سجّل الجنيه السوداني تراجعًا غير مسبوق في السوق السوداء، مع بلوغه 3000 جنيه للدولار الواحد في مدينة بورت سودان، مقارنة بـ2600 جنيه فقط في بداية يوليو الجاري، بحسب ما أفاد به عدد من التجار المحليين الخميس، في ظل تصاعد وتيرة الطلب على العملات الأجنبية لتمويل الواردات الأساسية من الغذاء والوقود والدواء.
حرب مدمرة ومؤسسات منهارة... ومواطن يتحمل الثمن
منذ اندلاع القتال في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دخلت البلاد في دوامة اقتصادية حادة، أدت إلى انهيار كامل لمؤسسات الدولة وتوقف مصادر الدخل الرئيسية، ما جعل السودان أكثر اعتمادًا على السوق الموازية في تداول العملات.
وقبل اندلاع الحرب، كان سعر صرف الجنيه السوداني مستقراً نسبياً عند حدود 500 جنيه للدولار، إلا أن التطورات الأمنية والشلل الاقتصادي أطاحا بأي قدرة على الاستقرار النقدي.
تضخم خانق والأسعار ترتفع يومًا بعد آخر
بحسب بيانات رسمية، بلغ معدل التضخم في السودان 105%، إلا أن تقديرات مستقلة تؤكد أن النسبة الحقيقية أعلى بكثير، مع ارتفاع متسارع في أسعار السلع الأساسية، حتى تلك المنتجة محليًا.
مواطنة من ود مدني: "نخسر كل شيء"
في ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، عبّرت الموظفة الحكومية آمنة حسن عن معاناتها قائلة: "في كل مرة يرتفع فيها الدولار، ترتفع الأسعار... حتى الخضروات أصبحت صعبة المنال، ورواتبنا تفقد قيمتها أسبوعًا بعد أسبوع".
شح حاد في النقد الأجنبي وفقدان مصادر التمويل
قال الخبير الاقتصادي هيثم فتحي لوكالة فرانس برس إن "المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية جفّت بالكامل بسبب الحرب"، مشيرًا إلى خسارة القروض الدولية والودائع الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج وإيرادات نقل النفط، وكلها كانت تشكّل دعائم رئيسية للاقتصاد السوداني الهش أصلًا.
وعلى الرغم من إعلان سعر صرف رسمي عند 445 جنيهًا للدولار، فإن سيطرة البنك المركزي أصبحت شبه معدومة في ظل انهيار النظام المالي والمصرفي، ما اضطر ملايين المواطنين للتعامل مع الصرافين غير الرسميين.