أكد محمد المريري، الخبير في الأسواق المالية، أن احتمالات خفض أسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اجتماع سبتمبر المقبل باتت مرتفعة للغاية، حيث وصلت التوقعات إلى 90%، وذلك على خلفية بيانات التضخم الأخيرة التي أظهرت تباطؤًا نسبيًا، إضافة إلى مؤشرات على استقرار سوق العمل الأمريكي.
وقال المريري في مداخلة مع قناة العربية بيزنيس، إن بيانات مؤشر الأسعار للمستهلك (CPI) الأخيرة، وخاصة تلك التي تستثني الغذاء والطاقة، أظهرت ارتفاعًا سنويًا وصل إلى 3.1%، وهو الأعلى منذ فبراير، لكنه يبقى في نطاق مقبول نسبيًا. وأضاف أن هذه الأرقام، إلى جانب تباطؤ سوق العمل، تعزز من قناعة الأسواق بأن خفض الفائدة بات قريبًا، في محاولة من الفيدرالي لتجنب الوقوع في حالة "الركود التضخمي" (Stagflation) التي تجمع بين تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن البيانات القادمة لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (PCE) ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد عدد مرات خفض الفائدة الممكنة قبل نهاية العام، مشددًا على أن الأسواق "شبه متأكدة" من أن أول خفض سيأتي في سبتمبر، لكن لا يزال عدد التخفيضات محل نقاش.
معضلة بين التضخم وسوق العمل
وفي سياق تحليله لتوجهات السياسة النقدية، اعتبر المريري أن الفيدرالي سيُعطي أولوية لاستقرار سوق العمل، حتى مع بقاء التضخم نسبيًا عند مستويات مرتفعة، خاصة مع ظهور تأثير الرسوم الجمركية الأخيرة على السلع المستوردة في أرقام التضخم.
وحول احتمالية أن يخلف ستيفن ميران، المعروف بميله للسياسات التيسيرية (Dovish)، جيروم باول في رئاسة الفيدرالي، أوضح المريري أن "حتى إن كانت لهجة ميران متساهلة، إلا أن السياسات الفعلية ستكون محسوبة ومترية"، مضيفًا أن الوضع الحالي يتطلب توازنًا دقيقًا بين دعم الاقتصاد وكبح التضخم، خاصة في ظل تقلبات المشهد التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
الذهب تحت الضغط رغم تراجع الدولار
وعن أداء أسعار الذهب، أوضح المريري أن التراجعات الأخيرة من مستويات 3400 دولار للأونصة جاءت ضمن "حركة تصحيحية مبررة" بعد صعود قوي خلال الأسابيع الماضية. وأكد أن الذهب كان قد استبق الأسواق بتسعير خفض الفائدة مسبقًا، وهو ما جعل أثر ضعف الدولار محدودًا على الأسعار في الفترة الأخيرة.
كما أشار إلى أن عوامل سياسية وتجارية، مثل الضرائب المفروضة على سويسرا، وتمديد وقف الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين، ساهمت في تهدئة السوق مؤقتًا، لكنه أكد أن الاتجاه الصاعد للذهب ما زال قائمًا على المدى المتوسط، مرجحًا العودة لمستويات 3300 و3400 دولار للأونصة خلال الربع الأخير من 2025.