الدولار يتراجع لأدنى مستوى في أسبوع بفعل الإغلاق الحكومي وضعف بيانات التوظيف


الجريدة العقارية الخميس 02 أكتوبر 2025 | 04:55 مساءً
الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي
محمد شوشة

تراجع الدولار الأمريكي، اليوم الخميس، إلى أدنى مستوى له في نحو أسبوع، مع تقييم المتعاملين لتداعيات الإغلاق الحكومي الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد وأسواق المال، في وقت جاءت فيه بيانات التوظيف أضعف من المتوقع، مما عزز الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيقدم على خفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين خلال العام الحالي.

الدولار الأمريكي

انخفض مؤشر الدولار، بنسبة 0.14% ليصل إلى 97.59 نقطة، بينما سجل أكبر تراجع له أمام الين الياباني، الذي يُعد من الملاذات الآمنة، بنسبة 0.3% ليصل إلى 146.69 ينًا للدولار.

ويأتي هذا التراجع بعد أربعة أيام متتالية من الخسائر التي مني بها المؤشر، في ظل حالة من القلق تسود أوساط المستثمرين بشأن المدة التي قد يستمر فيها الإغلاق الحكومي الأمريكي، وتأثير ذلك على إصدار البيانات الاقتصادية، ومدى انعكاسه على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبلة المتعلقة بمسار السياسة النقدية وأسعار الفائدة.

بيانات التوظيف الأضعف تضغط على الدولار

أظهرت بيانات تقرير ADP الوطني للتوظيف، الصادر اليوم الأربعاء، انكماشًا في عدد الوظائف بالقطاع الخاص الأمريكي بنحو 32 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي، بعد انخفاض قدره 3 آلاف وظيفة في أغسطس، عقب تعديله بالخفض.

وقال كيت جوكس، كبير استراتيجيي العملات في بنك سوسيتيه جنرال، إن بيانات التوظيف الضعيفة في الولايات المتحدة أدت إلى إضعاف الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ، مضيفًا أن الأسواق بدأت تستوعب فكرة أن سوق العمل لم يعد بالقوة التي كان عليها في النصف الأول من العام، وهو ما يفتح الباب أمام الفيدرالي لتخفيف سياسته النقدية بشكل أسرع.

ويأتي التقرير في وقت حرج يشهد إغلاقًا حكوميًا يعطل تدفق البيانات الاقتصادية الرسمية من المؤسسات الفيدرالية، وهو ما يضيف مزيدًا من الضبابية وعدم اليقين إلى مشهد صنع القرار داخل أروقة البنك المركزي الأمريكي، في وقت يتباين فيه موقف صناع السياسة النقدية بين من يرى ضرورة التريث ومن يطالب بخفض أسرع للفائدة لدعم النشاط الاقتصادي.

وأضاف جوكس: "يبدو أن السوق تفاعلت مع أرقام التوظيف الضعيفة لكنها لن تندفع بشكل قوي نحو رفع قيمة الدولار، لأن البيانات التي يتم الاعتماد عليها أصبحت أقل موثوقية في ظل توقف المؤسسات الحكومية عن العمل".

جمدت إدارة ترامب يوم أمس الأربعاء نحو 26 مليار دولار مخصصة لولايات ذات ميول ديمقراطية، تنفيذًا لتهديدات الرئيس باستخدام الإغلاق كورقة ضغط سياسية تستهدف أولويات الحزب الديمقراطي، وهو ما زاد من حدة الانقسام في الكونجرس وأثار مخاوف المستثمرين من إطالة أمد الأزمة السياسية الراهنة.

غياب البيانات الرسمية يزيد من ضبابية الأسواق

وقال فرانسيسكو بيسول، استراتيجي سوق الصرف الأجنبي لدى آي إن جي (ING)، إن غياب العديد من البيانات الرسمية في الولايات المتحدة بسبب الإغلاق الحكومي يعني أن المؤشرات البديلة، مثل تقرير التوظيف في القطاع الخاص الصادر بالأمس وبيانات تشالنجر المرتقبة اليوم، سيكون لها تأثير أطول وأكبر على الأسواق من المعتاد.

وفي سياق متصل، أظهرت بيانات اقتصادية أخرى صدرت يوم الأربعاء أن نشاط التصنيع في الولايات المتحدة ارتفع قليلًا خلال سبتمبر، على الرغم من استمرار ضعف الطلبات الجديدة والتوظيف، في ظل معاناة المصانع الأمريكية من تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على نطاق واسع، ما أضعف تنافسية بعض القطاعات الصناعية.

إقالة حاكمة بنك الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك

في خضم تلك التطورات، أعلنت المحكمة العليا الأميركية أنها ستستمع، في يناير المقبل، إلى الحجج القانونية بشأن محاولة الرئيس دونالد ترامب إقالة حاكمة بنك الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، وهي خطوة غير مسبوقة تسلط الضوء على التوترات السياسية التي تطال استقلالية البنك المركزي الأميركي.

وترجّح أسواق المال العالمية أن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين خلال العام الحالي، في ظل المؤشرات الاقتصادية المتباينة وتزايد التحديات السياسية والمالية، خصوصًا بعد بيانات التوظيف الأخيرة والإغلاق الحكومي الذي يضغط على الاقتصاد الأميركي.

وفي المقابل، حقق اليورو ارتفاعًا بنسبة 0.18% ليصل إلى 1.1751 دولار، بعد صدور بيانات اقتصادية أظهرت تسارع التضخم في منطقة اليورو خلال الشهر الماضي، مدعومًا بارتفاع أسعار الخدمات وتراجع أقل حدة في تكاليف الطاقة، وهو ما يدعم التوجه نحو الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول لدى البنك المركزي الأوروبي.

وقال فرانسيسكو بيسولي، المحلل الاقتصادي في "آي إن جي"، إن البيانات الأخيرة تعزز موقف البنك المركزي الأوروبي الحذر، وقد تُسهم في إسكات الأصوات الداعية إلى مزيد من التيسير النقدي داخل مجلس الإدارة.

كما كشفت بيانات صدرت اليوم الخميس عن ارتفاع معدل البطالة في منطقة اليورو خلال أغسطس، في إشارة إلى استمرار التحديات أمام سوق العمل الأوروبية رغم تحسن بعض المؤشرات التضخمية، ما يترك الباب مفتوحًا أمام مزيد من النقاشات داخل البنك المركزي الأوروبي حول توقيت أي تعديل محتمل في سياسته النقدية خلال الأشهر المقبلة.