قامت وزارة الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مؤخرا بطرح 24 ألف قطعة أرض للأفراد بمحاور الإسكان الاجتماعى والمتميز والأكثر تميزًا وتقدم لحجز تلك القطع نحو 201 ألف فرد سددوا 12 مليار جنيه مقدمات حجز وبسبب الإقبال الكبير قررت الهيئة طرح مرحلة تكميلية تضم حوالى 43 ألف قطعة أرض بمبيعات متوقعة 30 مليار جنيه موزعة على 24.3 ألف قطعة إسكان اجتماعى و16.2 ألف قطعة مميزة و2431 قطعة أكثر تميزًا، وتخصص الأراضى للخاسرين فى القرعة التى ستنتهى يناير المقبل.
ولكن عادت مدينة القاهرة الجديدة من جديد لتستحوذ على اهتمام المتعاملين بالقطاع العقارى فبعد انتهاء القرعة التى أجريت مؤخرا، عرض السماسرة على الفائزين بها شراء القطع التى حصلوا عليها بهامش ربح يبدأ من مليون و 250 ألف جنيه وحتى 1.5 مليون جنيه.
وكانت «الإسكان» فى السابق تطرح قطع الأراضى المميزة، وخاصة فى مدينة القاهرة الجديدة بالمزاد العلنى، وبسبب المضاربات حولتها إلى قرعة علنية، ولكن الإقبال الكبير من السماسرة دفع الوزارة لتغيير الآلية إلى الطرح بالمزايدة على أعلى نسبة سداد من قيمة الأرض فلجأ المضاربون للدفع «كاش».
و قالت مصادر بوزارة الإسكان لـ «العقارية» إن «القاهرة الجديدة» تضم 2051 قطعة من إجمالى 3930 قطعة أكثر تميزًا تم طرحها بمبيعات متوقعة 11 مليار جنيه تنافس عليها 8558 فرداً، مضيفة أن مساحات القطع المطروحة بالمدينة تبدأ من 375 متراً وحتى 1107 أمتار مربعة وتجاوز سعر المتر 5 آلاف جنيه.
وأوضحت المصادر أن «الإسكان» لجأت إلى أكثر من حل للسيطرة على تجارة الأراضى، وهو ما نجحت فيه من خلال تكثيف خطة الطرح السنوية، ولكن «القاهرة الجديدة» تعد بمثابة «قبلة للسماسرة» الذين يتفننون فى حيلهم للحصول على القطع المعلن عنها، مشيرة إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية استبعدت المدينة من طروحات الأراضى المميزة واستحدثت فئة القطع الأكثر تميزا والتى يتم بيعها بالمزايدة على أعلى نسبة سداد.
وقالت المصادر إن الطرح السابق فى عام 2016 للأراضى الأكثر تميزًا شهد تنافس 18.4 ألف فرد على 2758 قطعة فى 7 مدن سددوا 6.4 مليار جنيه مقدمات حجز منهم 16.7 ألف فرد تقدموا للمنافسة على 1823 قطعة فى القاهرة الجديدة، وسددوا 5.8 مليار جنيه من إجمالى المقدمات وعرض 14.5 ألف فرد سداد قيمة الأرض «كاش»، مضيفة أن السماسرة يتقدمون للقرعة بأكثر من اسم لزيادة فرصهم فى الحصول على الأراضى أو ينتظرون انتهاء القرعة لشراء القطع من الفائزين.
واعترفت المصادر بسيطرة السماسرة على جزء من مبيعات الأراضى، حيث يرتفع فى المدن المميزة، وخاصة القاهرة الجديدة والشيخ زايد، لكنه يقل فى مدن أخرى تشهد إقبالًا حقيقيًا على «السكن»، موضحة أن القرعة التكميلية تضم 2431 قطعة أكثر تميزًا منها 1637 قطعة فى مدينة القاهرة الجديدة ومن المتوقع أن يتنافس عليها حوالى 3 آلاف فرد.
