أكد المهندس أحمد صبور، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي صبور للتنمية العقارية، أن أسعار العقارات في مصر لم تشهد أي انخفاض فعلي طوال العقود الأربعة الماضية، رغم التغيرات الاقتصادية التي مرت بها البلاد، مرجعًا ذلك إلى خلل هيكلي مزمن في ميزان العرض والطلب داخل السوق العقاري، معقبا: "عمر أسعار العقارات ما هتنزل".
وقال صبور في لقاء مع CNBC Arabia: "على مدى أكثر من 40 سنة، لم تنخفض أسعار العقارات في مصر، حتى في ظل الأزمات الاقتصادية أو ارتفاع معدلات التضخم أو تغيرات سعر الصرف. السوق العقاري المصري يظل صاعدًا بطبيعته، والسبب الرئيس هو الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب".
وأضاف أن "مصر تعاني من عجز تاريخي يقدّر بنحو 4 ملايين وحدة سكنية موروثة من العشرين سنة الماضية، وهو عجز لم يتم تعويضه حتى الآن. كما تحتاج البلاد إلى ما يقرب من مليون وحدة جديدة سنويًا لتلبية الطلب الطبيعي، في حين لا يتجاوز الإنتاج السنوي من الدولة والقطاع الخاص معًا أكثر من نصف هذا الرقم".
وأشار إلى أن استمرار هذا الخلل في التوازن بين الطلب والعرض هو ما يحافظ على الأسعار في مسار تصاعدي، موضحًا أن السوق العقاري المصري يتمتع بقاعدة طلب واسعة ومستمرة، سواء من المواطنين داخل مصر أو من المصريين العاملين بالخارج، وحتى من المستثمرين الأجانب الذين يرون في العقار المصري وسيلة آمنة لحفظ القيمة والاستثمار.
وفيما يتعلق بارتفاع الأسعار، أشار صبور إلى أن تقييم الأسعار يجب أن يتم بطريقة واقعية تأخذ في الاعتبار آليات السداد المتاحة، قائلاً: "نعم، الأسعار ارتفعت، لكن مدد السداد زادت أيضًا. وبالتالي إذا قمت بحساب القيمة الحالية للأقساط طويلة الأجل مقارنة بالسداد النقدي، ستجد أن الفرق الفعلي في السعر ليس كبيرًا كما يظن البعض".
وضرب صبور مثالًا توضيحيًا قائلاً: "لو هناك عقار يُباع بمليون جنيه نقدًا، وآخر يُباع بـ3 ملايين جنيه على مدار 10 سنوات، فإن من يدفع بالتقسيط فعليًا يشتري بسعر مقارب جدًا للقيمة الأصلية عند احتساب الفائدة والمدة الزمنية، إذا حسبناها بالقيمة الحالية".
وأشار إلى أن عددًا من المطورين العقاريين بدأوا يعرضون خصومات تصل إلى 45% على قيمة العقار عند الدفع النقدي، وهو ما يعكس حقيقة الأسعار وتكلفة التمويل وليس انخفاضًا حقيقيًا في قيمة العقار السوقية.
العقار أداة استثمارية وليس مجرد سلعة
وشدد أحمد صبور على أن العقار في مصر لا يجب النظر إليه فقط كمجرد سلعة استهلاكية، بل هو أداة استثمارية ووسيلة لحفظ القيمة في ظل التحديات الاقتصادية، لا سيما في أوقات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. وأكد أن القطاع العقاري يظل أحد أكثر القطاعات مرونة واستقرارًا مقارنة بغيره من القطاعات الاقتصادية.
وأضاف: "العقار أثبت مرونته في مواجهة الأزمات، سواء أزمة 2008 المالية، أو جائحة كورونا، أو فترات التعويم، وحتى بعد الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة والمواد الخام، لا يزال الطلب مستقرًا، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة في السوق المحلي".
نظرة مستقبلية
واختتم صبور تصريحاته بالتأكيد على أهمية الاستثمار طويل الأجل في السوق العقاري المصري، لافتًا إلى أن زيادة المعروض وزيادة القدرة الشرائية تتطلب سياسات تمويلية مرنة من جهة الدولة، إلى جانب الاستمرار في مشروعات البنية التحتية التي تفتح آفاقًا جديدة للتوسع العمراني، خاصة في المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية، والعلمين، والجلالة، والساحل الشمالي.