صحة ترامب بين الكدمات والعرج.. ماذا يخفي الرئيس الأمريكي في ملفه الطبي؟

في كل حملة انتخابية رئاسية أمريكية يظل سؤال صحة المرشح حاضرًا، لكنه يتحول إلى محور جدل واسع حين يتعلق بشخصية مثيرة للانقسام مثل دونالد ترامب، فبينما يحرص خصومه على التشكيك في لياقته الطبية وقدرته على إدارة البلاد لأربع سنوات جديدة، يسعى هو وفريقه إلى رسم صورة ذهنية لمرشح قوي، ومتماسك، ومحصن ضد أي ضعف.

غير أن خلف هذا الصراع السياسي والإعلامي، تقبع مساحة مظلمة من الغموض والتكتم وبيانات طبية غير مكتملة، وتصريحات متناقضة، وتفسيرات غامضة لحوادث بدت عابرة لكنها فتحت الباب أمام تساؤلات لا تنتهي: ماذا يخفي ترامب عن حالته الصحية؟ ولماذا يحرص دومًا على التحكم في السردية الطبية الخاصة به، حتى لو أثار ذلك شكوكًا أكبر؟

ماذا يخفي الرئيس الأمريكي في ملفه الطبي؟

أكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، أن الرئيس دونالد ترامب يتمتع بصحة جيدة وطاقته لا تصدق، مشددًا على جاهزيته لتولي منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة في حال وقوع مأساة مروعة، مؤكدًا: «الرئيس يتمتع بصحة جيدة بشكل لا يصدق، وسوف يكمل ما تبقى من ولايته ويقوم بأشياء عظيمة للشعب الأمريكي».

صحة ترامب

وأضاف فانس خلال مقابلة مع صحيفة USA Today نشرت يوم أمس الخميس: «إذا حدثت مأساة رهيبة، فلا أستطيع التفكير في تدريب أفضل أثناء العمل مما حصلت عليه خلال المائتي يوم الماضية»، موضحًا أن منصبه خلال الأشهر السبعة الماضية زوده بتدريب مذهل أثناء العمل، معبّرًا عن ثقته في قدرته على التدخل إذا اقتضت الظروف.

وأشار فانس إلى نشاط ترامب قائلاً: «آخر شخص يجري مكالمات هاتفية في الليل، وهو أول شخص يستيقظ وأول شخص يجري مكالمات هاتفية في الصباح»، مؤكداً أنه آخر من ينام وأول من يبدأ العمل.

وتأتي هذه التصريحات وسط تجدد الجدل حول صحة ترامب، بعد انتشار صور وفيديوهات جديدة هذا الأسبوع أظهرت مشكلة في طريقة سيره وكدمات كبيرة على يده اليمنى، ما أثار تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي حول وضعه الصحي وشفافية البيت الأبيض في هذا الملف.

قدم ترامب اليمنى

أثار مقطع فيديو موجة واسعة من الجدل والتكهنات حول صحة ترامب بعدما بدا واضحًا وهو يواجه صعوبة في النزول من عربة الجولف، قبل أن يجر قدمه اليمنى على الأرض بطريقة لفتت الأنظار. 

وأعيد تداول مقطع الفيديو الذي نشرته الشركة المسؤولة عن صيانة ملاعب نادي «مار ألاجو» في بالم بيتش بولاية فلوريدا، بكثافة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ليعيد إلى الواجهة تساؤلات لم تهدأ منذ أشهر حول ما إذا كان ترامب يعاني بالفعل من مشاكل عضلية أو عصبية قد تؤثر على حركته.

صحة ترامب

ودفع المقطع الذي وثّق ترامب وهو يجر ساقه بشكل غير معتاد عددًا من الخبراء في الطب الرياضي وإعادة التأهيل إلى تحليل المشهد وربطه باحتمالات تتراوح بين إصابات عضلية ومفصلية عادية، أو مؤشرات أولية على حالة أكثر خطورة.

وذهب المتخصص البريطاني في إصابات الحركة آرون جراي إلى تفسير وضعية الرئيس باعتبارها قد تعكس حالة طبية تُعرف باسم «التقوس الداخلي للركبة» أو «knock knee»، حيث تلتصق الركبتان ببعضهما عند الوقوف فيما تبقى القدمان متباعدتين، موضحًا أن هذه الحالة شائعة بين الأشخاص طوال القامة، خصوصًا من يعانون ضعفًا في عضلات الورك أو العضلات الداعمة للظهر.