من جانبه قال محمد لطفى.. رئيس مكتب المستقبل للتسويق العقارى بالقاهرة الجديدة، إن طرح الأراضى بهذه الآلية يؤدى لزيادة الأسعار فى القطاع العقارى، خاصة أن القطع ستسلم للفائزين بعد فترة قد تصل إلى عام كامل، فى حين يتم التعامل عليها بعد الترسية بقيمة تصل إلى 1.5 مليون جنيه للقطعة، مضيفا أن عددًا كبيرًا من المتقدمين بعروض لسداد قيمة الأرض «كاش» من السماسرة والشركات العقارية التى تطور عمارات منفصلة لقدرتهم على سداد قيمة تتراوح من 2 مليون إلى 6 ملايين جنيه خلال شهرين من الفوز بالأرض.
وأوضح أن القرعة التكميلية فى «القاهرة الجديدة» ستشهد عمليات سمسرة كبيرة بسبب وجود عروض لسداد ٪100 من قيمة الأرض بنسبة تتجاوز عدد القطع المعلن عنها فى المدينة، مشيرا إلى أن التعامل العشوائى على أراضى مدن القاهرة الجديدة والشيخ زايد و6 أكتوبر يؤدى لزيادة كبيرة فى أسعار الوحدات تتجاوز مدنًا أخرى قريبة من القاهرة مثل الشروق والتى تقل فيها عمليات السمسرة رغم قربها من العاصمة، ونوه إلى أن الحل الجزئى يكمن فى طرح الأراضى بعد الانتهاء من ترفيقها وسرعة إنهاء التراخيص ومنع التعامل عليها إلا من خلال المالك الأصلى لتقليل تواجد السماسرة.
وقال مصدر بإحدى شركات التسويق العقارى تولى عملية إعادة بيع لقطعة أرض فى «القاهرة الجديدة» إن القطعة تقع فى منطقة محور «محمد بن زايد» وحصل البائع على 1.5 مليون جنيه «أوفر» مقابل التنازل عن الأرض بجانب استرداد مقدم الحجز، مضيفا أن البائع لم يدفع سوى 1000 جنيه قيمة كراسة الشروط ومقدم حجز بلغ 350 ألف جنيه مع عرض لسداد سعر الأرض للهيئة «كاش» فيما سمحت «المجتمعات العمرانية» ببدء عروض السداد من ٪50 من القيمة الإجمالية للقطعة.
وأشار المصدر إلى أن عروض شراء الأراضى من الفائزين بها مستمرة منذ ترسية القرعة العلنية، ويبدأ «الأوفر» من 1.250 مليون جنيه وحتى 1.5 مليون جنيه، وفقًا لموقع الأرض، وتتوزع الأراضى الأكثر تميزًا فى «القاهرة الجديدة» على 360 قطعة بمنطقة جنوب السويس المطلة على شارع التسعين و791 قطعة بمنطقة الألف فدان جنوب مشروع «بالم هيلز» و425 قطعة فى الحى السادس بمحور محمد بن زايد و475 قطعة فى الحى الثامن بالمحور نفسه، موضحا أن أسعار القطع التى تمت ترسيتها تتراوح من 2 مليون جنيه للقطعة إلى 6 ملايين جنيه والإقبال على الشراء مرتفع رغم عدم وضع جدول زمنى للتسليم.
وفى السياق ذاته قال أيمن سامى.. رئيس مكتب «جيه إل إل» للأبحاث والاستشارات العقارية، إن زيادة طروحات أراضى الأفراد تغطى جزءاً من الطلب فى القطاع العقارى، وخاصة لشرائح الدخل غير القادرة على شراء وحدات داخل «الكومباوند»، مضيفا أن الاستفادة الأساسية من الطرح هى توفير مسكن للاستعمال الشخصى، ولكن إغراءات الربح المرتفعة وتدخل السماسرة والشركات المتوسطة لتطوير الأرض لا يمكن السيطرة عليهما نظريًا مادام استمر المعروض أقل من الطلب.
وأوضح أن عدد الوحدات المستهدف من طرح 24 ألف قطعة أو الطرح التكميلى الذى يضم 43 ألف قطعة يبقى أقل من احتياجات السوق كما أنه موزع على عدد كبير من المدن قد لا تشهد طلبًا مرتفعًا مقارنة بالمدن المحيطة بالقاهرة الكبرى، وأشار إلى أن إعادة التعامل على أراضى الأفراد فى الصعيد منخفضة فى حالة مقارنتها بالمدن الجديدة الأخرى، وذلك لوجود ثقافة اعتبار الأرض مخزن قيمة قد يتم توارثه وقطعة الأرض يمكن أن توفر مسكنًا لأسرة كاملة فى المستقبل.
