قالت شبكة "بلومبرج إنتليجنس" في مذكرة بحثية حديثة، إنه من المتوقع أن يظل الجنيه المصري قويا رغم تخفيض الفائدة الذي فاق توقعات السوق، مرجحا ألا يضعف قيمة العملة بفضل ارتفاع العائد الحقيقي وتدفقات المحافظ الاستثمارية القوية واستقرار الإيرادات الجارية من التحويلات المالية والسياحة.
وأوضح سيرجي فولوبويف، المتخصص في متابعة أسواق العملات والفائدة للأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، أن استمرار التيسير النقدي أمر محتمل إذا ظلت ضغوط التضخم الناتجة عن إصلاح الدعم تحت السيطرة.
تأثير خفض الفائدة على قوة الجنيه
يعكس تخفيض الفائدة في يوم 28 أغسطس بمقدار 200 نقطة أساس -أي ضعف توقعات السوق- قوة الجنيه وتراجع التضخم في مصر بشكل حاد، إذ انخفض إلى 13.9% في يوليو من 16.8% في مايو، وأشار البنك المركزي المصري إلى أن ضغوط الطلب لا تزال محدودة، مع تراجع توقعات التضخم.
العائد الحقيقي المرتفع يدعم الطلب على الأصول المحلية
حتى بعد هذا التخفيض الكبير، تظل معدلات العائد الحقيقية في مصر من بين الأعلى في الأسواق الناشئة، مما يضمن استمرار الطلب على الأصول بالعملة المحلية، ورغم التوقع بحدوث مزيد من التعديلات السعرية المرتبطة بالدعم، فإن العائد الحقيقي المرتفع يتيح مجالًا لإجراء خفض إضافي للفائدة دون الإضرار بالسياسة النقدية الصارمة.
من ناحية أخرى، أدى التزام الحكومة مع صندوق النقد الدولي بإلغاء دعم الوقود للأفراد بحلول نهاية 2025، إلى زيادة أسعار البنزين بنسبة 15% في أبريل، وقد يشهد الأسابيع القادمة زيادة مماثلة.
تعافي الحسابات الخارجية رغم انخفاض إيرادات قناة السويس
تعززت الحسابات الخارجية لمصر رغم الانخفاض الحاد في إيرادات قناة السويس بنحو 0.5 مليار دولار شهريا منذ أواخر 2023، حيث تقلص عجز الحساب الجاري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2025 مقابل 6.5% في الربع الثالث من 2024.
تحويلات المصريين العاملين في الخارج
ارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى 10.1% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2025 مقابل 4.9% قبل عام، لتكون أكبر مُساهمة إيجابية، فيما أضافت الإيرادات السياحية 1.2 نقطة مئوية إضافية.
فائض الحساب المالي والرأسمالي
لا يزال فائض الحساب المالي والرأسمالي في مصر كبيرا، حيث تعوض التدفقات الرسمية وتدفقات المحافظ الاستثمارية انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر، ما أتاح للبنك المركزي إعادة بناء الاحتياطيات بمقدار 14 مليار دولار منذ نهاية 2023، ويجعل الاحتياطي الموازين الخارجية لمصر أقل عرضة لتقلبات تدفقات المحافظ الاستثمارية، مما يقلل من مخاطر أن تؤثر تخفيضات الفائدة السريعة على الجنيه.
وارتفع الجنيه المصري بنسبة 2.2% مقابل الدولار منذ نهاية يونيو، ليصبح أفضل عملة أداء في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هذا الربع ومن بين الأقوى عالميا.