صراع قضائي وسياسي يهدد توازن الفيدرالي قبل اجتماع الفائدة


الجريدة العقارية الاحد 14 سبتمبر 2025 | 02:56 مساءً
البنك الفيدرالي الأمريكي
البنك الفيدرالي الأمريكي
محمد عاطف

يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع اجتماعه الأخير للسياسة النقدية، في وقتٍ استثنائي يشهد تدخلاً سياسياً مباشراً يهدد استقلاليته التاريخية، إلى جانب تحرّكات قضائية مثيرة للجدل بشأن عضويته، وتغييرات محتملة في تشكيلته قد تُحدث تحوّلاً جذرياً في صورته ومكانته العالمية.

ترامب يسعى لعزل ليزا كوك وتعيين ميران

يواجه الفيدرالي تحدياً غير مسبوق يتمثل في محاولة الرئيس دونالد ترامب عزل ليزا كوك، عضو مجلس محافظي البنك المركزي، بزعم تقديمها معلومات مضللة في طلب رهن عقاري. بالتوازي، يضغط ترامب من أجل تثبيت مرشحه ستيفن ميران لملء المقعد الشاغر في المجلس، بعد استقالة مفاجئة لأدريانا كوجلر.

ويُعد هذا التدخل بمثابة اختبار مباشر لاستقلالية البنك المركزي، ما أثار قلق الأسواق والمراقبين، خصوصاً مع ترجيح تأثير هذه التغييرات على اتجاهات السياسة النقدية مستقبلاً.

تغييرات محتملة في تركيبة الفدرالي قبل الاجتماع

من غير الواضح حالياً من سيكون حاضراً ومخوّلاً بالتصويت خلال اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفدرالية المقرر يومي 16 و17 سبتمبر. فبمجرد صدور قرار محكمة الاستئناف الفدرالية المتوقع يوم الأحد، قد تفقد كوك مقعدها مؤقتاً، بينما قد يؤدي ميران اليمين الدستورية صباح الإثنين إذا تمت المصادقة عليه من مجلس الشيوخ دون تأخير.

وفي حال تحقق ذلك، ستكون هذه أول مرة يتم فيها إعادة تشكيل مجلس الفيدرالي بهذه الطريقة عشية اجتماع حاسم، مما يُحدث سابقة في تاريخ البنك المركزي الأمريكي.

هل يفقد الفدرالي صورته "المستقلة"؟

يرى محللون أن ما يحدث يمثل تحولاً خطيراً في نظرة الأسواق إلى الفدرالي. ويقول ديريك تانغ، من شركة LH Meyer:

"قد يبدأ الناس في النظر إلى أعضاء مجلس الفدرالي باعتبارهم ممثلين للجهة التي عيّنتهم، لا كخبراء يصدرون أحكاماً محايدة تستند إلى البيانات".

هذا التصوّر، إن ترسّخ، يمكن أن يقوّض مصداقية الفدرالي داخلياً وخارجياً، ويثير تساؤلات حول تأثير السياسة على قراراته المستقبلية.

التوقعات تشير إلى أول خفض منذ ديسمبر

رغم الاضطرابات السياسية والقضائية، يُتوقع أن يقوم الفدرالي خلال اجتماعه بخفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية، من مستواه الحالي البالغ بين 4.25% و4.50%، في أول تحرّك من نوعه منذ ديسمبر 2024.

التضخم المرتفع وسوق العمل الضعيفة

يتزامن الاجتماع مع ارتفاع ملحوظ في معدل التضخم الأساسي الذي بلغ 3.1% في سبتمبر، متجاوزاً هدف الفدرالي البالغ 2% بفارق 110 نقاط أساس، ما يعقّد مهمة واضعي السياسات النقدية.

في المقابل، تُظهر بيانات سوق العمل تراجعاً كبيراً، حيث انخفض مؤشر توفر الوظائف إلى 34.1% في يوليو — وهو أدنى مستوى منذ عام 2021، مما يشير إلى تباطؤ اقتصادي واضح.

السيناريوهات المحتملة خلال الاجتماع

إذا تم إقرار تعيين ميران في الوقت المناسب، وعزل كوك مؤقتاً، فقد يتغيّر توازن التصويت داخل مجلس الفدرالي بطريقة تعكس توجّهات ترامب.

أما إذا أبقت المحكمة على كوك وتأخر تصديق ميران، فقد ينعقد الاجتماع بتشكيلته الحالية دون تغييرات تُذكر، مما يُبقي على الوضع القائم.

وفي كلا الحالتين، فإن الضغوط السياسية والقضائية قد تترك أثراً طويل الأمد في استقلالية الفدرالي، وربما تُعيد تعريف العلاقة بين السياسة النقدية والسلطة التنفيذية في الولايات المتحدة.