شهدت نيبال تصاعدًا خطيرًا في حدة الاحتجاجات الشعبية خلال الأيام الماضية، حيث اندفع المتظاهرون إلى مهاجمة منازل وزراء وإحراقها، في وقت دفعت فيه الخلافات حول قضايا الفساد آلاف الشباب إلى الشوارع، لتصل البلاد إلى مشهد غير مسبوق من الفوضى والانفلات.
وكانت الحكومة قد أقدمت في الأسبوع الماضي على حجب الوصول إلى عدد من منصات التواصل الاجتماعي، مبررة ذلك بسوء استخدامها من خلال نشر الأخبار الكاذبة، وخطاب الكراهية، وعمليات الاحتيال عبر الحسابات المزيفة، لكن هذه الخطوة لم تمنع تفجر الأوضاع وتصاعد الغضب الشعبي.
وتعرضت وزيرة الخارجية أرزو رانا ديوبا وزوجها شير بهادور ديوبا، رئيس الوزراء الأسبق وأحد أبرز الساسة في نيبال، لاعتداء مباشر من جانب المتظاهرين الذين اقتحموا منزلهما في العاصمة كاتماندو.
وأسفر الاعتداء عن إصابة ديوبا البالغ من العمر 78 عاماً بجروح بالغة في الوجه ونزيف حاد من الأنف، وسط حالة من الصدمة السياسية والأمنية.
وأعقب الاحتجاجات التي اتسع نطاقها، قمع شديد من قوات الأمن، حيث أدى إطلاق النار على الحشود يوم الاثنين إلى مقتل 19 شخصًا وإصابة نحو 500 آخرين، وهو ما سرعان ما دفع رئيس الوزراء الشيوعي كيه بي شارما أولي إلى إعلان استقالته في اليوم التالي، في محاولة لاحتواء الأزمة.
ورغم أن الحكومة رفعت الحجب عن مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس الثلاثاء، فإن موجة الغضب لم تهدأ، إذ استمرت الاحتجاجات بوتيرة أعنف، وشهدت العاصمة اقتحام مبانٍ حكومية واعتداءات مباشرة على وزراء في الشوارع، بالإضافة إلى إضرام النار في منزل رئيس الوزراء.
كما أضرمت النيران في منزل راجالاكسمي شيتراكار، زوجة رئيس الوزراء الأسبق جالا ناث خانال الذي تولى قيادة البلاد عام 2011، ما كشف حجم الفوضى التي وصلت إليها المظاهرات.
وما زاد المشهد تعقيدًا، أن هذه الاحتجاجات كانت الأولى من نوعها التي تصل إلى حد اقتحام البرلمان، حيث تحولت أجزاء كبيرة من وادي كاتماندو إلى سحابة كثيفة من الدخان نتيجة أعمال العنف والحرائق، وتمكنت قوات الأمن في البداية من التصدي للمحتجين، لكنها سرعان ما فقدت السيطرة عليهم تحت ضغط الأعداد الهائلة.
وفي تطور لافت، اقتحم المتظاهرون سجن ناكخو في العاصمة كاتماندو، وأطلقوا سراح أكثر من 1500 سجين، من بينهم نائب رئيس الوزراء الأسبق رابي لاميشاني.
وانتشرت مشاهد الفوضى من داخل السجن، حيث ظهر السجناء وهم يهرعون إلى الخارج حاملين أمتعتهم الشخصية، وسط انهيار كامل للسيطرة الأمنية على المكان.



