الذهب يواصل التحليق مع تصاعد الإقبال من البنوك المركزية وسط أزمات عالمية


الجمعة 25 يوليو 2025 | 05:07 مساءً
الذهب
الذهب
محمد عاطف

في عالم تعصف به الصراعات الجيوسياسية والضغوط التجارية، يبحث المستثمرون وصنّاع القرار عن ملاذات آمنة تحفظ القيمة وتحمي من التقلبات، ليظل الذهب على رأس هذه الخيارات، متربعاً كملاذ تقليدي وقت الأزمات. غير أن الارتفاع المستمر في أسعاره، والذي بلغ مستويات قياسية جديدة، جعل من اقتنائه تحدياً، ليس فقط للأفراد بل حتى للبنوك المركزية.

حتى 25 يوليو 2025، ارتفع سعر أونصة الذهب بنحو 26% منذ بداية العام، ليبلغ 3344 دولاراً، مدفوعاً بزيادة الطلب، لا سيما من البنوك المركزية التي ضاعفت من جهودها لتقوية احتياطياتها من المعدن الأصفر، عبر التوجه إلى مصادر داخلية واستخدام مناجمها الوطنية للحصول عليه.

هذا التوجه لا يهدف فقط إلى دعم الصناعات المحلية، بل يُعد وسيلة استراتيجية لتعزيز الاحتياطي الذهبي بأقل تكلفة ممكنة، دون الضغط على مخزون النقد الأجنبي. ولعل هذا ما دفع دولاً مثل الفلبين والإكوادور إلى اعتماد هذه السياسة منذ سنوات، فيما بدأت بنوك مركزية أخرى تنتهج المسار ذاته أو تدرسه بجدية، وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي.

وفي استطلاع أجراه المجلس مؤخراً، أفاد 19 بنكاً مركزياً من أصل 36 مشاركاً أنهم يشترون الذهب مباشرة من المناجم المحلية الصغيرة وبالعملة المحلية، فيما يدرس أربعة بنوك أخرى اعتماد هذه السياسة.

لكن مع هذا التحول، يبرز تساؤل حول تأثير عمليات الشراء المحلية المباشرة على الأسعار العالمية. يجيب عن ذلك خالد الخطيب، محلل الأسواق في "إيزي ماركتس"، موضحاً أن لجوء البنوك إلى شراء الذهب محلياً يقلل من حجم المعروض في الأسواق العالمية، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع الأسعار.

وأضاف الخطيب أن هذا النمط قد يدفع بنوكاً مركزية أخرى إلى شراء المزيد من البورصات العالمية تحسباً لنقص المعروض، ما يعزز بدوره الطلب العالمي ويدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع.

وتوقع الخطيب أن يحافظ سعر الذهب على مستواه فوق 3300 دولار للأوقية خلال النصف الثاني من 2025، مشيراً إلى صفقات متوقعة بين الولايات المتحدة وعدد من الدول والتي قد تؤثر في الأسواق.

أما التوقعات لبقية عام 2025 فقد تباينت بين المؤسسات المالية الكبرى، إذ توقّع بنك "يو بي إس" و"ساكسو بنك" وصول سعر الأوقية إلى 3500 دولار، بينما رجّح "جولدمان ساكس" ارتفاعه إلى 3700 دولار، واقترب منه "جي بي مورجان" بتوقع 3675 دولاراً. وعلى الجانب الآخر، أبدى "سيتي بنك" ومجلس الذهب العالمي رؤية أكثر تحفظاً، متوقعين تراجع السعر إلى 3000 دولار.

وعن آفاق 2026، يرى الخطيب أن مسار الذهب سيواصل صعوده، متوقعاً بلوغ سعر الأوقية مستوى 4000 دولار، مدعوماً بتوجهات السياسة النقدية للفيدرالي الأميركي، الذي يُرجح أن يُقدم على خفض الفائدة مرتين هذا العام، بالإضافة إلى تأثير سياسات الرئيس ترامب الاقتصادية، لا سيما المتعلقة بالديون السيادية.

ويتفق في هذه النظرة الصعودية مع الخطيب كل من "جولدمان ساكس"، و"جي بي مورجان"، و"بنك أوف أمريكا"، حيث يرون في الذهب فرصة استثمارية قد تتجه نحو مستويات غير مسبوقة خلال العام المقبل.