزراعة، وتطوير نظم الري الحديث حتى في الأراضي الطينية.

كما أكد أن الكفاءة المائية في مصر وصلت لمعدلات تقارب المعايير العالمية، مشيرًا إلى أن الكفاءة الحالية في الري السطحي وصلت إلى 70%، وهي نفس النسبة المستخدمة في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة.

رسالة للمواطن: نهر النيل "مقدس" ويجب احترامه

وشدد علام على أن نهر النيل هو "شريان الحياة" للمصريين، ويجب التعامل معه على أنه مرفق وطني سيادي لا يجوز الاعتداء عليه، مؤكدًا أهمية التوعية بترشيد استخدام المياه، سواء في المنازل أو في الزراعة، قائلاً:"كل نقطة مياه بتكلف الدولة أموالًا طائلة، ولازم كل مواطن يعرف إن الحفاظ على المياه مسؤولية وطنية".

سد النهضة: التعاون هو الحل وليس الصدام

وفي ختام حديثه، وجه الدكتور محمد نصر رسالة بضرورة العودة للتعاون الإقليمي بين دول حوض النيل، خاصة إثيوبيا، داعيًا إلى التوقف عن الخطاب العدائي المتبادل على مواقع التواصل الاجتماعي، ومؤكدًا أن الحل الوحيد يكمن في شراكات تنموية استراتيجية تعود بالنفع على الجميع.

وتابع: "إثيوبيا دولة كبيرة، وشعبها عظيم، ومصلحتها الحقيقية مع مصر، كما أن مصلحة القرن الإفريقي بالكامل تعتمد على نهر النيل... ويجب استغلاله كجسر للتعاون لا الصراع".