وأضاف أن السيطرة على عمليات السمسرة فى المدن الكبرى مثل القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد تبدو صعبة، بسبب الطلب المرتفع وفى كل الأحوال لا يمكن طرح 20 ألف قطعة مميزة فى مدينة واحدة، وتابع أن سعر المتر المربع فى وحدات مدينة القاهرة الجديدة التى تقع خارج «الكومباوند» يبدأ من 6 آلاف جنيه وحتى 10 آلاف جنيه، مقارنة بـ20 ألف جنيه للمتر فى التجمعات السكنية بجانب مصاريف الصيانة والخدمات.
من ناحيته قال أحمد توفيق.. العضو المنتدب لشركة الحمد للتسويق العقارى بالقاهرة الجديدة إن سعر الوحدة السكنية فى العمارات المقامة على أراضى الأفراد أقل من سعر السوق بعد استبعاد أرباح المقاولين وشركات التطوير العقارى، ولكن تدخل السماسرة والوسطاء يرفع الأسعار، مضيفا أن طروحات «الإسكان» ستوفر معروضًا على مستوى المدن الجديدة، ولكن تبقى الأزمة الأساسية فى المدن التى تشهد إقبالًا مرتفعًا حيث يتجاوز الطلب حجم المعروض بشكل كبير.
وأوضح أن أراضى الأفراد لن تؤثر على خطة عمل شركات التطوير العقارى التى تنفذ تجمعات سكنية مغلقة، ولكنه يستهدف بالأساس الشركات المتوسطة التى تطور عمارات منفصلة لعدم قدرتها على شراء أراض بمساحات كبيرة، مشيرا إلى أن السماسرة وصغار المقاولين يتدخلون فى طروحات وزارة الإسكان للحصول على قطع بأسعار أقل من السائد فى القطاع ويطورون مشروعات على مدى زمنى يصل إلى 3 سنوات، وبالتالى يفقد الطرح هدفه الأساسى.
وأضاف أن سعر المتر المربع فى وحدات «القاهرة الجديدة» يرتفع باستمرار، لأنها تمثل الهدف الأساسى للأفراد والشركات على حد سواء، وتابع أن سعر المتر فى مناطق اللوتس والأندلس بالمدينة يتراوح من 7 آلاف جنيه إلى 10 آلاف جنيه ويرتفع ليبدأ من 12 ألفا وحتى 14 ألف جنيه فى الشويفات وأرض الجولف، منوها إلى أن الأسعار لن تنخفض خلال الفترة المقبلة، ولكنها لن تشهد زيادات كبيرة، كما حدث بعد «التعويم» والارتفاع سيكون مماثلًا لمعدلات التضخم فى القطاع.
من جهته قال أحمد سعيد.. رئيس شركة كيان للتسويق العقارى، إن وزارة الإسكان لم تستطع حتى الآن السيطرة على تحركات السماسرة فى القطاع، خاصة بـ«القاهرة الجديدة»، مضيفا أن قرعة الأراضى الأكثر تميزًا تشهد مشاركة كبيرة من السماسرة لقدرتهم على توفير أموال لسداد مقدمات الحجز ويزاحمون الراغبين فى «السكن»، موضحا أن زيادة المعروض من المفترض أن تؤدى لتقليل أسعار البيع، لكن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس بسبب الرغبة فى الاستثمار خاصة بشريحة الإسكان الفاخر وفوق المتوسط.
وأشار إلى أن هامش الربح الذى يعرضه السماسرة على الفائزين بأراضى القرعة بدأ من مليون جنيه خلال العام الماضى، وارتفع إلى 1.5 مليون جنيه فى الطرح الأخير وسيرتفع مجددًا مع اقتراب تسليم الأرض للمشترين، لافتا إلى أن قطعة الأرض فى النهاية يحصل عليها مقاول لينفذ عمارات أو يطورها بالشراكة مع مالك الأرض الأصلى مقابل تقاسم عدد الوحدات بعد الإنشاء.