تجدد الجدل داخل الأوساط الأمنية والسياسية في إسرائيل بشأن قضية أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والمستشار المقرب من خلفه أنور السادات، بعدما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تحقيقًا موسعًا كشفت فيه تفاصيل جديدة حول دوره الموصوف بـ"المفصلي" في خطة الخداع المصرية قبيل اندلاع حرب أكتوبر 1973..
جدل متجدد في إسرائيل حول أشرف مروان
الصحيفة العبرية أوضحت أنها أجرت تحقيقًا استند إلى آلاف الوثائق السرية وشهادات جديدة، مشيرة إلى أن مروان، الذي أطلقت عليه المخابرات الإسرائيلية لقب "الملاك"، لم يكن عميلًا مزدوجًا كما زعمت الأجهزة الإسرائيلية لعقود، بل كان أحد أعمدة الخداع الاستراتيجي الذي أوقع إسرائيل في فخ الاطمئنان الكاذب قبل الحرب.
الملاك أشرف مروان
واعتبرت الصحيفة أن نجاح خطة الخداع تجاوز التوقعات، حيث ضربت "غطرسة" المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مقتل، ما جعله على حد وصفها أحد أخطر العملاء ضد إسرائيل.
وأثار التحقيق عاصفة من الجدل، إذ دعا اللواء احتياط عاموس جلعاد، في تصريحات نقلتها الصحيفة اليوم الأحد، إلى تشكيل لجنة مشتركة بين شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد لإعادة التحقيق في ملابسات القضية، معتبرًا أن النتائج التي توصل إليها الصحفيان رونين بيرغمان ويوفال روبوفيتش تستوجب مراجعة جذرية.
جلعاد، الذي شغل مناصب رفيعة في الجيش والاستخبارات، أقر بأنه كان مقتنعًا سابقًا بأن مروان منح إسرائيل إنذارًا مبكرًا، لكنه أضاف أن المعطيات الجديدة تستند إلى بحث منهجي ومصادر إضافية تجعل من الصعب تجاهل فرضية أن ما جرى كان "خداعًا محكمًا".
وربط جلعاد بين إخفاقات 1973 وما وصفه بـ"الفشل الاستخباراتي" في هجوم 7 أكتوبر 2023، مؤكدًا أن الأخطاء تتكرر حين يصر صناع القرار على التمسك بمفاهيم مسبقة بدلًا من قراءة المؤشرات الميدانية بواقعية.
واستشهد بعدة أمثلة تاريخية من بينها قضية الضابط يهودا غيل في التسعينيات، وعملية الساحل عام 1978 التي نفذتها حركة فتح رغم تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية المعاكسة.
واختتم جلعاد بالتأكيد أن إعادة التحقيق في ملف أشرف مروان ليس مجرد بحث تاريخي، بل قضية وجودية تمس أمن إسرائيل الراهن والمستقبلي، مشددًا على أن التطور التكنولوجي لا يغني عن ضرورة وجود إنذار استخباري بشري نوعي ودقيق.