في تطور جديد يعكس تعقيدات ملف الهجرة في بريطانيا، أصدرت المحكمة العليا هذا الأسبوع حكمًا تاريخيًا يمنع استمرار استخدام فندق بيل في منطقة إيبينغ، شمال شرق لندن، لإيواء طالبي اللجوء. القرار، الذي جاء بعد شكوى المجلس المحلي من عدم استخدام الفندق للغرض المخصص له، يُجبر الحكومة على إخلاء 138 لاجئًا يقيمون في الفندق بحلول 12 سبتمبر المقبل.
حكم قضائي يضع حكومة بريطانيا في مأزق
منذ عام 2020، خصصت الحكومة البريطانية عشرات الفنادق لإيواء طالبي اللجوء الذين يصلون عبر القوارب إلى السواحل الجنوبية. لكن هذه السياسة لم تُرضِ أي طرف:
الحكومة والمجالس المحلية تتحمل أعباء مالية ضخمة جراء العقود الموقعة مع أصحاب الفنادق.
اللاجئون يعيشون لسنوات في غرف ضيقة بانتظار البت في طلباتهم، محرومين من حق العمل.
السكان المحليون يبدون قلقًا من التغيرات الاجتماعية والأمنية المصاحبة لاستضافة مجموعات كبيرة من المهاجرين.
حكم المحكمة حوّل الفندق ذو الثلاثة نجوم إلى محور جدل سياسي، خاصة أن مصير آلاف اللاجئين أصبح معلقًا. وبحسب الأرقام الرسمية، تستخدم بريطانيا نحو 210 فنادق لإيواء ما يقرب من 32 ألف طالب لجوء. وإذا اتخذت مجالس محلية أخرى إجراءات قضائية مماثلة، فستجد الحكومة نفسها أمام تحدٍ هائل لإيجاد بدائل سريعة.
القرار شكّل أيضًا فرصة لليمين المتشدد، حيث اعتبر نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح البريطاني، الحكم «انتصارًا عظيمًا»، داعيًا إلى تعميم التجربة على فنادق أخرى عبر الضغط الشعبي والقانوني.
تصاعد الاحتقان الشعبي
الأزمة لا تقتصر على الجوانب القانونية والإدارية، بل تشمل أيضًا توترًا اجتماعيًا متناميًا. فبعد حادثة عنف ارتبطت بمهاجر إثيوبي، يقول طالب اللجوء الصومالي محمد خضور إن النظرة تجاه اللاجئين تغيرت: «المهاجرون يُعاملون كمذنبين حتى تثبت براءتهم».
وفي اليوم التالي لصدور الحكم، عبّر سكان محليون عن فرحتهم بالقرار عبر إطلاق أبواق سياراتهم والهتاف أمام الفندق مطالبين بترحيل اللاجئين.
تفاقم الوضع مع انتشار المعلومات المضللة، التي ساهمت الصيف الماضي في إذكاء أعمال شغب ضد المهاجرين، من بينها حادث حريق في فندق كان يؤوي لاجئين، على خلفية شائعة غير صحيحة حول منفذ هجوم في مدينة ساوثبورت.
منذ صيف 2024، ومع تولي حزب العمال السلطة، وصل أكثر من 38 ألف شخص على متن قوارب صغيرة، رغم أن الأعداد انخفضت عن ذروة عام 2022. غير أن هذا التدفق المستمر، مع الأزمة الاقتصادية، أتاح أرضية خصبة لصعود النزعة القومية وخطاب اليمين المتشدد.
وزارة الداخلية البريطانية حذرت من أن الحكم سيؤثر «بشكل كبير» على قدرة الحكومة في التعامل مع ملف الإيواء، مؤكدة أنها تدرس «مجموعة من أماكن الإقامة البديلة». لكن مع اقتراب موعد الإخلاء في سبتمبر، يظل مصير مئات اللاجئين، مثل خضور، غامضًا، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الشعبية والسياسية لإعادة النظر جذريًا في سياسة إيواء المهاجرين.