شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هجومًا لاذعًا على رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، واصفًا إياه بـ"الأحمق" الذي تسبب بإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة للغاية، معلنًا في الوقت ذاته أن باول سيغادر منصبه خلال ثمانية أشهر، رغم أن ولايته تنتهي رسميًا في 15 مايو المقبل.
موعد رحيل رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول
قال ترامب خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، اليوم الثلاثاء، أثناء لقائه مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور: "أعتقد أنه قام بعمل سيء، لكنه سيخرج قريبًا على أي حال.. في غضون ثمانية أشهر، سيغادر"، ولم يُوضح ترامب سبب تحديد هذا الإطار الزمني، رغم أن باول أكد مرارًا أنه لن يتنحى قبل انتهاء ولايته.
ويأتي تصريح ترامب في سياق هجماته المستمرة على باول، والتي ازدادت حدّة في الأشهر الأخيرة بسبب عدم خفض أسعار الفائدة، وهي سياسة يعتبرها ترامب ضرورية لدعم الاقتصاد الأمريكي، كما صعّدت إدارته من الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا، بما في ذلك فتح مراجعة لتجديد مبنيين تابعين للبنك في واشنطن، يتهمهما البيت الأبيض بأنهما فخمان بشكل غير مناسب، وهي اتهامات رفضها الفيدرالي بشكل قاطع.
وكرر وزير الخزانة، سكوت بيسنت، في نفس الاجتماع، مطالبته بتحقيق داخلي كبير في ما وصفه بتوسع بنك الاحتياطي الفيدرالي في مهامه ونفقاته، متسائلًا عن جدوى تجديد المباني ومخصصات البنك غير المرتبطة بالسياسة النقدية.
مخاوف من تقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي
تصريحات ترامب وبيسنت أثارت موجة من التحذيرات بين خبراء الاقتصاد والمراقبين الماليين، وسط تخوف متزايد من أن تؤدي الضغوط السياسية إلى تقويض استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما قد ينعكس سلبًا على مصداقيته في الأسواق.
وقال يان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في "جولدمان ساكس"، في مذكرة بحثية: "هناك دلائل في الأسواق على أن الخطر الذي يهدد استقلالية الفيدرالي آخذ في الارتفاع"، مشيرًا إلى ارتفاع توقعات التضخم على المدى الطويل كما تقيسها مقايضات التضخم الآجلة.
وأضاف: "أي زيادة أخرى في تلك التوقعات قد تجعل مسؤولي الفيدرالي أكثر ترددًا في تبني سياسات تيسيرية".
وأشار تقرير صادر عن "باركليز" إلى أن محاولات إدارة ترامب دفع الفيدرالي إلى موقف أكثر مرونة لا تبررها المؤشرات الاقتصادية الحالية، محذرًا من أن هذه الضغوط قد تؤدي إلى ارتفاع الفائدة طويلة الأجل والتضخم، وبالتالي إلى سياسة نقدية أكثر تشددًا مستقبلًا.
الفائدة والتضخم تحت المجهر
رغم هذه الضغوط، من المتوقع أن تُبقي لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها المرتقب، مع بقاء المعدلات بين 4.25% و4.50%، بانتظار تقييم مستجدات التضخم وسوق العمل، في ظل تأثير محتمل للرسوم الجمركية التي تلوّح بها إدارة ترامب على الأسعار.
من جانبه، أصر ترامب على موقفه بشأن تخفيض أسعار الفائدة، قائلًا: "يجب أن تكون أقل بثلاث نقاط مئوية مما هي عليه الآن.. اقتصادنا قوي جدًا الآن، لكنه يُعاني بسبب هذا الرجل الأحمق الذي يبقي الأسعار مرتفعة جدًا، وربما يفعل ذلك لدوافع سياسية".
أزمة عقارية وتكلفة الرهن
شهدت أسعار الرهن العقاري ارتفاعًا حادًا رغم قيام الفيدرالي بخفض الفائدة في العام الماضي، في ظل مخاوف الأسواق من السياسات الاقتصادية المقترحة من قبل إدارة ترامب، والتي تزيد الضغوط على عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
وفي ختام الاجتماع، أطلق وزير الخزانة بيسنت تحذيرًا جديدًا حول توسع دور بنك الاحتياطي، معتبرًا أنه انحرف عن مساره الأساسي، مضيفًا: "إنهم ينفقون بشكل غير مبرر، ويبنون مقرات ضخمة.. عليهم العودة إلى مسارهم".
يُذكر أن جيروم باول، الذي عيّنه ترامب في الأصل عام 2018، أصبح منذ ذلك الحين خصمًا بارزًا للرئيس في قضايا السياسة النقدية، ما يشير إلى أن المواجهة بين الطرفين مرشحة للتصعيد خلال الأشهر المقبلة.