وأشار جراي إلى أن هذه الحالة ليست مرضًا خطيرًا في حد ذاتها، لكنها قد تؤدي مع مرور الوقت إلى زيادة الضغط على المفصل الداخلي للركبة، ما يسبب تآكل الغضاريف أو التهابات مزمنة، مضيفًا أن الفيديو أظهر أيضًا تذبذبًا جانبيًا طفيفًا أثناء المشي، وهو ما يرتبط عادة بخلل في عمل عضلات الورك والعضلات الألوية.

ورأى أن نمط حياة ترامب بما يشمله من سفر متكرر، وجلوس طويل خلال الاجتماعات، والاعتماد الدائم على عربة الجولف، كلها عوامل يمكن أن تسهم في إضعاف العضلات الأساسية التي تدعم استقامة الركبتين.

وخلص إلى أن تمارين المرونة وتقوية العضلات الألوية قد تساعد على تحسين الحركة والتقليل من الأعراض.

من جهته، سارع المتحدث باسم البيت الأبيض ستيفن تشونج إلى نفي كل ما يُثار حول تدهور صحة الرئيس، مؤكدًا أن ما يتداول مجرد شائعات لا تستند إلى حقائق، وأن ترامب يتمتع بصحة جيدة ويواصل أنشطته ومهامه بشكل طبيعي.

غير أن هذه التطمينات الرسمية لم توقف الجدل الدائر في الأوساط الإعلامية والسياسية، ولا الأسئلة المتزايدة حول ما إذا كانت الحالة الصحية لترامب تمثل سراً يخفيه محيطه المقرب مع اقتراب الاستحقاقات السياسية المقبلة.

صحة ترامب بين الكدمات والغموض

في أزمة صحبة أخرى، كان البيت الأبيض قد أوضح، الشهر الماضي، أن هذه الكدمات نتيجة تلف طفيف في الأنسجة الرخوة جراء المصافحة المتكررة، مشيرًا إلى أن استخدام الرئيس للأسبرين يزيد من احتمالية ظهور الكدمات.

صحة ترامب

وكان طبيب الرئيس، شون باربابيلا، قد أصدر في، يوليو الماضي، مذكرة طبية أكد فيها أن ترامب خضع لفحص شامل كشف عن إصابته بقصور وريدي مزمن، وهي حالة شائعة وحميدة بين من تجاوزوا السبعين عامًا، لكن لا يوجد أي دليل على تجلط دموي أو قصور في القلب أو أمراض جهازية أخرى.

وسبق أن اعترف البيت الأبيض، في يونيو الماضي، بأن ترامب يعاني من هذه الحالة بعد أن ظهرت عليه علامات تورم في الساقين وكدمات في اليدين، نافيًا أن تكون هذه الأعراض مرتبطة بمشكلات صحية خطيرة.

صحة ترامب صاحب الـ 79 عامًا

يبلغ ترامب من العمر 79 عامًا، وهو أكبر رئيس أمريكي يؤدي اليمين الدستورية عند توليه منصبه، وقد سلطت الأضواء على صحته منذ إصابته بطلق ناري في يوليو 2024 أثناء تجمع انتخابي، في إطار محاولة اغتيال فاشلة، وكذلك بعد ظهوره بكدمات متكررة على يديه خلال العام الجاري.

وتعود أولى ملاحظات هذه الكدمات إلى ربيع عام 2024، قبل أن تثير الجدل علنًا في فبراير 2025 خلال استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في البيت الأبيض، حيث بدا وكأنه استخدم مكياجًا لإخفائها، ومنذ ذلك الوقت، رُصدت الكدمات مرارًا في مناسبات عدة خلال ربيع وصيف 2025.

وكان ترامب نفسه قد برر هذه الكدمات سابقًا بأنها ناجمة عن مصافحات قوية ومتكررة مع مؤيديه، مؤكدًا في مقابلة مع مجلة «تايم» عام 2024 أنها نتيجة طبيعية للقاء آلاف الأشخاص يوميًا، بينما دافعت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، مرارًا عن الأمر، قائلة: «الرئيس ترامب رجل من الشعب، يصافح يوميًا عددًا أكبر من الأمريكيين أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ».

ورغم هذه التوضيحات، لا تزال صحة الرئيس محط اهتمام واسع، خاصة في ظل المخاوف المرتبطة بعمره، حيث بلغ 79 عاماً في 14 يونيو الماضي، وتزداد التساؤلات بعد أن أُجبر منافسه السابق جو بايدن، لأسباب صحية مرتبطة بالتقدم في السن، على الانسحاب من سباق الرئاسة لعام 2024.