أمريكا على أعتاب إغلاق حكومي شامل.. خطط لتسريح موظفين وإلغاء رحلات الكونجرس


الجريدة العقارية السبت 27 سبتمبر 2025 | 05:08 مساءً
أزمة اقتصادية تضرب أمريكا
أزمة اقتصادية تضرب أمريكا
حسين أنسي

تعيش الولايات المتحدة الأمريكية حالة من القلق السياسي والاقتصادي، مع اقتراب لحظة نفاد التمويل الفيدرالي عند منتصف ليل يوم الثلاثاء الموافق 30 سبتمبر الجاري، ما يهدد بحدوث إغلاق حكومي شامل إذا لم يتمكن الحزبان الجمهوري والديمقراطي من التوصل إلى اتفاق يضمن استمرار الإنفاق الحكومي.

وفي هذا السياق، أصدر مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض تعليمات عاجلة للوكالات الفيدرالية، بإعداد خطط طوارئ تتضمن تقليص القوى العاملة، استعداداً لاحتمال توقف التمويل، وذلك في خطوة تعكس جدية الحكومة في التعامل مع سيناريو الإغلاق المحتمل.

وقالت مجلة بوليتيكو الأمريكية إن المكتب طالب الوكالات بتحديد البرامج والمشروعات التي سينقضي تمويلها مع بداية شهر أكتوبر، والتي لا تمتلك مصادر مالية بديلة، تمهيداً لوضع خطة إعادة تمويل (Reduction in Force – RIF) تشمل إجراءات قد تصل إلى تسريح دائم للموظفين العاملين في مشروعات لا تتوافق مع أولويات الرئيس دونالد ترامب.

ويمثل هذا التوجه تحولاً جذرياً عن نهج الحكومات السابقة في التعامل مع الإغلاقات الحكومية، التي كانت تقتصر عادة على إجازات مؤقتة للموظفين، قبل إعادتهم إلى وظائفهم بعد استعادة التمويل، ولكن إدارة ترامب الحالية تستخدم – وفقاً لمراقبين – ورقة التسريح الدائم كورقة ضغط سياسية في مواجهة الديمقراطيين داخل الكونجرس.

إلغاء رحلات ومهام رسمية في الكونجرس

في مؤشر واضح على استعداد المؤسسات الفيدرالية لتداعيات الإغلاق، كشفت تقارير إعلامية عن إلغاء رحلات رسمية لوفود من أعضاء الكونجرس الأمريكي كانت مقررة الأسبوع المقبل، ضمن زيارات رقابية تُعرف باسم "CODELs"، بسبب حالة عدم اليقين المالي التي تسبق الموعد الحاسم.

وبحسب موقع أكسيوس، فقد تم إلغاء زيارتين على الأقل نظمهما مجلس النواب، كانت إحداهما إلى ولايتي نيو مكسيكو لزيارة مختبري "لوس ألاموس" و"سانديا" الوطنيين، فيما أُلغيت رحلة ثالثة في اللحظات الأخيرة.

وأكدت مصادر برلمانية من الحزبين أن هذه الرحلات ممولة بالكامل من الحكومة الفيدرالية، الأمر الذي يجعل استمرارها في ظل الإغلاق المحتمل “مستحيلاً من الناحية المالية واللوجستية”، مشيرة إلى أن بعض الأعضاء اتخذوا قرار الإلغاء بشكل فردي، لتفادي خسائر مالية ناجمة عن حجوزات الطيران والفنادق غير القابلة للاسترداد.

مأزق سياسي بلا أفق للحل

ورغم سيطرة الجمهوريين على الكونجرس والبيت الأبيض، إلا أن تمرير أي حزمة إنفاق جديدة يتطلب موافقة سبعة أعضاء ديمقراطيين على الأقل في مجلس الشيوخ، وفق قواعد التصويت الحالية.

ويطالب زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس، تشاك شومر، بأن يتضمن مشروع التمويل الجديد تمديد دعم أقساط قانون الرعاية الصحية الميسرة، وعدداً من البنود الاجتماعية التي يرفضها الجمهوريون، بينما يسعى قادة الحزب الحاكم إلى تمرير تمويل مؤقت يمتد لسبعة أسابيع فقط، مع تخصيص اعتمادات إضافية لأمن المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وفي ظل هذا الانقسام، يواصل الرئيس ترامب التمسك بموقفه الرافض لأي تسوية مع الديمقراطيين، حيث ألغى اجتماعاً كان مقرراً معهم الأسبوع الماضي، وصرّح قائلاً إن “مطالبهم غير معقولة على الإطلاق”، ما فُسّر على أنه تشديد للمواجهة السياسية التي قد تُدخل البلاد في إغلاق هو الأشد منذ أعوام.

سيناريوهات الإغلاق وتأثيراته المحتملة

وفي حال فشل الكونجرس في التوصل إلى اتفاق قبل الموعد المحدد، فستتوقف عشرات الوكالات الحكومية عن العمل، مع تعليق رواتب مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، وتعطّل العديد من الخدمات العامة، بما في ذلك بعض الأنشطة التعليمية والتدريبية والرقابية.

ويحذر خبراء اقتصاديون من أن الإغلاق الحكومي هذه المرة قد تكون له انعكاسات اقتصادية أوسع من الإغلاقات السابقة، خاصة في ظل التوترات السياسية الحادة، والاتجاه نحو خفض دائم للوظائف الحكومية، ما قد ينعكس سلباً على الثقة في الأسواق الأمريكية والعالمية.

ومع اقتراب المهلة النهائية، لا يبدو في الأفق أي اتفاق يلوح بين الحزبين الكبيرين، ليبقى الإغلاق الحكومي الوشيك أحد أخطر التحديات السياسية التي تواجه إدارة ترامب منذ عودتها إلى البيت الأبيض.